في فارقة عجيبة ونادرة يبدو النظام القائم في اليمن على غير المتوقع من،فالنظام الذي يستمد شرعيته من الشعب وبصورة لم يناهلها رئيس سابق من قبل،بالإضافة إلى شرعيته التي استمدها من ساحات الحرية وميادين التغيير ومن دول الإقليم والمجتمع الدولي،كان من المفترض أن يظهر قوياً وبما لا يدع مجالاً للشك في قدرته بالسيطرة على مقاليد الأمور،لكن ما يتراءى لنا غير ذلك تماماً. فالنظام ومنذ قيامه بالتوافق عن طريق تسوية سياسية قامت على أعقاب ثورة شبابية شعبية سلمية لم يُظهر لنا القوة التي توازي تلك الشرعية المسنودة له. جميلٌ ما صنع الرئيس والحكومة من إصلاحات "تقسيطية"على الصعيد الأمني والعسكري والمدني،لكن ما تبع تلك الإصلاحات من العوائق والعراقيل وحالات التمرد التي حدثت،لم تكن لتحدث لو لم ينتهج النظام أسلوب التفكيك الآمن والسهل في معالجته لتلك القضايا. إن التخوف من المجهول أسلوب غير مبرر ينتهجه النظام الراهن وهو ما قد يُحدث له الكثير من المشاكل النفسية في انتزاع القرارات المناسبة لرغبات الشعب اليمني المتطلع ليمنٍ جديد تغيب عنه كل سلبيات وأزمات النظام السابق وشخوصه. إن المراقب لأداء منظومة الحكم الجديد بعد أكثر من شهرين من إجراء الانتخابات الرئاسية يلحظ بأن الرئيس والحكومة يسيران ببطء كما لو أنهم في وضع اعتيادي ونسوا أو تناسوا بأن فترة حكمهم انتقالية تستمر عامين يُنتظر منهم خلالها إيجاد حلول مستعجلة لكل المشاكل والنزاعات والتحديات التي تواجهها الجمهورية اليمنية وتحقيق أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي جاءت بهم إلى الحكم. من غير المنطقي أن يكون النظام الجديد في وضع اعتيادي في الوقت الذي تعيش فيه البلد وضعا استثنائيا، فالركون للراحة والتفكير ببطء واعتماد نظام"التقطير"في عملية الإصلاحات قد تدفع بالوطن إلى مهب الريح في ظل وجود عصابة متمردة على كل الشرعيات "الشعبية والدستورية والدولية "يقودها المخلوع "علي صالح"وعائلته و التي تتفنن في إنتاج وتصدير كل الفتن والمشاكل في البلد من جهة،ومن جهة أخرى وجود شعب ثائر يرفض كل أساليب العودة إلى السابق وإرثه. إننا نترقب لنظام قويٍ خرجنا إلى الساحات والشوارع ننادي به وننشد تحقيقه ،نظام يضع يده على مكامن المشكلة الأم ويستأصلها . لم يعد يخفى على أحد في الداخل أو الخارج بأن مشكلة اليمن الرئيسية هي "عائلة صالح"التي استأثرت بالحكم طوال 33عاماً وأنتجت نظاماً عائلياً بامتياز هيمّن على كل المرافق الإعلامية والسياسية والمالية والعسكرية في البلد وأفرزت لنا كل هذه المشاكل والتحديات التي نواجهها،وما تزال تعيث في الأرض فساداً حتى بعد إسقاط الشعب لرئيس العائلة في ثورة شعبية عارمة. إن القرار الذي نطلبه اليوم وليس غداً من رأس النظام رئيس الدولة هو التخلص من الخوف غير المبرر والشروع في إقالة رموز العائلة ¬من الوحدات العسكرية والأمنية وتجريدهم وزعيمهم من رتبهم العسكرية وإعلانهم رسمياً عصابة تمرد خارجة عن النظام والقانون والشرعية الشعبية والدولية والمطالبة بتجميد كل أرصدتهم وأصولهم المالية وإعادتها إلى خزينة الدولة. إن النظام الذي ينشده أبناء الشعب اليمني نظام قوي يقوم على معادلة الحقوق والواجبات، وعلى مبدأ الثواب والعقاب. أما النظام الذي اعتمد نظام التفكيك الآمن و بقي عاجزاً ومتفرجاً حين كان المتمرد محمد صالح الأحمر قائد الجوية المقال يقوم وعصابته بنهب الأسلحة من مخازن الجوية وبلا رادع ...نظام مرتعش لم يُعيد الحياة لمطار صنعاء حين أوقفها لساعات محمد صالح وبلاطجته ...نظام مرتعش بقي يرقب المتمردين من بعيد ويستعين ب "بن عمر " لتنفيذ ما يريد...نظام مرتعش يظل رئيسه وكل أبناء الشعب في الظلام حتى تهرع فرق "سُميع"لإصلاح أبراج الكهرباء التي تتعرض كل أسبوع لأعمال بلطجة مدعومة من زعيم العصابة...نظام مرتعش لم يوقف جرائم الحوثي وحماقات الحراك وفظائع القاعدة رغم طول أمدها ...نظام مرتعش لم يستطع دخول دار الرئاسة حتى اليوم. نظام كهذا غير ذاك الذي نادينا لأجله وهو بحاجة إلى فعل ثوري منا لإعادته إلى الطريق الصحيح. ما نريده اتخاذ خطوات تُحاكي الواقع ولا تقفز عليه، فالحديث عن الحوار في ظل تواجد رأس العصابة على رأس حزب يرأس الرئيس وفي ظل تواجد أفراد العائلة على قمة هرم المؤسسات العسكرية والأمنية يبدو حديثاً للإلهاء ومضيعة للوقت المعدود دقائقه وساعاته وأيامه. لإجراء الحوار الشامل والخروج بالنتائج المرجوة منه يتوجب إجراء تهيئة مناسبة قبل موعده، هذه التهيئة رسمت خطوطها اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية كشروط أساسية قبل الدخول في عملية الحوار. شباب الثورة الذين تعالى عليهم الرئيس هادي ولم يدخل معهم في شروط تفاوضية حين طلب أصواتهم أثناء الانتخابات الرئاسية مكتفياً بإيكال المهمة إلى المشترك وقوى الثورة لغرض الإتيان بهم إلى صناديق الاقتراعللتصويت من دون أي مقابل وهو ما حدث بالفعل، هاهم اليوم يستفيقون من سُباتهم الذي خيّم عليهم عدة أشهر في خيامهم - وفق إستراتيجية سياسية بحته- ويطرحون شروطا تفاوضية تتطلب تحقيقها قبل البدء بالحوار، وما نعتقده نحن كشباب ثورة أننا سنكون هذه المرة أكثر وعياً من ذي قبل ولن ندع للوسطاء الدخول على الخط ووئد هذه المطالب المشروعة بحجة التوافق وحتمية المرحلة. [email protected]