لم تكن ثورة 26 سبتمبر رغبة أفراد يريدون مجرد الوصول إلى السلطة ، و لا طموح بعض ضباط من العسكر يطمحون للقفز على الحكم، و لا كانت مخطط استخبارات لدولة استعمارية تريد مد نفوذها، و إنما كانت فريضة شرعية، و ضرورة إنسانية ، وهدفا وطنيا ملحا. أما كونها فريضة شرعية؛ فلأن الظلم و البطش و التنكيل، و امتهان الإنسان من قبل الحكم الإمامي الكهنوتي السلالي ممن هم أسلاف الحوثي كان قد تجاوز الحد. فساحات الإعدامات ظلت تقطف رؤوس الأحرار ظلما و عدوانا أو كما قال الشهيد الزبيري :
فن من البطش و التنكيل مبتكر خليفة الله للأجيال أهداه
كان سيف الإمامة يعمل في رقاب الأحرار، و كانت السجون و المعتقلات يكتظ بها الأحرار ، و كانت يد الإمام تمتد بالنهب و السلب إلى أموال الناس و جيوب المواطنين بشتى مسميات الجبايات و المكوس لمصادرة لقمة الفقير من فمه .
و مثلما كانت تفعل الإمامة من بيت حميد الدين، اليوم تفعل الشيء نفسه الإمامة الحوثية. الإمامة الحوثية اليوم، تنهب رجال الأعمال، و تنهب الشركات، و تنهب البنوك، و تنهب التجار الصغار، و تنهب العمال و الزراع، و تنهب المرتبات، و فوق كل ذلك تنهب موارد الدولة ؛ لتتحول هذه المنهوبات إلى ألغام و يجون للمواطن، و قصور و فلل لحاشية الحوثي و عكفته و مقربيه من السلالة . و يتم النهب لكل شيئ تحت عنوان المجهود الحربي.
هل الفلل الباذخة و الا9براج السكنية الشاهقة، و القصور الفارهة، التي تبنيها أسرة الإمامة الحوثية، و شلّة المشرفين في العاصمة صنعاء مجهود حربي أيضا؟
جاءت ثورة 26 سبتمبر وليس في اليمن مدرسة واحدة، و ليس في البلاد طريقا ممهدا بين المحافظات، و ليس هناك شارعا واحدا مرصوفا في أي مدينة.
لم يكن في عهد الإمامة المتوكلية التي تقتفي أثرها الإمامة الحوثية اليوم مسمى طبيب ، لن تجد طبيبا يمنيا واحدا في أي مديربة، بل في أي محافظة؛ بل في طول اليمن و عرضها. و اسألوا آباءكم و أجدادكم .
قامت ثورة 26 سبتمبر و ليس في اليمن أي منتج من منتجات الحضارة في متناول يد المواطن .
و الإمامة الحوثية اليوم هي الوجه الثاني للإمامة المتوكلية، أسقطت ثورة 26 سبتمبر بيت حميد الدين، و سيسقط أبناء ثورة 26 سبتمبر بيت بدر الدين. فبيت حميد الدين، و بيت بدر الدين من طينة واحدة.
* الإمامة خرافات تتكرر، و أساطير تتدسس، من ذلك أنهم يردّون قول الله عز وجل( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، يرفضون هذه المساواة التي قررها الله جل و علا ، ثم يزعمون أنهم فوق كل البشر قدرا و خاصية . و تلك من خرافاتهم من أيام الإمام يحيى بن الحسين الرسي الذي زعم لنفسه و لذريته من بعده أنهم سادة و سواهم عبيد، و ليس للآخرين أدنى نصيب من قدر أو شرف، فبالله عليكم أين هم من قول الله( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )؟ و من خرافاتهم عندما سئل عبدالله بن حمزة السفاح؛ هل يجوز إذا وجد الرجل الكفؤ المؤهل من اليمنيين أن يلي الحكم ، فرد الطاغية بالقول لا يجوز ذلك مطلقا ، و إذا وجد من يدّعي ذلك من اليمنيين تنزع لسانه من فمه. ثم أضاف: هل يستوي الدرّ و البَعَر؟ فمثل نفسه و سلالته بالدرر و الجوهر ، و سائر الناس بالحجر و البعر . و من خرافات الإمامة الحوثية اليوم أنهم يسمون أنفسهم : قرناء الكتاب ، أي القرآن، و يسمون طاغيتهم حسين الحوثي: القرآن الناطق . و لذلك كانت ثورة 26 سبتمبر 1962 م. فريضة شرعية و ضرورة وطنية و إنسانية للتخلص من الإمامة المتوكلية. و اليوم تمثل مواجهة الإمامة الحوثية نفس الفريضة و الضرورة، زد على ذلك ما تمثله الإمامة الحوثية من خطر على الأمن القومي العربي، و أنها مرتهنة للعنصرية الإيرانية التي تسعى لاستعادة الإمبراطورية الكسروية الفارسية.