والتدمير على صالح مكشوف من كل الجهات يواجه شعباً ثائراً بجملة من الأكاذيب
أثبت علي صالح للعالم ولكل المراقبين والساسة والمحللين والإعلاميين من أنه رجل لا يحظى بالمصداقية وأن تاريخ حكمه لليمن يزخر بسفر هائل من الأكاذيب والمواعيد والوعود والعموميات والتمزقات والعنف والقتل وإذكاء الحروب والنزاعات وإشعال الأحقاد والضغائن بين مكونات المجتمع اليمني المدني والقبلي والحزبي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، ففي الوقت الذي ذهب فيه بعض المراقبين والمحللين أن الرجل قد يحفظ لنفسه ذرة من احترام لدى الناس بإعلان التنحي وترك السلطة للشعب اليمني ليقرر مصيره في دولة مدنية تعيد لليمنيين الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية والديمقراطية الحقة التي حرم منها الشعب اليمني خلال ثلاثة عقود ونيف من السنين ، إلا أن علي صالح لم يعلن التنحي في خطابه السمج بمناسبة العيد 49 لثورة 26 سبتمبر، كما كان يتوقعه البعض في الداخل والخارج ليغدو الرجل عار من كل شيء بعد أن تساقطت عنه كل الأوراق التي كان يحاول دوماً أن يستر نفسه بها ليغدو مكشوفاً من كل الجهات بعد أن أعلن عن نواياه المعروفة تجاه الشعب اليمني ، ولأننا نحن اليمنيين على دراية بالرجل الذي حكمنا 33 عاماً فلم يكن أحد يعول بصراحة على ذلك ، لكون اليمنيين يعرفون طبيعة الرجل وشخصيته المراوغة والمخادعة والكاذبة والمزاجية والمترددة وغير الواثقة بنفسها ناهيك عن افتقاده بثقة من حكمهم ذات يوم حيث لا تستقر على وعد وموعد ، ليكشف في خطابه المتلفز أنه على ذات الشاكلة وعلى ذات الطبع وأنه لم يستفد من دروس الأيام ولا من غيره من الحكام الذين سقطوا في الربيع العربي ، وكما توقعت وذهب الكثير من اليمنيين أن علي صالح عاد من المملكة العربية السعودية لا ليحمل غصن الزيتون كما قال افتراءً وكذباً وزيفاً وتضليلاً، لكنه عاد وقلبه يكتظ بالحقد على الشعب ، ولديه مخطط تدميري ضد شعبه الثائر على نظامه الفاسد والقمعي والذي ظل يدير اليمن بالأزمات ، ويؤكد ذلك تفاقم أعداد الشهداء والجرحى في ساحة التغيير بصنعاء إضافة إلى تصاعد وتيرة الحرب الذي تشنها عائلته على مناطق ثائرة في اليمن مثل أرحب وأبين وتعز وصنعاء في محاولة لكسر ثورة الشعب اليمني ، لذا كان خطابه عادياً ومستفزاً ويحمل في طياته نوايا تصعيدية رغم ترديده مصطلحات للانتخابات والحوار والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والدستور والقانون والمبادرة الخليجية ، بينما هو ينتهك كل ذلك ويسحقها ويختزلها لصالحه الخاص ، فقد بلغ درجة استخفافه بشعبه وحتى بدول الخليج ودول العالم إعلانه في خطابه الأخير أنه مستعد للتوقيع على المبادرة الخليجية وملتزم بها وفي نفس الخطاب يرفض التوقيع عليها ويحيل الموضوع إلى نائبه المفروض هو الذي يدير البلاد في هذه الأيام ، ويتعامى عن تنفيذ أول شرط من شروط هذه المبادرة وهو إعلانه التنحي عن السلطة وتسليمها لنائبه ، لذا نقول لدول العالم ودول الخليج أن الشعب اليمني يعرف التاريخ الأسود لعلي عبدالله صالح فإن أعلن الحوار فنعلم انه لا حوار وإن أعلن انتخابات تنافسية وشريفة فتكون أقذر انتخابات تفتقد للشفافية والمصداقية ومن طرف واحد ، وإن