تعقد حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس يوم الخميس اول مؤتمر انتخابي علني لها لاختيار زعيم للحركة في مؤتمر يرجح ان يدعم صورتها كحركة اسلامية معتدلة. وأصبحت حركة النهضة الاسلامية أكبر قوة سياسية في تونس منذ فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي العام الماضي بأكثر من 40 بالمئة من المقاعد. وكونت ائتلافا مع حزبين علمانيين هما المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل.
وسيكون هذا المؤتمر الذي يستمر أربعة أيام شديد الاهمية بالنسبة للحركة والبلاد عموما حيث يعتقد محللون ان بقاء رجل الدين المعتدل راشد الغنوشي على رأس الحركة سيمكنها من استمرار نهجها المعتدل بينما يخشى من ان تصبح الحركة اكثر تشددا في حال فوز احد القيادات من جناح الصقور.
وقال الغنوشي في تصريحات صحفية عشية المؤتمر "التحدي الابرز لهذا المؤتمر هو الحفاظ على الخط المعتدل للحركة لتكون حاملة لتطلعات التونسيين وامالهم في حياة اكثر رخاء."
وسيتم خلال المؤتمر الذي وصفته الصحافة المحلية بأنه حدث تاريخي انتخاب قيادات جديدة للحركة تشمل الرئيس والأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي الى جانب تحديد الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية التي ستنتهجها في الفترة المقبلة.
كما سيتم انتخاب مجلس شورى سيكون السلطة الاعلى وبامكانه عزل رئيس الحركة وتحديد سياسات الحركة وفقا لمسؤولين من حركة النهضة.
ومن المنتظر ان يتم ترشيح الغنوشي لمنصب رئيس الحركة الى جانب اسماء اخرى اكثر تشددا من بينها الحبيب اللوز والصادق شورو اللذان ايدا ادراج الشريعة الاسلامية في دستور تونس الجديد وهو ما رفضه الغنوشي. وبالفعل وافقت الحركة على التخلي عن ادراج الشريعة بالدستور الجديد للبلاد الذي يجري صياغته.
ويرجح مراقبون واعضاء من النهضة الابقاء على الغنوشي (70 عاما) لدوره الوفاقي في الحركة.
وقال اللوز لرويترز "هذا المؤتمر متميز لانه اول مؤتمر علني بعد ثورة الحرية وبعد وصول النهضة للسلطة..العديد من المواضيع ستثار في المؤتمر اهمها موضوع هوية البلاد وموقع الدين في السياسة والسياسات الاجتماعية والثقافية والتنموية للحركة".
ورفض اللوز تأكيد او نفي انه سيكون من المرشحين لرئاسة الحركة مضيفا "الحركة لا تضم صوتا واحدا بل فيها اتجاهات واصوات متعددة وليس فيها مفهوم الزعيم الاوحد ولكن اهمية المرحلة تقتضي وجود رجل يجمع الشمل."
من جهته رجح نجيب مراد عضو النهضة بالمجلس التأسيسي الابقاء على الغنوشي زعيما للحركة معتبرا ان ذلك يدعم الاعتدال في الحركة.
وهذا المؤتمر هو التاسع في تاريخ النهضة التي كانت محظورة في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وتأسست الحركة عام 1972 تحت اسم (حركة الاتجاه الاسلامي) ثم غيرت اسمها عام 1981 إلى (حركة النهضة).
وتتابع المعارضة والرأي العام المحلي باهتمام بالغ مؤتمر النهضة اكبر حزب سياسي في تونس لاهمية النتائج التي سيفرزها على المستقبل السياسي للبلاد التي تحاول تجاوز مرحلة الانتقال الديمقراطي نحو ترسيخ نظام ديمقراطي.
وتشهد تونس توترا بالفعل بين الاسلاميين والمعارضين. وقد يساهم فوز قيادة متشددة بزعامة حركة النهضة في تأزم العلاقة أكثر مع الشق العلماني الذي يرى ان قيم الحداثة اصبحت مهددة بالفعل منذ وصول النهضة للسلطة.
ويقول الصحفي والمحلل نبيل زغدود لرويترز "اهمية المؤتمر تكمن في انه سيحسم الصراع بين التيار المتشدد والمعتدل داخل الحركة..المؤتمر سيحسم توجه الحركة اما استنساخ التجرية التركية او الاتجاه نحو افغنتها (نسبة لافغانستان)".
واضاف انه يتوقع على نطاق واسع اعادة انتخاب الغنوشي للمكانة التي يحظى بها معتبرا "انه قادر على التوفيق بين شقي الحركة وللمكانة الروحية المتميزة التي يحظى بها."
وحصلت النهضة على ترخيص للعمل القانوني بعد أقل من شهرين على الإطاحة بنظام بن علي الذي هرب إلى السعودية في 14 يناير كانون الثاني 2011 . وعاد الغنوشي إلى تونس إثر الاطاحة بنظام بن علي بعد 20 عاما قضاها في منفاه ببريطانيا.
ويحضر مؤتمر النهضة التاسع عدة شخصيات عربية بارزة منها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي