[email protected] التشبث بكرسي الحكم سبب الكوارث التي حلت بأمتنا, فمن أجل البقاء علي كرسي السلطة تم التفريط بالسيادة الوطنية, بددت ثروات الأوطان, أهدرت أموال وإمكانات البلاد لتأمين الحاكم وديمومة استمراره على الكرسي وورثته من بعده, تم إطلاق حبل الفساد على الغارب لكسب ولاء أصحاب المصالح والنفوذ, وحتى برامج التنمية لاينفذ منها إلا ما يذر الرماد في العيون لإسكات الأصوات التي تطالب بالقضاء علي التخلف ... خلال قرن مضى حكمتنا أنظمة مستبدة في عالمنا العربي بصورها الملكية والجمهورية لايترك فيها الحاكم الكرسي إلا ميتا أو مطرودا,يساعده متزلفون يجاملونه فيزعمون أن بقاءه على رؤوس الناس ليس لمصلحته, وإنما من أجل الشعب الذي يتوهم أنه يطعمهم من جوع, ويؤمنهم من خوف, وأن تركه للسلطة لايعني سوى الدمار والحرب والإقتتال اليمن جزء من الوطن العربي الذي مازال يعاني من الاستبداد والتخلف والفساد,والتشبث بكرسي الحكم يعتبر العائق الأساس الذي يمنع إنطلاقه نحو الحرية والحياة الكريمة, وثلث قرن من حكم صالح ذهب في أزمات وحروب وفتن حالت دون اللحاق بركب العالم الناهض,وما تزال اليمن تصنف ضمن الدول الفاشلة والأكثر فسادا, والأكثر فقرا رغم إنتاج النفط وتعدد الثروات, ولم تصدق كل الوعود التي قالها الرئيس بأنه سيتخلى عن السلطة التي من المفترض أن يكون قد رتب لانتقالها سلميا وبدون حروب وبدون تأزيم, وحتى يخرج منها محفوفا بحب اليمنيين وتقديرهم بدلا من القمع والقتل والتعذيب والعقاب الجماعي الذي لن يحول دون التغيير وتحقيق مطلب الشعب اليمني في الحياة الحرة الكريمة (في أكتوبر العام الماضي قدمت لجنة الأربعة (هادي والإرياني وياسين والآنسي) خارطة طريق للخروج من كل الأزمات التي صنعها النظام, لكن الرئيس رفضها لأنها لم تتطرق للتمديد لبقائه في الحكم؛ ومن ثم توريثه لولده من بعده,حينها لم يطلب أحد من الرئيس أن يترك السلطة قبل 2013 أغلق الرئيس باب الحوار بدون أي سبب مقنع ومضى يرتب لتأبيد الحكم وتوريثه، بل تحدى المعارضة أن تنزل الى الشارع, وبدأت الاعتصامات في مجلس النواب,لم يفهم النظام الرسالة فأعلن عن قلع العداد وانقلب على الدستور, وفي 1/1/2011صوتت كتلة المؤتمر الشعبي على السير في تعديل ستين مادة من الدستور تسمح للرئيس أن يظل رئيسا مدى الحياة ؛حينها بدأ الرفض الشعبي يتصاعد وخرجت الجماهير في مهرجانات جماهيرية حاشدة في كل المحافظات تعلن رفضها العودة للحكم الملكي, فهرع الرئيس إلى مجلس النواب ليعلن أنه لاتمديد ولا توريث, لكنه لم يسحب مشروع التعديلات الدستورية ولم يلغ الإجراءات الانفرادية, فطالبته الجماهير أن يثبت مصداقيته بإبعاد أولاده وأولاد أخيه عن المواقع العسكرية والأمنية, لكنه لم يفعل وظن أنه سيستمر بالهروب للأمام حتى تهدأ الاحتجاجات، لكن هذه المرة كان الشعب قد ضاق ذرعا فأعلن ثورته التي لاتقبل بأقل من التغيير,ومع الأسف أن النظام مضى في سياسة القمع والقتل التي زادت الساحات حماسا وتصميما, حتى جاءت جمعة الكرامة 18 /3/2011فكانت المذبحة البشعة التي ذهب ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا في ساحة التغيير بصنعاء, إضافة إلى مئات الجرحى, فاهتز وجدان الشعب اليمني, وحدث الزلزال العنيف الذي دفع الرئيس لتقديم مبادرة لخروجه من السلطة واشترط أن يخرج معه اللواء علي محسن الذي أعلن انضمامه للثورة فوافق على طلبه, لكن الرئيس تراجع, ثم جاءت مبادرة العلماء, ثم مبادرة أحزاب المشترك, ثم المبادرة الخليجية التي سعى بنفسه إليها, لكنه رفض كل المبادرات لأنها جميعا تقضي بتنحيه عن السلطة,وهو ما لا يقبل به, ومازال يتجه نحو الإعداد للحسم العسكري, ولعل دماء الشهداء, وأنين وعذابات الجرحى, ودعوات المظلومين, تمنع عنه التوفيق وتحول دون خروجه المشرف الذي يرجوه. ومع وصول ملف اليمن الى مجلس الأمن وهو ماكنا نتمنى أن لا نصل إليه وأن يحل اليمنيون قضيتهم بدون تدخل الآخرين. يحاول الرئيس أن يكسب الوقت بالوعد بتسليم السلطة بعيدا عن المبادرة الخليجية,والتشبث بالكرسي إلى آخر رمق, ولم يعد ذلك ممكنا بعد الوعود الكثيرة والمتكررة التي لم تصدق مرة واحدة حتى أفقدت الشعب اليمني وجميع القوى السياسية الثقة بالنظام ووعوده, وإذا لم يتدخل الأشقاء والأصدقاء للضغط لتنحي الرئيس بدون المزيد من التضحيات,وإنهاء هذا الفصل الشديد والصعب من حياة اليمنيين فليس أمامهم غير التصعيد السلمي لثورتهم لتبلغ أهدافها وتحقق غاياتها في إقامة دولة العدل والمساواة, دولة النظام والقانون, دولة المؤسسات, التي تمنع الاستبداد والطغيان, يصبح فيها الحاكم خادما للشعب, لاسيدا عليه, يؤدي مهمة مؤقتة, ووظيفة محددة, يتفرغ خلالها لخدمة الشعب, وليس الانكباب على تأبيد حكمه وتوريثه من بعده, ويقولون: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا.