كنت قد كتبت سابقاً عن مسألة غياب الكتاب المدرسي عن مدارس تعز فبعث لي أحد القراء (عبدالله عبده سعيد) عبر بريدي الإلكتروني رسالة وصف فيها ما كتبته ب(المقال الصريح).. وإليكم ما قاله في رسالته: اطلعنا على مقالك المنشور في صحيفة «الجمهورية» العدد(14257)الأحد 2008/11/16م وفي الحقيقة المقال صريح وواضح، ولكن أعتقد أن لا حياة لمن تنادي، فعلاً أن كل عام دراسي يأتي «أخس» مما سبقه، والمفروض على إدارات التربية والتعليم في المديريات ومن ثم المحافظات ومن ثم الوزارة العمل بجهد واجتهاد؛ لأنهم هم القدوة لإخراج جيل صحيح فاهم وواعٍ ومثابر، ولكن الواقع يقول: إن مهمة القائمين على الشأن التربوي أصبحت تقتصر على (كيفية الحصول على الإيرادات) فقط وبأي طريقة كانت، وهذا دليل الإفلاس العلمي والثقافي والتربوي لدى منتسبي هذه الإدارات. واختتم رسالته بالقول: هناك قضيه أخرى وهي ابتزاز بعض المدارس - هنا في تعز - لطلابها أثناء الاختبارات بفرض رسوم غير قانونية على طلابها وطالباتها تُقدر ب (100) ريال أو أكثر كرسوم اختبارات شهرية مقابل تصوير أوراق الامتحانات والتصحيح، وهناك جبايات أخرى.. والعجب العجاب في مدارس تعز، المهم الكل يعاني من هذه الإدارات التي تسعى لتحطيم العلم وتثقيف أبنائنا بثقافة غير مسئولة وتنخر في مستقبل اليمن. طبعاً أنا أتفق معك عزيزي القارئ وغيري الكثيرون في أن بعض المدارس تحولت إلى إدارات للجباية تارة باسم الأنشطة المدرسية التي لا روح ولا نشاط فيها وتارة تحت مسمى رسوم اختبارات شهرية وهي بمعدل (50) ريالاً للمرحلة الأساسية حتى الصف الخامس أساسي و(100)ريال لبقية صفوف المرحلة الأساسية والمرحلة الثانوية، ويجب على كل طالب أن يدفعها شهرياً كرسوم للامتحانات، وإلا سيعرض نفسه للحرمان من الامتحانات. قد يقول البعض: إن هذه الرسوم بسيطة جداً ولا قيمة لها، ولكن لو قمنا بعملية حسابية بسيطة لما قد تحصل عليه مدرسة (فترتين صباحية ومسائية) تضم مثلاً عشرة آلاف طالب أو طالبة وكل (طالب/طالبة) عليه أن يدفع هذه الرسوم، ولو فرضنا أن الطلاب الذين يدفعون الرسوم المقررة حوالي (2000) طالب في المرحلة الثانوية، و(4000) طالب في السنوات الأولى من المرحلة الأساسية، و(2000) طالب في السنوات الأخيرة من المرحلة الأساسية، وعليه وبعملية حسابية بسيطة سنجد أن إجمالي ما ستتسلمه المدرسة من رسوم للاختبار الشهري الواحد هو مبلغ (800.000) ثمانمائة ألف ريال شهرياً أي خلال العام الدراسي الذي يضم ستة اختبارات شهرية ستحصل المدرسة على مبلغ وقدره (4.80.000) أربعة ملايين وثمانمائة ألف ريال، فأين يذهب هذا المبلغ؟ وهل من المعقول أن يتم استخدام هذا المبلغ فقط لتصوير أوراق الامتحانات، خاصة وأن المدرسة التي نحن بصدد الحديث عنها تمتلك آلة لتصوير الأوراق ويتم استخدامها لتصوير أوراق الامتحانات. طبعاً هذا المبلغ تستفيده المدرسة من الاختبارات الشهرية، ناهيك عن موارد الجباية الأخرى، فقد أصبح الطالب مطالباً بأن يشتري المساحات وتجديد لون وطلاء السبورة والطباشير (وبالألوان ) على حسابه، وإلا فإن الدرس يعتبر «مشروحاً» على حد قول المدرسين، «وكل واحد ذنبه على جنبه، يجيبوا طباشير وإلا ما فيش درس ولا شرح». المدرسة الآن أصبحت تعامل طلابها معاملة المؤجر للمستأجر، وكأن مهمتها توفير المقرر للدراسة وليست مسئولة عن أية مستلزمات تحتاجها العملية التعليمية من طباشير ووسائل إيضاح وغيرها ف «كل شيء بحسابه» ، بل إنه إذا ما تحطم زجاج أحد نوافذ الفصل لأي سبب كان فإن طلاب الفصل هم المسئولون الوحيدون عن إصلاحه وشراء البديل، ومن لم يجد فعليه أن يذهب إلى أقرب جامع ويجرب حظه مع التسول لتوفير ما عليه من قسط إصلاح النافذة كما قالت إحدى المُدرسات في مدرسة شهيرة بمدينة تعز، وعلى ما يبدو أن المُدرسة المذكورة تحولت من تعليم طالباتها العلم إلى تعليمهن التسول. في ظل استمرار هذا الحال لن نستغرب أن يأتي يوم تصبح فيه مرتبات المدرسين مفروضة على الطلاب وكذلك أثاث المدارس وكافة مستلزمات العملية الدراسية..!! [email protected]