اتجهت حدة الخلافات المحتدمة بن السلطة والحزب الحاكم مؤخراً نحو مزيد من التصعيد ، وسط مؤشرات لتحولها إلى صراع يتخذ من الأزمات المشتعلة وسيلة للمناكفة وتصفية الحسابات . تصاعد هذه الخلافات بدأت بشدة مع نهاية الأسبوع الماضي ، اثر تنفيذ أحزاب اللقاء المشترك لاعتصامات ومهرجانات تضامنية ضد ماقالت إنه عسكرة المحافظات الجنوبية والإجراءات الأمنية القمعية في وجه الحراك السلمي الجنوبي والتنديد بأعمال القتل والاعتقالات للمعتصمين والناشطين والصحفيين ، وهو ماأثار هيجان السلطة التي كانت حذرت المشترك من تنظيم هذه الفعاليات ، التي جاءت في وقت كان فيه المعهد الديمقراطي الأمريكي ينتظر رد الطرفين على دعوته لإقامة حوار سياسي في بيروت . وبالتوازي مع الحملة الإعلامية التي شنتها وسائل السلطة وحزبها الحاكم ضد احزاب المشترك وقياداتها ، فرضت إجراءات أمنية مشددة في عدد من عواصم المحافظات الرئيسية لإعاقة تنظيم المشترك لفعالياته الاحتجاجية ، واعتقلت وجرحت العشرات من أنصارهم الذين شاركوا في اعتصام محافظة تعز. وتجاوزت اتهامات السلطة الموجهة للمشترك الجانب السياسي إلى ارتكاب الجرائم الجنائية والتحريض على العنف وتشكيل اجنحة عسكرية للتخريب ، ومن ذلك قول نائب وزير الداخلية اللواء الركن صالح الزوعري إن المعطيات لدى أجهزة الأمن كشفت صلة الخارجين على القانون ونشاطاتهم الإجرامية في بعض مناطق المحافظات الجنوبية بأحزاب اللقاء المشترك باعتبارهم جناحا عسكريا للأخير " واتهم المسئول الأمني أحزاب المشترك بتحريض عناصر خارجة على القانون على الاستمرار في أعمال السلب والنهب وقطع الطرقات ، معتبرا الاعتصامات التضامنية التي أقامتها أحزاب اللقاء المشترك مع من قال إنهم "عناصر تخريبية في بعض المحافظات الجنوبية بمثابة الضوء الأخضر للخارجين على القانون لمواصلة جرائم قتل الأبرياء ببطاقة الهوية على طرقات ردفان، والحبلين، والضالع، وزنجبار." وحمل اللواء الزوعري قيادات أحزاب المشترك مسؤولية ماسيجري لأبناء المحافظات الشمالية الذين دفع بهم البحث عن لقمة العيش والرزق الحلال الى التواجد في المحافظات الجنوبية، مؤكدا بأن المشترك مسئول مسئولية مباشرة عن حياتهم وممتلكاتهم ، مشيراً إلى ان الخارجين على القانون يرتكبون جرائمهم بضوء اخضر من أحزاب اللقاء المشترك التي تنظم اعتصاماتها لتتضامن مع القتلة. المؤتمر الشعبي العام حرك كل أدواته السياسية لمواجهة معارضي سياسات حكومته وفي مقدمة تلك الأدوات أحزاب التحالف الوطني التي يرأس المؤتمر مجلسها الأعلى ، حيث باشر نائب رئيس الجمهورية عقد اجتماع معها وخرج ببيان يتهم أحزاب اللقاء المشترك بممارسة التماهي بالقول والفعل مع من "يرتكبون الأعمال الإجرامية الخارجة عن النظام والقانون ، وأنها ظلت تعطي الغطاء المساند لتلك العناصر المتمردة في محافظة صعدة والعناصر التخريبية الخارجة على النظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والشرقية والعناصر الإرهابية في تنظيم القاعدة". وطالب البيان "بسرعة تقديم من وصفهم ب"العابثين بالأمن والاستقرار والفاسدين والمتهربين من الضرائب ومن افسدوا في الوزارات والمؤسسات وخرجوا إلى المعارضة والخارجين على النظام والقانون إلى العدالة " وضرورة كشف حقيقة المزايدين والمتاجرين بقضايا