بحضور جمع غفير من أبناء الجالية اليمنية بمصر؛ أقيمت مساء الأمس الخميس في أتيليه القاهرة احتفائية أدبية لمناقشة كتاب تعز الثقافة والتغيير للدكتور سلطان عبدالعزيز الشيخ المعمري أستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة تعز. قدم للاحتفائية الأديب المصري عيد عبدالحليم الذي أعطى ملمحا موجزا عن الكتاب وعن المؤلف مبينا أهمية صدور مثل هذا الكتاب في وقت يشار فيها إلى محافظة تعز كأيقونة ثورة ودوحة فكر وفن.
الدكتور سلطان المعمري الذي بدأ الاحتفائية بتقديم فكرة موجزه عن كتابه المذكور؛ أعلن في مفتتح مشاركته عن تضامنه الكامل مع مدينة تعز لما تتعرض له من مؤامرات تسعى لتفتيت أواصر المدنية فيها مؤكدا أن هذه المؤامرات في نهاية المطاف لن تضفر بطائل، لأن تعز ليست حالمة فقط وإنما حاسمة أيضا، كما أنها كانت وستظل بوابة التغيير في أي حركة تغييرية داخل اليمن، فكل الثورات اليمنية مرت من بوابتها سواء ضد الوجود العثماني او البريطاني وصولا إلى الثورات اليمنية الحديثة في 1948 و1955 و1962 و 1963 و 2011 حيث شكلت تعز في كل هذه الثورات خارطة طريق، ولولا التآمر الذي يدور عليها اليوم لكانت القضية اليمنية قد وصلت إلى بر الأمان. وأضاف المعمري: لقد عُرفت تعز على مدى تاريخها الطويل بأنها محضن التعايش بين مختلف التوجهات الفكرية والدينية والسياسية، وبأنها ولادة للعلماء والقادة والمفكرين والأدباء ورواد الفن في مختلف تجلياته. وأكد أن هذا الكتاب يأتي محاولة جادة لتوثيق النضالات الوطنية وتسجيل الأدوار المحورية لعدد ممن أنجبتهم هذه المدينة كالنعمان والحكيمي وعبدالرقيب نعمان وغيرهم. وأنه أي الكتاب خطوة مهمة في طريق تدوين وتوثيق حركات التغيير في اليمن ككل، داعيا المؤرخين اليمنيين أن يكملوا هذا المشوار فيما يخصُّ مدنهم ومحافظاتهم وصولا إلى موسوعة يمنية تاريخية شاملة لكل حركات التغيير ومستقصية لكل الفاعلين فيها. الدكتور مبارك سالمين رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أشار في مشاركته إلى أن تعز مثلت في تاريخ التحرر الخندق المشترك الذي وقف فيه شمال اليمن مدافعا عن جنوبه وجنوبه مدافعا عن شماله ووقف فيه اليمن كله مدافعا عن اليمن كله، فهي بذلك عافية الجنوب والشمال. مشيرا إلى أن صدور هذا الكتاب وفي هذا الوقت بمواضيعه المعمقة يؤكد أن تعز ليست مدينة ولكنها عقيدة سياسية للثورة ورافعة مهمة من روافع التحديث. مؤكدا الحاجة الملحة إلى مثل هذا الكتاب في علم التاريخ النقدي الذي يساير الأحداث ويواكبها خطوة خطوة بموضوعية واحترافية علمية عالية بعيدا عن التأثر والانفعال. ومن جهته بدأ الشاعر المعروف علوان الجيلاني مشاركته بتساؤل: متى نوثق تاريخنا على هذا النحو الذي سار عليه هذا الكتاب؟ مجيبا على هذا التساؤل بأن تتابع الأحداث في هذه المدينة كان وسيظل هو الباعث للكتابة التاريخية التوثيقية وكان آخر هذه الأحداث مجريات ثورة فبراير 2011. مشيرا إلى أن في الكتاب اشتغالات محكمة في توثيق الأسر والبيوت وحفر معرفي مضن أبرز الأدوار المتشعبة لتعز في السياسة والفكر والتعليم وفي المجالات الخدمية المختلفة، وقد قام الكتاب في جزء كبير منه على تقنية السرد وهي طريقة جميلة في تخفيف جفاف المادة التاريخية، كما حضر فيه البعدان المكاني والإنساني للمدينة من خلال إبراز الحراك الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وتشابك كل ذلك مكونا حالة متفردة من الحضور والفاعلية. وقد اختتم هذه الاحتفائية النقاشية الدكتور مرشد شمسان أستاذ التاريخ بكلية آداب جامعة عدن الذي يرى في الكتاب منجزا أكاديميا متميزا ينبغي التأسيس عليه في استقصاء تاريخ المدينة بجميع جوانبه حيث لا يزال هناك الكثير والكثير من الرموز الكبيرة التي غابت عن الكتاب وينبغي أن تأخذ حقها في الرصد والتوثيق إكمالا لهذا المنجز الرائع. وعلى الرغم من ان الكتاب احتفى بالأحزاب السياسية التي ولدت في أحضان هذه المدينة إلا أنه لم يشر بحسب شمسان إلى أي من البرامج السياسية لهذه الأحزا وهو نقص القادرين على التمام. وفي الختام فتح باب المداخلات والنقاشات التي شارك فيها عدد من الحاضرين إثراء لهذه الاحتفائية التي انتهت بتوقيع المؤلف للكتاب في جو ثقافي بديع. يشار إلى أن الكتاب صدر قبل أسابيع عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر في القاهرة.