تساءل مراقبون عن جدوى مطالبة الحكومة قيادات أحزاب اللقاء المشترك تسليمها 50 شخصاً من المطلوبين على ذمة قضايا جنائية من العناصر الحراك في بعض مديريات المحافظات الجنوبية الشرقية.وظهرت السلطة بدعوتها تلك كمن يريد أن يلقي أوزارها على الآخرين, أو تحاول السلطة أن تواري فشلها في توفير الأمن والاستقرار, والذي لطالما تغنت بة كثيرا كآخر انجازاتها إن وجدت. لم يحدث مطلقا حسب المعرفة المحدودة أن وجهت حكومة في العالم لاحزاب المعارضة بتسلم مقاليد الأمور الأمنية, وضبط الخارجين عن النظام والقانون, في حين تلك الحكومة تتربع على كرسي الحكم. يبدو ذلك الأمر للوهلة الأولى غريبا وهذا صحيح ولكن الصحيح أيضا انه ليس بمستغرب على حكومة الحزب الحاكم أن تقدم على مثل تلك الدعوة التي تعد إعلانا رسميا للفشل والإفلاس على حد تعبير سياسي معارض. فالنظام الحالي يريد أن يبقى إلى أطول فترة ممكنة عاضا على الكرسي بالنواجذ, ويريد في المقابل أن تدفع المعارضة السلمية فاتورة ثمن أخطاءة وكوارثة المستمرة بدون خجل أو حصافة سياسية. يستغرب كثيرون من فزع السلطة وموجة القلق التي تنتابها عند الدعوة لمسيرة سلمية أو فعالية مدنية قانونية, ولماذا تدوي صافرات الإنذار في مفاصلها حينما يشارك فنان يحمل الهم الشعبي والوطني كفهد القرني, وشاعر كمجيب الرحمن غنيم, في أمسية ثقافية تجسد الوحدة الوطنية, أو الظهور في حفل تكريمي لأوائل الطلبة كما حصل للقرني في حضرموت. ولماذا يضيق صدر السلطة بهؤلاء وهم لا يحملون سلاحا ولا يقطعون طريقا كما يفعل خصوم السلطة (أنصارها) التي تكافئهم بالمال وتلبية جميع الطلبات. في الوقت الذي يسعى المشترك جاهدا لتقريب وجهات النظر واستقطاب أطراف الأزمة الوطنية إلى طاولة الحوار والعمل السياسي المدني, يكافئ في إعلام السلطة بالحليف لمن تصفهم "الأماميين والانفصاليين" وتنسى أنها بعد أن عجزت عن احتوائهم عبر مختلف الأساليب, لجئت لما كان يدعوا إلية المشترك قبل تفاقم الأزمة الوطنية عبر الدعوة لطاولة الحوار, وتجرم ذلك على المعارضة في واحدة من أبشع صور استشعار المسؤولية الوطنية. وكانت وكالة (سبأ) قد قالت إن الحكومة قد طلبت من قيادة أحزاب اللقاء المشترك التفاهم مع حلفائهم من عناصر الحراك التخريبية الخارجة على الدستور والنظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والشرقية تسليمها تلك العناصر التي ارتكبت جرائم وأعمالا جنائية مخالفة للدستور والقانون. وكان الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك طالب الحكومة بتسليم السلطة للمشترك إذا عجزت عن تقديم المطلوبين للعدالة من الخارجين عن النظام والقانون وناهبي الأراضي والمال العام وقاطعي الطريق، وهو من سيتولى تحديدهم وتقديمهم للعدالة، وإجراء حوار حقيقي شامل وكامل، مع كل القوى السياسية والوطنية لإخراج البلاد من أزماتها وليس حوارا للمزايدة الإعلامية. تعليقاً على هذه التقليعة الجديدة للسلطة، وصف عبد الناصر باحبيب, رئيس الدائرة السياسية للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن, دعوة الحكومة تلك بمثابة إعلان رسمي للإقرار بالفشل والإفلاس في إدارة البلاد. وقال باحبيب في تصريح ل"الصحوة نت" إن مطالبة أحزاب سياسية لا تدير البلد أو تحكمه, يعد تنصل واضح من الحزب الحاكم للتخلي عن كل واجباته, لا سيما وأن هذا جزء من مهمة الدولة, ووظيفة الأجهزة الأمنية المتعددة التي يصرف عليها اغلب موازنة الدولة. ولم يستغرب القيادي في اللقاء المشترك المعارض إعلان مثل تلك المطالبات من الحكومة, والتي قال إنها" تعيش على الأزمات في إدارة البلاد", وهذا مبدأها وديدنها الدائم. وكشف رئيس سياسية