"جواسيس الحارات" ظاهرة جاء بها الانقلابيون، تجندهم ميليشيا الحوثي للتنصت على المواطنين ومراقبتهم، وهم غالباً ما يكونون من أبناء الأسر المعروفة بولائها للحوثية، أو مجندين عاديين من الفقراء الذين تستغل جماعة الحوثي فقرهم وحاجتهم للمال، فتحولهم الى سهام مسمومة مصوبة نحو صدور ابناء حيهم وجيرانهم، وأهلهم مقابل حفنات من المال. استغلال المنظمات أكد كثير من المواطنين أن الميليشيات الحوثية قامت قبل رمضان بنشر جواسيسها على الأحياء السكنية والباصات والدراجات النارية، وذلك لقياس نبض الشارع ومعرفة المناوئين لها ولو بالكلام والبطش والتنكيل بهم، أو حرمانهم من مستحقاتهم كالمساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات، في وقت هم أحوج ما يكون الى تلك المساعدات في ظل الضائقة الشديدة التي يعيشها الناس خصوصاً في شهر رمضان المبارك. أفاد المواطن: ع. الصبري" 26 عاماً" للصحوة نت" بأن جارهم وهو أحد المشرفين التابعين للجماعة، بات يمر من أمام منزلهم بسيارته قبيل المغرب يومياً وينادي عليه ليسأله بعض الأسئلة "بطريقة بوليسية متشككة". وأضاف بأن الأسئلة تطرح بهذا الشكل: "اين كنت في الفترة الأخيرة؟، لنا فترة ما نشوفك!، فين تشتغل؟، ليش ماعد بنسمع عنك؟" ومن هذا القبيل. ويقول الصبري، بأن التكرار اليومي لهذه الأسئلة قد أصابه بالفزع والضيق، مضيفاً: "سؤال الجار عن جيرانه شئ محبب ومرغوب، لكن بالنسبة لنا، فجارنا ينظر الي على أنني صيد ومشروع ترقية له، بالذات أنني معروف بعدم موالاتي لهذه الجماعة وكرهي لها، ناهيك عن أن محافظة تعز التي أنتمي لها تمثل عقدة مزمنة للحوثيين".
سابع جار وفي ذات السياق، يقول المواطن ر. الحنشلي، 22 عاماً، "بأن المشرفين وعاقل الحارة التي يعيش فيها قد اصيبوا مؤخراً بالهوس والجنون، وأن تحركاتهم منذ بداية شهر رمضان تعكس كماً هائلاً من التوجس وعدم الأمان، "ولا أعرف ما السبب!... نحن نريد العيش بسلام وأن تتركنا هذه الوحوش في حالنا... وهم يصرون على أننا قنابل موقوتة قد ننفجر في وجوههم في اي وقت". ويضيف: "يومياً بعد العصر يأتي عاقل الحارة والمشرف الأمني للمربع "ابو ...." ويسألون عن فلان وفلان من شباب الحارة، وبصورة دائمة يسجلون كشوفات بأسم الشاب والأم والأب بحجة ان الرسول قد أوصى بسابع جار، وأنهم يعملون للمنظمات، وأحياناً يقولون أنهم يسجلون الأسماء للتاجر "ح م" الذي يقدم المود الغذائية للمحتاجين في رمضان، إلا أن هذه الحجج واهية لسببين: الأول أن اسماء المحتاجين موجودة مسبقاً في كشوفات التاجر، والثاني أنه ليست جميع الأسماء التي يقوم الحوثيون وأذرعهم بتسجيلها هي اسماء محتاجين، بل أكثرها اسماء لشباب من عائلات ميسورة الحال ولا تأخذ مساعدات سواء من التاجر أو من المنظمات".
تجسس طائفي أما "ف. البعداني"، 43 عاماً، فيمضي بالقول بأن الميليشيات شرعت بمراقبة المصلين في المساجد، وصار أعضاءها يحرصون على حضور الصف الأخير في الصلوات لأغراض استطلاعية طائفية، على حد قوله، كمراقبة من يضم يديه اثناء الصلاة ومن يقول "آمين" عقب الفاتحة، والدخول معهم في مهاترات بعد الصلاة لإستخراج الآراء والتوجهات المذهبية للمصلين. ويضيف البعداني: "سألتكم بالله هل هذا وقت الدخول في مناقشات وخلافات على الضم والسربلة والتأمين؟ ألا يشاهدون الناس في الشوارع سكارى من الجوع والفاقة؟ وفي الجولات المرورية ألا يستوقفهم العدد الهائل للمتسولين والأطفال والمشردين؟ هؤلاء القوم لا يستحون ولا يمتون للإسلام والمسلمين بصلة".
خرج ولم يعد من جانبهم، أفاد مواطنون في العاصمة صنعاء بأن الجواسيس الحوثيين قد انتشروا بكثافة في الباصات ووسائل النقل العامة لتصيد المعارضين والمتذمرين من الأوضاع المعيشية، وقال المواطنون بأن الجاسوس يبدأ بالشكوى من الفقر والحاجة ويستهل شكواه بقدح السلطات الإنقلابية بدون خوف، وبمجرد أن يؤيده شخص او أكثر يدخل معه في حديث مطول ينتهي بمعرفة اسمه وقبيلته ومحل عمله وسكنه من باب "التعارف"، ولا أحد يعلم بعدها مصير اولئك المعارضين، وفي الآونة الأخيرة تزايدت حالات الإختفاء الغامض لعدد من الأهالي آخرها إختفاء ضابط سابق في الحرس الجمهوري يسكن في حي مسيك، خرج بسيارته من المنزل قبل اسبوع ولم يعد حتى الآن ولا يعلم أهله عنه شيئاً، ويرجح البعض قيام الميليشيات باختطافه كونه من المناوئين لها، ويعرف عنه نظم القصائد التي تنتقد حكم الجماعة الموالية لإيران.