خارج أسوار المدرسة يقف " زكريا" ذو الخمسة عشر ربيعا بزيه المدرسي الممزق باكيا وجواره بضعة طلاب صغار آخرين تشابهت أحوالهم المعيشية وعز على آبائهم دفع مبلغ ألف ريال مقابل دخولهم الامتحان، فكان الجزاء الطرد من المدرسة. يعتبر زكريا ورفاقه نموذج على الحال التي وصلت إليها العملية التعليمية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، حيث يفرض الانقلابيون على كل طالب دفع مبلغ الف ريال شهريا بحجة دفع رواتب المدرسين، بدون اعتبار الحال المزري التي تعيشها عائلات هؤلاء الطلاب والتي لا تختلف عن حال المدرسين. يقول نصر" 36 عاما" ولي أمر لطالب في مدرسة حكومية :" الف ريال شهريا ندفعها من جيوبنا الممزقة اصلا لتغطية فساد الميليشيات التي ضيقت علينا سبل العيش، انا معي اربعة أبناء يدرسون في مدارس حكومية ومطالب بدفع أربعة الاف ريال شهريا، من أين ادفع؟" ويتابع نصر بالقول:" المدرسين رعاهم الله يستحقون كل خير ولا نبخل عليهم ابدا لكن رواتبهم المفروض انها تدفع من الدولة وليس من جيوبنا لأننا والله حالتنا حالة اسوء منهم بكثير".
عبء إضافي
من جانبها، ترى كوثر 30 عاما" ان الألف الريال الذي تدفعه لابنتها شهريا تشكل عبئا اضافيا إلى جانب اعبائها اليومية، وترى بأن مبلغا كهذا يفترض أن توفره الميليشيات التي تنهب المليارات.
عمار40" عاما، يضيف على كلام كوثر قائلا" اقل مشرف في صنعاء يشتري قات بعشرين الف ريال يوميا، ويصرف يوميا ما يقارب 200 الف، هذه المبالغ الطائلة تكفي لدفع رواتب جميع الموظفين في الجمهورية وليس فقط المدرسين، لكنهم لم يتعلموا ابدا معنى العطاء والالتزام بالمسئوليات لأنهم لا يعرفون من السلطة الا النهب والسلب والجباية".
بيع القات في حي" الرحبة" مديرية بني الحارث، اضطر سليم لإخراج أبنائه الخمسة من المدرسة والسبب عجزه عن دفع خمسة آلاف ريال شهريا رسوم رواتب المدرسين، وقام بإرسال ابنائه الخمسة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و8 عام، إلى مزارع القات للعمل، الأمر الذي اثار حزن واستياء الأهالي هناك، وعند لقائنا بسليم قال بحزن للصحوة نت " منين اجيب لهم خمسة الف كل شهر غير الكتب والزي المدرسي ومصاريف المدرسة، انا رجل لا أملك الا الدراجة النارية وهي تشتغل يوم وتتعطل يوم، لذلك لم أجد حلا آخر سوى أن اخرجهم من المدرسة واخليهم يسيروا" يبزغوا " والسبب هؤلاء الله لا الحقهم خير" يقصد جماعة الحوثي ". خرج اطفاله الخمسة" ويعيشون حاله من الحزن فهم يحبون معلمهم ولديهم العديد من الأصدقاء فكان الفراق صعبا لهم.. المعلمة "أروى" مدرسة اللغة العربية،" تقول " أطفال سليم الخمسة ليسوا الوحيدين الذين يتم اخراجهم من المدرسة بسبب "الجباية" الحوثية التي طالت حتى الأطفال. وأضافت: "نحن نريد رواتبنا من خزينة الدولة التي فرغ جميع محتوياتها ونقلت إلى البداريم والكهوف، اما الطالب المسكين وعائلته فهم يعانون من الفقر مثلنا وربما أكثر، هناك خطر كبير على العملية التعليمية في اليمن في ظل وجود هذه الكائنات المتوحشة التي تسمى حوثيين، وبالتالي فإن مستقبل اليمن في خطر كبير أيضا".
خطة ممنهجة أما علي 50عاما، موظف حكومي ولديه ثلاثة أولاد يدرسون في مدراس حكومية، يؤكد بقوله :"أنا أرى أن الأمر أكبر من مجرد فساد مالي، فتهريب الأطفال من المدارس وحثهم على كراهية التعليم عملية منظمة تجري حسب خطة ممنهجة تهدف إلى محاربة العلم والتعليم، ومن بقي من الأطفال في المدارس يتم تلقينهم مناهج طائفية تمجد حسين الحوثي واخوته وتقحم أسمائهم حتى في كتب القرآن الكريم والتربية الإسلامية، هذه الجماعة لا تريد اجيالا تحمل العلم بل تحمل البنادق والقنابل ولذلك فأشد اعدائها هم المعلمين والتلاميذ، ويتم القضاء عليهم عن طريق تجويع وإهانة المدرس، وتجنيد الطالب".