يبحث وزراء خارجية الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية وإسلامية دعم المعارضة السورية وتقديم معونات إنسانية للمناطق المتضررة في سوريا، في مؤتمر تحتضنه تونس اليوم وتقاطعه روسيا والصين، بينما عين كوفي أنان مبعوثا مشتركا للأمم المتحدة والجامعة العربية. ويدعو مشروع بيانٍ يتوقع أن يتوج "مؤتمر أصدقاء سوريا" في تونس -واطلعت عليه رويترز وأسوشيتد برس- النظام السوري لوقف إطلاق النار ومهاجمة المدنيين، ويؤكد استعداد المجموعة الدولية لتقديم مساعدات إنسانية لحمص ودرعا والزبداني خلال 48 ساعة إن حدث ذلك. وبدا أن المؤتمر -في غياب خطط للتدخل العسكري- يركز على المعونة الإنسانية، وإن دعا الدول للالتزام بفرض عقوبات تزيد عزلة نظام بشار الأسد، وتشمل حظر السفر وتجميد الأصول والتوقف عن استيراد النفط، وتعليق الاستثمارات والعمليات المالية مع دمشق، إضافة لخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية وإنهاء توريد السلاح.
لا اعتراف بعد ورغم إشادته بالمجلس الوطني السوري لا يعترف مشروع البيان بهذه الهيئة ممثلا شرعيا للشعب السوري، ويكتفي بالموافقة على "زيادة الانخراط" مع المعارضة وبتقديم "الدعم العملي" لها. وحسب رويترز أسقطت فقرة تشجع الجامعة العربية على استئناف بعثة المراقبة التي علّقت الشهر الماضي، واكتفى مشروع البيان بتسجيل طلب رفعه التكتل العربي إلى الأممالمتحدة لتشكيل قوة سلام أممية عربية. وحددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هدف المؤتمر في زيادة عزلة نظام الأسد الذي قالت إنها مستعدة للمراهنة على زواله، وتوقعت أن تقوى شوكة خصومه.
الدعم العسكري وقالت كلينتون متحدثة من لندن أمس "سيجدون (المعارضة) من مكان ما وبطريقة ما الأسلوب الذي يدافعون به عن أنفسهم، كما سيبدؤون إجراءات هجومية". واستبعد وزراء خارجية غربيون حتى الآن تقديم دعم عسكري مباشر ومفتوح للمعارضة. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في لندن أمس إن التدخل العسكري مستبعد جدا، وكرّر نظيره الفرنسي آلان جوبيه موقف باريس التي لا تفكر -كما ذكر- في حل عسكري لا يسنده تفويض أممي. لكن كلام كلينتون أشّر على أن قضية التسليح أمر يبحث الآن إن لم يكن قد بدأ أصلا. روسيا والصين وأعلنت روسيا والصين مقاطعة مؤتمر تونس، وأكدتا موقفهما الداعي لوقف سريع للعنف في سوريا، وإطلاق حوار جامع دون شروط مسبقة من أجل حل سلمي دون تدخل أجنبي، حسبما ذكرت الخارجية الروسية معلقة على محادثة هاتفية بين وزيري خارجية البلدين. وقال متحدث صيني سئل عن مقاطعة بكين لمؤتمر تونس إن بلاده تريد أن تلعب دورا بناء في سوريا، وهي ترى أن جهود المجموعة الدولية يجب أن تسهم في خفض التوتر، في تلميح واضح إلى أن الصين ترى أن لقاء تونس يزيد هذا التوتر. قال ناشطون سوريون إن 28 شخصا قضوا بنيران الجيش السوري اليوم بينهم 15 قتلوا جراء قصف الجيش لمنزلهم في قرية فيلون بمحافظة إدلب، ويتزامن ذلك مع جمعة احتجاج جديدة في المدن والبلدات السورية تحمل اسم "سننتفض لأجلك يا بابا عمرو". وأفاد ناشطون بأن قوات النظام اقتحمت قرى بيلين وبلشون وابديتا في إدلب وأحرقت عددا من المنازل, حيث قتل عدد غير محدد حرقا داخل منازلهم. وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية أن خمسة أشخاص قتلوا لدى تجدد القصف العنيف على حي بابا عمرو بمدينة حمص صباح اليوم. وقال الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية في حمص للجزيرة إن عدة منازل في حي بابا عمرو، الذي يتعرض للقصف لليوم الحادي والعشرين، تم تدميرها وإحراقها مما أسفر عن سقوط أربعين جريحا معظمهم