تحدث عن السلام فاعلم أنها الحرب، وإن أعلن تصالح مع القوى السياسية فاعلم أنه تمزيق وتدمير لهذه القوى ومحاولات اغتيال لها وإثارة المشكلات بينها ، وإن دعا القبائل اليمنية للتصالح فيعلم الشعب اليمني أن حرباً ودسائس تبدأ بين القائل يقودها هو شخصياً وأتباع نظامه وعائلته ، فالشعب اليمني وقواه الحية يعرف كذلك كيف تسير الانتخابات والحوارات وكيف يسيّر علي عبدالله صالح الدستور والقانون وبالتالي كان خطابه عاديا ومألوفا فهو خطاب عقيم لا يوجد به دلالة على مصلحة وطنية عليا لليمن ، بقدر ما يمتلئ حرصا ومصلحة على بقاء حكمه الأسري على الشعب اليمني الثائر ضدها بعد أن اكتوى بنارها 33 عاما من القتل والإجرام والنهب والفيد والتمزق والاقتتال والأزمات والإفقار والتجويع وبيع سيادة الوطن والتلاعب بمقدرات الشعب ونسف المواطنة المتساوية والعبث بثروات المواطن والوطن ، فهو يخطب باسم الشعب والشعب منتفض في كل الساحات ضد حكمه البائد ، ويخاطب الجيش والأمن ولم يتبق له منه سوى من هم مكلفون بحماية عائلته أو ممن اشتراهم من المال العام من البلاطجة والقتلة والمجرمين ، كما أنه يصف الشباب اليمني الثائر بالمغرر بهم ويتحدث عن الشباب اليمني فلا ندري أي شباب يخاطب وأي بلد يخطب فيها هذا الرجل الذي افتقد للمصداقية ودخل فيما يمكن أن نسميه بجنون العظمة والفنتازيا .. وتحدث عن الحادث الإجرامي (النهدين) الذي تؤكد التقارير أنه يأتي ضمن تمزق وصراعات عائلية على كرسي الحكم ، ولم يشر إلى الجرائم التي ترتكبها قواته وقوات أبنائه وجهلته من قتل هو الأفظع وحشية في تاريخ القمع العربي ، من حيث استخدام نوعية الأسلحة ضد المتظاهرين سلميا ، وتناسى الرجل جميع المجازر في حق الشباب السلمي ... وترحم على الشهيد عبدالعزيز عبدالغني وتناسى بقية الشهداء ، إضافة إلى أنه لم يخجل بدعوة قيادات أحزاب المعارضة والقوى المنظمة إلى الثورة أن يكونوا الصفوف الأولى ، وحرسه العائلي يقوم بأعمال إجرامية قتلا وسفكا للدماء في الساحات واغتيالات لهم وتصفيتهم ، كان هناك ممن كان يعول على خطاب علي صالح أنه سيكون خطاب تنحي لكنه كان خطاب استكبار وغرور وخطاب إصرار على الحرب والتدمير ، الأمر الذي سيدفع الشعب اليمني إلى المزيد من الصمود في الساحات حتى يتمكن الثوار من الوصول بثورتهم إلى أهدافها الرئيسية من خلال الحسم الثوري المتصاعد بالساحات. لقد كان خطابه مخيباً لآمال اليمنيين وأحلامهم وأشواقهم في أن يرحل علي عبدالله صالح بنظامه الذي أدار البلاد خلال 33 عاما بالأزمات والفوضى ، لكن الرجل لا يزال يقامر ويراهن على بقاء عائلته بالحكم رغم أنه لم يعد يملك من العاصمة سوى مديرية السبعين وأن الشعب اليمني اليوم يرفضه ويرفض نظامه وأن الدماء التي سفكت لن تذهب هدرا والشعب اليمني ماضٍ في ثورته حتى رحيل نظامه العائلي ، وأن خطابه الأخير كان موجهاً لشعب مفترض في عقليته وليس الشعب اليمني الثائر، فسقوط نظام هذا الطاغية بات قدريا ووشيكا وأن عودته ليس إلا محاولة لإنقاذ ما تبقى من نظامه المتداعي والمنهار ، بينما ينظر الشعب اليمني الثائر أن عودة هذا الرجل ليس إلا استجابة لمطلبهم في القبض عليه وتقديمه للمحاكمة العادلة ، أمام عدالة الدولة المدنية القادمة بإذن الله .