عثر على الطفل "نهاري محمد علي النهاري " 13 عاما والذي كان قد اختفى عن الأنظار يوم الحادي عشر من مايو العام الماضي عقب أحداث ما يعرف ب"مجزرة بنك الدم" بصنعاء وهو بحالة صحية سيئة وآثار التعذيب بادية على جسده في مدينة دمت بمحافظة الضالع صباح يوم أمس الخميس . وقال المحامي "عبد الرحمن برمان" منسق المنظمة اليمنية لحقوق الانسان "هود" ل"الصحوة نت" أن الطفل النهاري عثر عليه في مدينة دمت وأن المذكور حاول الرجوع إلى صنعاء حيث رفض سائقي التاكسي وسيارات الأجرة نقله إلى صنعاء خشية المسائلة الأمنية من التعامل مع صغار السن ، حتى تمكن من إقناع سائق سيارة صالون قام بنقله إلى صنعاء. وقال برمان انه ألتقى الطفل النهاري مساء يوم أمس لافتا إلى يعاني من حالة نفسيه سيئة جراء ظروف الاعتقال والتعذيب الواضحة على أجزاء من جسده وبصورة وحشية . ونقل برمان عن النهاري انه كان ضمن سبعة أشخاص معتقلين جميعهم أطفال جرى نقلهم على متن المركبة التي نقلتهم من مكان اعتقالهم في مسافة زمنية قاربت الست ساعات جرى إخلاء كل معتقل في منطقة وأن نصيبه كان أن انزلوه في مدينة دمت حيث قاموا برميه في قارعة الطريق بالشارع العام بدمت في فرزة صنعاء حيث بات هناك حتى الصباح قبل أن يعود مرة أخرى إلى صنعاء . وقال انه يعتقد أن المركبة التي كانت تقلهم قد تكون حافلة ( باص ) وانه سمعهم ينزلون أحد المعتقلين في منطقة ويقولون أنها البريقا في محافظة عدن وأن النهاري كان هو آخرهم في مدينة دمت بالضالع . وفيما يتعلق بحالة الطفل الصحية وآثار التعذيب التي على جسده قال برمان أنها جروح في اليدين والرجلين بعضها متقيح ويشكوا فقدانه للسمع في أحدى أذنيه وضعف في الأخرى ، مشيرا إلى أن العناصر الذين كانوا يتولون مسألة اعتقالهم أشخاص بلباس مدني وكانوا يؤكدون لهم بأنهم في مدينة عدن ولكن الطقس كان باردا للغاية وخاصة في الشتاء بما يوحي عكس ذلك حد قوله . وأما بالنسبة لظروف الاعتقال كما شرحها الطفل النهاري للمحامي برمان فقد كانوا يتعرضون للصعق الكهربائي والضرب الرأس بشدة في الجدار وأن القائمين على اعتقالهم كانوا يتركون الجراح حتى تقارب على الشفاء ثم يبللونها بالماء لتعود مجددا ، لافتا إلى أن مكان الاعتقال عبارة عن زنازين انفرادية وجميع المعتقلين فيها أطفال تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة حيث سمح لهم لاحقا بلعب الورقة ( البطة) ولكن دون أن يتعرف أحدهم على الآخر خصوصا وأن أشخاصا مكلفين بالوقوف على رؤوسهم بعصي كهربائية . وفيما قال برمان أن الطفل الآن في أحضان أسرته ، أشار إلى أن والدته أصيبت بمرض عقب اختفاء طفلها وأن ظروف الأسرة المادية سيئة للغاية . وكشف برمان قيام منظمة هود التقدم بعدة بلاغات للنائب العام للمطالبة بالتحقيق في هذه الجرائم وقضايا أخرى الكشف عن الجهة المتورطة فيها وتقديم المسئولين عنها للعدالة لينالوا جزائهم وفقا للقانون . وحمل برمان النائب العام المسئولية الكاملة عن معرفة الجهات التي تقف وراء تلك الانتهاكات . الطفل النهاري وبحسب ما نقل عنه كان في الصفوف الأولى لمسيرة بنك الدم وكان متحمسا للخروج والزحف نحو مقر مجلس الوزراء يدفعه في ذلك ظروف والده المالية السيئة جراء مصادرة المرور لدراجته النارية التي كانت مصدر دخلهم الوحيد لافتا إلى انه كان يزور الساحة من يوم لآخر ويشارك في المسيرات إلا تحمس أكثر حين سمع بمسيرة الزحف وكان في مقدمة المشاركين فيها حتى لحظة اعتقاله من قبل أشخاص مدنيين نقلوه وآخرين إلى جهة مجهولة حتى أفرج عنه بتلك الصورة مساء يوم أمس الأول . وكان الطفل النهاري قد اختفى أثره يوم الحادي عشر من مايو من العام الماضي عقب مشاركته في المسيرة التي انطلقت من ساحة التغيير باتجاه مجلس الوزراء وقمعت من قبل قوات الأمن المركزي وراح ضحيتها العشرات من شباب الثورة بين قتيل وجريح وعرفت من يومها بمجزرة بنك الدم . ورجحت مصادر حقوقية أن الجهة التي تقف خلف اعتقال الطفل النهاري وزملائه من شباب الثورة أقدمت على مثل ذاك التصرف بغية التخلص من المعتقلين والتملص من المسئولية القانونية أمام الشعب والمنظمات الانسانية والدولية خصوصا في ظل تنامي الفعاليات والاحتجاجات المطالبة بالكشف عن مصير المختفين وإطلاق سراحهم بالتزامن مع تقارير منظمات دولية ومطالبات بالتحقيق في الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان في اليمن وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية . وكانت قوات الأمن المركزي قد ارتكبت في الحادي عشر من مايو من العام الماضي مجزرة بحق مسيرة لشباب الثورة انطلقت من ساحة التغيير بصنعاء قادتها الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام "توكل كرمان" حاولت الوصول إلى أمام مقر مجلس الوزراء اليمني إلا قوات من الأمن المركزي قمعت المسيرة وأطلقت عليها الرصاص الحي بأنواع مختلفة من الأسلحة وسقط خلالها قرابة خمسة عشر شاباً وعدد من الجرحى واعتقال آخرين . وكان الآلاف من شباب الثورة قد أحيوا الذكرى الأولى لتلك المجزرة في مسيرة شارك فيها النساء والرجال ، مجددين مطالبتهم التي رصدت عدد من القادة العسكريين الذين لهم يد بتلك الحادث الإجرامي . ويعتبر شباب الثورة مجزرة بنك الدم دليل كبير على ممارسة النظام السابق لأعمال العنف والقتل ضد المحتجين خلال المظاهرات التي اجتاحت البلاد مطلع العام الماضي وأدت إلى الإطاحة بصالح.