من النساء والأطفال. وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن القوات السورية النظامية تستخدم أسلحة ثقيلة في قصف بابا عمرو منها المدفعية من عيار 122 ملم. وكان ناشطون ذكروا أن دبابات الجيش قصفت بشكل عنيف منطقة حي كرم الزيتون في وقت مبكر. وفي العاصمة دمشق قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن الأمن السوري أطلق النار على متظاهرين في حي العسالي، وسقط عدد من الجرحى برصاص قوات الأمن السوري في حي الميدان بدمشق. وتحدث ناشطون عن إصابة أشخاص بجروح جراء إطلاق نار كثيف لتفريق متظاهرين بمركز مدينة إدلب. كما خرجت اليوم مظاهرات حاشدة في عدة المناطق بينها القامشلي ودير الزور ودرعا. وعلى الحدود التركية السورية قال مراسل الجزيرة أحمد زيدان نقلا عن شهود عيان إن القوات السورية أصبحت تستخدم إستراتيجية جديدة مع النازحين بعدم اعتقالهم، وقتلهم مباشرة على الهوية واستنادا للمنطقة التي ينتمون إليها. أما على الحدود اللبنانية فذكرت مراسلة الجزيرة ألسي أبي عاصي أن مواجهات وقعت مساء أمس بين الجيش النظامي ومنشقين، وأضافت أن النازحين يستعدون للخروج اليوم في مظاهرة ضد النظام السوري. من جانبه قال أحمد جرار مراسل الجزيرة على الحدود الأردنية السورية إن عدد النازحين السوريين في تزايد ونزوحهم يتم عبر نقاط حدودية غير رسمية، مضيفا أن أرقاما رسمية تحدثت عن نحو عشرين ألف نازح سوري في حاجة لمساعدات عاجلة. حماة وإدلب وكان نحو تسعين شخصاً قتلوا أمس برصاص الجيش، معظمهم في حماة وإدلب، وعُثر على 27 جثة مجهولة الهوية ومشوهة في مركز اعتقال تابع للجيش في جبل الزاوية بإدلب. وتحدث ناشطون في درعا عن قصف أوقع أمس قتلى في طريق السد بالمدينة, مؤكدين حدوث انشقاق كبير وتبادل كثيف للنار بين المنشقين والقوات المهاجمة. وفي دمشق قال ناشطون إن عددا من المدنيين أصيبوا أمس بجروح خلال تفريق الجيش السوري مظاهرات في حي الحجر الأسود تطالب بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن ناشطين قولهم إن قوات الأسد أمطرت بالصواريخ وقذائف المورتر حي الإنشاءات وحي بابا عمرو حيث يتحصن مقاتلو الجيش الحر الذين انشقوا عن الجيش النظامي، وفي حي الخالدية دعت المساجد السكان للاحتماء. بدورها قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن الجيش السوري قصف حي بابا عمرو بصواريخ سكود, وتحدثت عن استخدام غازات سامة. ودعت الهيئة السوريين لتصعيد الاحتجاجات تخفيفا عن أهالي حمص. وهذه هي المرة الأولى التي يشير فيها الناشطون لاستخدام هذا النوع من الصواريخ، وكانوا أكدوا سابقا استخدام مدافع الدبابات والهاون وراجمات الصواريخ. وقال ناشطون إن الجيش يمنع وصول الإمدادات الطبية، وإن الكهرباء تقطع 15 ساعة يوميا، وإن المستشفيات والمدارس ومعظم أماكن العمل والمتاجر مغلقة كما هو حال المكاتب الحكومية. تقرير مستقل وفي السياق نفسه قال تقرير أصدرته الأممالمتحدة إن القوات السورية قتلت بالرصاص نساء وأطفالا عزلا، وقصفت مناطق سكنية وعذبت محتجين مصابين بالمستشفيات. ويضيف التقرير -الذي أعدته لجنة تحقيق مستقلة وسلم إلى مجلس حقوق الإنسان- أن تلك الانتهاكات كانت بناء على أوامر من مسؤولين بارزين بالحكومة السورية والجيش النظامي، وطالبت لجنة التحقيق بمحاكمة من وصفتهم بمرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وقد وضع المحققون قائمة سرية تتضمن أسماء الشخصيات والمسؤولين المتورطين بتلك الجرائم، وأشاروا إلى ارتكاب قوات المعارضة، التي يقودها "الجيش السوري الحر" انتهاكات شملت القتل والخطف، وإن كانت لا تقارن بمستوى ما ارتكبته القوات الحكومية.