قمة المأساة أن تشاهد طفلك يموت كل يوم أمام عينيك نتيجة سوء تغذية حاد، وأنت تقف أمامه عاجزا عن إنقاذه من موت محقق، وقمة السعادة أن تجد من يمد يده إليك في لحظة يأس كهذه، ويعيد الروح إلى فلذة كبدك. هذه هي حكاية "قائد" من أبناء محافظة لحج، فبعد أن أغلقت في وجهه كل الأبواب لإنقاذ حياة طفله الرضيع "كهلان"، وجد باب (CSSW) مفتوحا إلى عالم الحياة، وها هي أم كهلان تحتضن صغيرها بين ذراعيها وتقبله، وكأنه ولد من جديد. كان كهلان -عمره خمسة أشهر- يعاني من الجوع والمرض، وانعكس ذلك على جسمه الهزيل، ووالده فقير وعاطل عن العمل، ويقطن في منطقة نائية بمديرية المسيمير، تفتقر إلى المرافق الصحية، وطرقها وعرة، مما يجعل السير إلى أقرب مرفق صحي معركة تكلف الكثير. استسلم قائد للأمر الواقع، وكل المؤشرات أصبحت تشير إلى هلاك طفله، وفجأة سمع مناديا يقول إن عيادة طبية متنقلة وصلت إلى جوار قريته "شعب احذور"، لتقديم خدمات طبية، فهرع إليها حاملا كهلان على كتفه، وإذا بسيارة فريق طبي تابع لمشروع تكاملي تنفذه CSSW هناك لتقديم الواجب الإنساني. أظهر الفحص الأولي لكهلان وجود ضعف شديد، فوزنه بالكاد يصل إلى 5 كيلوجرامات، ولابد إذن من خضوعه لبرنامج غذائي ومتابعة مستمرة من قبل الفريق الطبي ومتطوعة صحة المجتمع في المنطقة.وخلال ثلاثة أشهر من المتابعة الغذائية، تعدى كهلان مرحلة الخطر، ووصل وزنه إلى 8 كيلوجرامات، وكانت السعادة والفرحة العارمة تغمر قائد وزوجته عندما أعلن فريق العيادة المتنقلة العلاجي أن كهلان تماثل للشفاء التام. التدخل المناسب حكاية كهلان مجرد قصة واحدة من قصص كثيرة شملتها الرعاية الصحية ل CSSW، حيث تمثل الرعاية الصحية للمجتمع جزءا مهما من أهدافها. وعندما تندلع الحرب في بلد، تحل الكوارث والأمراض، وتزداد المعاناة وتزداد حاجة الناس إلى من يقف إلى جانبهم ويخفف من أوجاعهم، ولهذا تدخل المشروع التكاملي متعدد القطاعات- لحج، في مديريتي "المسيمير، والملاح"، بمحافظة لحج. تدخل المشروع التكاملي الذي مولته ( OCHA ) "الأوتشا"، ونفذته (CSSW) بالشراكة مع مؤسسة "فورهيومن" للتنمية، وقدم مساعدات متعددة القطاعات (المياه والإصحاح البيئي، الصحة والتغذية) للمجتمعات المحلية التي تعاني من نقص التغذية. وتضمنت المكونات القطاعية للمشروع معالجة سوء التغذية الحاد والمتوسط، وتدخلات المياه والإصحاح البيئي، والرعاية الصحية الأولية والصحة الإنجابية، واستمرت خلال 12 شهرا، وتحديدا من أغسطس 2017 وحتى يوليو 2018. وتكمن أهمية المشروع أنه جاء في وقت يجمع العالم فيه على أن الحرب المستمرة في اليمن منذ سنوات، خلفت ظروفا صحية متدهورة، وأن الوضع الصحي في اليمن يسير نحو الانهيار، وأصبحت معظم المرافق الصحية غير قادرة على تقديم الرعاية الصحية. 94021 مستفيدا قدم المشروع التكاملي بتمويل من (OCHA) "الأوتشا"، عدة خدمات في مديريتي "المسيمير، والملاح"، ومنها الخدمات الطبية، وهي خدمات في مجال معالجة سوء التغذية، والرعاية الصحية الأولية والصحة الانجابية من خلال دعم 9 مرافق صحية ثابتة لمدة 10 أشهر. وتمثل الدعم في دفع حافز شهري للكادر المتفق عليه بإجمالي 27 عامل صحي، إضافة إلى تزويد المرافق بالأدوية والمستلزمات الأساسية، بالإضافة إلى تسيير عيادتين متنقلتين -عيادة في كل مديرية- لتغطية الاحتياجات. وبلغ إجمالي عدد المستفيدين من تقديم هذه الخدمات 94021 فردا، منهم 566 طفلا تم شفاءهم من سوء التغذية الحاد الوخيم، و1597 طفلا تم شفاءهم من سوء تغذية الحاد والمتوسط، بينما استفادت من جلسات المشورة التغذوية 5635 امرأة. وكان عدد المستفيدين من خدمات الرعاية الصحية الأولية 62343 فرد، بينما بلغ عدد النساء المستفيدات من خدمات الصحة الإنجابية 5867 امرأة، وعدد الأطفال المستفيدين من التحصين 1467 طفلا. تأهيل المنشأت الصحية ومصادر ومرافق المياه والإصحاح ولم تكن خدمات المشروع التكاملي في المديريتين المستهدفة خلال فترة المشروع مقتصرة على الخدمات الطبية، بل تضمنت تدخلات المياه والإصحاح البيئي، حيث تم تأهيل مرافق المياه والإصحاح في 6 من المرافق الصحية المستهدفة (5 مرافق في مديرية الملاح – 1 مرفقاً في مديرية المسيمير) استفاد منها 17500 فرداً. وجرى تطبيق منهجية الإصحاح الكامل بقيادة المجتمع CLTS في 120 قرية مستهدفة، وتم تنفيذ المنهجية بنسبة نجاح وصلت إلى 100%، بالإضافة إلى تنظيم 8 ورش عمل تدريبية لعدد 240 مشاركا من القادة الطبيعيين عن تقنيات الحشد المجتمعي. كما تضمنت تدخلات المياه والإصحاح البيئي، تأهيل وتحسين مصادر المياه في 120 قرية مستهدفة استفاد منها 45.000 فردا. وتوزيع 1500 حقيبة نظافة أساسية للأسر التي تعاني من سوء التغذية. وتوزيع ألف حقيبة إصحاح للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وتوزيع 500 فلتر تنقية مياه الشرب للأسر التي تعاني من سوء التغذية. وقدم المشروع التكاملي متعدد القطاعات- لحج، بالشراكة مع (OCHA) "الأوتشا"، أنشطة التوعية المجتمعية، واستفاد من هذه الأنشطة 86393 فردا، وشملت 1795 جلسة توعية وتثقيف تم تنفيذها من خلال 40 من متطوعات صحة المجتمع، بالإضافة إلى (8320) زيارة منزلية لمعززي النظافة. ونفذت أيضا 17 دورة تدريبية في بناء القدرات استفاد منها 437 متدربا. لقد نجح المشروع في تعزيز النظام الصحي في المديريتين المستهدفة، وساهم في تخفيف معاناة الآلاف من المواطنين الذين يعانون اليوم من تفاقم الأوضاع الصحية جراء الحرب، واستحق فريق إدارة المشروع التكريم من فرع (CSSW) في محافظة لحج لتميزهم في تنفيذ برنامج المشروع.