استنهاض الدور المجتمعي في تعز فريضة وضرورة وجودية لا ترفًا سياسيًا تعز تختنق: عطش، ظلام، تعليم ينهار، وخدمات تتآكل... بينما تقف السلطة المحلية عاجزة بمواردها المحدودة، والمجتمع ما يزال ينتظر حلًا من دولة غائبة لا تملك حتى أن ترفع علمها على وزاراتها. والمفارقة الكبرى أن المجتمع، بكل مكوناته، ما يزال أسيرًا لفكرة الدولة المنقذة، ينتظر حلولًا ممن لا يملك أن يرفع علم الجمهورية فوق وزاراته، ولا أن يُسير موازنة، ولا أن يمنع تدهورًا. إننا نعيش لحظة هشاشة غير مسبوقة، ومع ذلك، لا يزال الوعي الجمعي مرتهنًا لفكرة الغائب المنتظر والمخلص : المانح المنتظر، الدولة الغائبة، ، القائد الغائب و القائد المخلّص. هذا لا يعفي السلطة المحلية من مسؤوليتها، بل يؤكد أن عليها أن تنهض بدور مختلف: استنهاض المجتمع، تنظيم المبادرات، إدارة الموارد المتاحة بكفاءة وشفافية، وتفعيل الشراكات مع رجال الأعمال والغرفة التجارية. القطاع الخاص قادر – لو تم تحفيزه واحتضانه – على دعم حلول لأزمات المياه، والكهرباء، والتعليم، عبر صناديق أهلية وتمويلات مسؤولة. أما منظمات المجتمع المدني، فواقعها لا يقل إشكالًا: مئات من منظمات المجتمع المدني وُلدت وتكاثرت بلا أثر، تحولت غايات كثير منها إلى "توفير دخل و فرص عمل" لمؤسسيها بدل تحقيق أثر مجتمعي حقيقي. والنخب والأحزاب؟ تستهلك الأزمات في مماحكات سخيفة لا تنجب حلًا . استثمار الأزمات في محاولة إعادة تدوير بضاعة منتهة الصلاحية. الكثير من خطباء المساجد مشغلون بتنظيم حملات للتحذير من المواطنة و التنمية المستدامة التي ستقضي على الإسلام، وبعضهم يستثمر الأزمات في المماحكات السياسية. الحل ليس في الانتظار، بل في المبادرة. لا أحد قادم من فوق. تعز تحتاج إلى أن نتعامل مع مشكلاتها بجدية وروح مسؤولة، وحرص على التعاون لا التراشق والتكامل لا التآكل والعمل يدُا واحدة المنقذ لن يأتي من السماء ولا من المركز. الحل يبدأ منّا، من تعز، من أهلها، من وعيهم وتكاتفهم واستقلال مبادرتهم. تعز لن تُنقذها إلا تعز... فهل ستفعل؟ أم ستموت عطشًا في الظلام، وهي تغرق في بحر الجهل، تنتظر من لا يجيء؟