إصلاح عدن في ردة حول مغزى الحكومة من تلك المطالبة, أو فحوى الرسالة التي تريد إيصالها في هذا الوقت, واقتراب قوى وأطراف رئيسية في البلاد من مشروع اللقاء المشترك, كما حصل مع توقيع لجنة الحوار الوطني اتفاق تفاهم مع الحوثيين, أجاب باحبيب بالقول: " السلطة هي تريد خلق فتنة بين المشترك والحراك, وإيجاد بؤرة للصراع وتعمل على إثارة الفتن بين القبائل وكل فئات الشعب اليمني". ولفت في سياق حديثة إلى أن إقدام السلطة لمثل هذه المطالبات, يعد هروبا من القيام بواجباتها المفروض عليها دستورا وقانونا, ويمثل محاولة للتنصل عن حماية المواطنين من أي اعتداءات, كونها المكلفة بحماية السلم الاجتماعي والنظام والقانون, وتقع مسؤولية خروج أي شخص على النظام والقانون, وتهديد أرواح الناس, على السلطة وأجهزتها الأمنية المنوط بها ضبطه وردعه وفقا للدستور. ولم ينس باحبيب في تعليقه المطول "للصحوة نت", أن يذكر الحكومة أن محاولتها تلك لن تجدي نفعا ولن تحقق من وراء ذلك شئ، مؤكدا أن تخلي السلطة عن أداء واجباتها يفقدها مشروعية بقائها, وتصبح سلطة بدون شرعية. وفي تفسيره لدعوة الرئيس للحوار مع قوى الحراك الجنوبي أحيانا, ووصمة إياهم في أحيان أخرى بالانفصاليين, قال باحبيب إن ذلك التناقض يعكس حالة التخبط التي تعيش عليها السلطة, ويؤكد أنها لا تمتلك رؤية واضحة لحل مشاكل البلاد.واصفا وضع السلطة اليوم بأنها وصلت إلى مرحلة العجز, وعندما تصل السلطة إلى هذا الوضع وفقا لباحبيب, فلا حل لليمن واليمنيين حينئذ, إلا برحيلها من كرسي الحكم. وطالب باحبيب اللقاء المشترك والقوى الحية في البلاد إلى أن يتداعوا ويتحدوا معا من اجل التغيير الذي يمثل الحل الوحيد للبلاد, بعد أن وصلت السلطة إلى مرحلة الإفلاس والعجز في إدارة البلاد. وحذر أولئك الذين مازالوا يراهنون على إصلاح هذه السلطة لما افسدته من "أن ذلك لم يعد مجديا معه الترقيع ولا حتى الإصلاح", ولابد من تغيير نظام الحكم, بحيث نحافظ على الوحدة, واستمرارية ديمومتها ولكي تصبح المواطنة المتساوية حق للجميع. وحول موقفة من خطاب الرئيس بمناسبة الاحتفال بعيد العمال الذي صادف السبت, قال:"انه كان يتمنى كغيرة من اليمنيين من السلطة والحكومة أن تصدر عنها قرارات ترفع مستوى الحياة المعيشية للمواطنين, وزيادة في المرتبات, وتنفذ إستراتيجية الأجور الموقفة, وتعمل لصالح شئ ملموس", ولكن تلك الأمنية تحولت إلى أضغاث أحلام" لم نسمع إلا جعجعة ولا نرى طحينا".وأكثر من ذلك يرى باحبيب أن ذلك الاحتفال تحول إلى مناسبة للتهجم على المعارضة. وحول راية في الدعوة التي وجهها الرئيس للمعارضة بالتجاوب للحوار, قال باحبيب :"لا يوجد في الخطاب أي دعوة للحوار فهو قد حدد حوارا بشروط مسبقة, وهذه أول معضلة في طريق الحوار كونها تحمل عملية إفشال للحوار قبل أن يبدأ". وأوضح في ختام حديثة أن السلطة لو كانت جادة في دعوتها تلك للحوار لسارعت فورا إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين بهذه المناسبة من اجل خلق أجواء ملائمة للحوار, ويتم الكف عن ملاحقة الناشطين, أما أن تقدم بدلا عن ذلك – يضيف باحبيب- عن طريق قوات الأمن يوم السبت بمنع إقامة فعالية تضامنية في صنعاء مع رئيس المجلس الأعلى للمشترك الدكتور عبد الوهاب محمود, ويتم غلق القاعة المخصصة لإقامة الفعالية دون مبرر أمام أحزاب سياسية ذات مشروعية قانونية, والتعامل مع تلك القيادات الوطنية بهذه المعاملة كما لو كانوا قطاع طرق أو مجرمين ومنعهم من إقامة فعالية أو تنظيم اعتصام سلمي قانوني وبعد كل هذا يتم الدعوة للحوار فهذا كلام غير مسؤل, ولا ندري يقول باحبيب متسائلا: ماذا تريد السلطة في الذهاب بهذا الوطن.