في الوقت الذي يحتفل فيه أهالي المحررين من سجون مليشيات الحوثي الإرهابية بعد سنوات من الاختطاف والإخفاء، لا تزال مئات الأسر الاخرى تجهل مصير أبنائها المختطفين، وما إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة أم لا. "ام علوي" مختطف مضى عليه في سجون الحوثي اربع سنوات تقول ان ابنها خطف من مقر عمله في الهيئة العامة للبريد واودع سجن الأمن السياسي بدون اي تهمة، وحسب كلامها فهي لا تريد اكثر من معرفة هل ابنها ما يزال حيا ام انه اصبح داخل الثلاجة. وتابعت باكيه " ابني ليس معتقلا في دولة ذات حكومة ودستور بل لدى عصابة متطرفة وهمجية ولهذا لا أستطيع التكهن بمصيره فهو لا يتمتع بحقوقه القانونية، واحساس ان ابني مختطفا لدى عصابة يقتلني حسرة وقهرا كل ساعة، اتمنى فقط ان اراه او على الاقل ارى جثته ليستريح قلبي واعرف ان ابني شهيد قد ارتاح من هؤلاء الشياطين". وبصوت مخنوق تقول" لا اعرف ماذا افعل سوى الدعاء لله ان ارى ابني مرة أخرى في بيتنا". وتخشى اسرة علوي من تعرض ابنهم للقتل او ان يؤدي التعذيب الشديد الى اصابته بإعاقة خطيرة في ظل التقارير التي تتحدث عن تعرض غالية المختطفين الى عمليات تعذيب وحشية تنتهي غالبا بالوفاة او الاعاقة. ويشرح والد علوي هذه المخاوف قائلا:" إذا كان بحالة جيدة فلماذا لم يسمحوا لنا برؤيته طوال هذه المدة؟ لا شك ان مكروها قد اصابه، ونحن ننتظر الخبر الصادم بين اللحظة والاخرى". ويعلن والد علوي استعداده لبيع البيت اذا كان اطلاق سراح ابنه مرهونا بالمال، فالمنزل كما قال " يعوض، لكن الولد لا يعوض". وتعاني اسرة المختطف " وليد" من عدم فهم الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح الشاب الثلاثيني الذي قضى في السجن 9 اشهر بدون محاكمة، فالعائلة كما يقول ابوه " لا نملك واسطة قبلية ولا مشرف مقرب ولا مفاوض يتكلم باسمنا، والمحامي يريد قرار اتهام وليس هناك قرار اتهام الى الان سوى ان الميليشيات اخذته من بيته ورمته في ظلمات المعتقل وبسبب ذلك اصيبت امه بارتفاع السكر وفقدت البصر بشكل شبه كامل وتحولت حياتنا بأكملها الى جحيم مظلم". بدورها، تقول والدة وليد انها تشعر بعذاب ابنها ولذلك لم تستطع عينيها رؤية الدنيا بعده فانطفأ نورها، حسب كلامها، وكان وليد قد اختطف من امام منزله في يوليو 2022 بسبب التواصل مع بعض الاصدقاء في محافظة مارب واستلام حوالات مالية رغم عدم اصدار اي قرار اتهام بحقه حتى اللحظة. وتعيش اسرة "وليد" في بيت قديم تغطي صوره قبيل اختطافه اجزاء كبيرة من جدرانها. وبينما تشير طفلته " الهام" ذات السنوات السبع الى احدى صوره، تقول باكية:" الحوثيين يضربوا ابي ومش راضين يخرجوه، الله يحشرهم في جنهم". ويهنئ " رامي" وهو نجل أحد المختطفين، عائلات المحررين ، قائلا:" نبارك ونهنئ لجميع عائلات المفرج عنهم وندعو لهم بدوام الفرحة وان لا يريهم الله مكروها للأبد، وفي نفس الوقت نتمنى نحن ايضا ان نعيش فرحتهم هذه قريبا ونخلص ذوينا من تلك الغرف الرهيبة التي تفوح منها رائحة الموت والتي لا يعامل فيها الانسان كإنسان ونناشد الحكومة الشرعية المعترف بها ان تواصل الضغط على ميليشيات الحوثي لأطلاق باقي المختطفين المظلومين الذين لاعون لهم ولا سند بعد الله تعالى الا هم". ويضيف قائلا: " اختطفوا ابي منذ عام كامل والقوه في السجن وهو عائلنا الوحيد كما ان حالته الصحية في تدهور وننتظر الفرج من الله عز وجل ". هنا عجز رامي عن مواصلة الحديث، فتابعت والدته قائلة: " صحيح ان زوجي ليس رجلا سياسيا ولا قائدا عسكريا كبيرا ولكنه بشر له الحق في الحرية مثل باقي الناس ولديه اولاد واسرة تنتظر رجوعه اليها، ونحن نطالب الحكومة بعمل اي شيء، اما هؤلاء " تقصد الحوثيين" فنعلم ان قيمة الانسان عندهم لا تساوي شيئا لذلك لا نطلب منهم الرحمة لان فاقد الشيء لا يعطيه". وبحسب "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" يقبع أكثر من 4201 مختطفا مدنيا في سجون ميليشيا الحوثي حتى اللحظة، كما وثق تقرير حقوقي قيام ميليشيا الحوثي، منذ انقلابها على السلطة اختطاف 16800 مدني يمني، خلال الفترة من سبتمبر 2014 وحتى نهاية أغسطس 2022 وثقت منظمة حقوقية " مساواة للحقوق والحريات" من جانبها، مقتل نحو 300 معتقل مدني بسبب التعذيب في معتقلات ميليشيات الحوثي منذ عام 2014.