الوطن وتجار الحروب والأزمات وأعداء الحياة والسلام وتعريتهم أمام الرأي العام حتى يعرف حقيقتهم ونواياهم ومخططاتهم المعادية للوطن وأمنه ووحدته وسكينته العامة . إنزعاج السلطة من المشترك بدأت إثر قيام الأخير بتوجيه رسائل إلى اجتماعي لندن والرياض الخاصين باليمن ، لتوضيح موقفها من حقيقة الأوضاع المتأزمة في البلاد ومطالبة الدول المانحة الضغط على السلطة الحاكمة للسير نحو الإصلاحات . وكان الحزب الحاكم في هذا الصدد خاطب المشترك قائلاً " كفى عبثاً فلم يعد الشعب يحتملكم بعد كل ممارساتكم الإجرامية ، وبعد أن وصلت بكم حالة الحقد والكراهية إلى تشويه صورته في الخارج، وبعث الرسائل لكل اجتماعات أو مؤتمرات تعقد في الخارج وتهتم بشئون اليمن" مشيرا إلى محاولة أحزاب المشترك في هذا الجانب الساعية إلى حرمان الوطن وأبنائه من الدعم والشراكة الدولية وبرامج التنمية والتطور. وعبر مسئول في الحزب عن أسفه " أن يكون العالم أجمع مؤمناً بدعم اليمن والوقوف معه إلا من يحسبون عليه في قيادة اللقاء المشترك الذين يشكلون حالة خاصة ضد الوطن وضد كل مكتسباته وضد كل منجز يقام على أرضه". وقبل تنفيذ أحزاب المشترك لاعتصامات الخميس بيومين شن رئيس الجمهورية هجوما لاذعا ضد قياداتها التي وصفها ب"القوى الحاقدة والمريضة الحالمة بالسلطة, والتي تريد هدم المعبد". وعلى ما يبدو, فإن حديث رئيس الجمهورية هذا قد أحدث شرخا عميقا في العلاقة مع اللقاء المشترك, ما أدى إلى الخروج, دون أي توان, إلى ساحة الميدان, ليبدأ اللعب السياسي بورقة الجمهور مباشرة . وفي الاعتصام الذي نفذه المشترك في أمانة العاصمة جدد رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المنبثقة عن المشترك محمد سالم باسندوة " الدعوة إلى حوار وطني شامل تحت رعاية إقليمية وعربية ودولية". وتمنى باسندوه بأن تتحلى السلطة القائمة بالعقل والحكمة في التعاطي مع الأزمة الوطنية المركبة التي تعيشها بلادنا، وأن تقبل بانعقاد حوار وطني شامل، يتم فيه التوصل إلى توافق وطني عام على الحلول والمعالجات الجذرية والناجعة الكفيلة بإنقاذ اليمن من السقوط في هاوية سحيقة ليس لها قرار بعد أن أصبح على حافة الهاوية". وفيما عبر عن استبشار أحزاب اللقاء المشترك بوقف الحرب في صعدة، وحرف سفيان، أوضح رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني عن خشيتهم من انتقال الحرب إلى المحافظات الجنوبية ، وأشار إلى أن فعالية اعتصام المشترك بأمانة العاصمة، ومثلها الفعاليات في عدد من محافظات الجمهورية " تأتي تعبيرا عن تضامن القوى الداعية لها مع الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية خصوصا واليمن عموما . وأكد رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني تأييد أحزاب اللقاء المشترك للحراك والنضال السلمي الذي يقوم به مواطنو المحافظات الجنوبية، ودعاهم للتصدي للمندسين الذين يسعون إلى جر الحراك السلمي إلى مربع العنف ويعملون على نشر الكراهية بين إخوانهم من المحافظات الشمالية بهدف زرع بذور الفتن والانشقاق" ، مؤكدا أن ذلك " يخدم السلطة ولا يخدم نشطاء وقادة الحراك السلمي الحقيقي". وفي سياق متصل، أشار باسندوة إلى إفساد السلطة للصيغة الإندماجية للوحدة من خلال طريقتها التي أدارت بها أمورالبلد وفيما تمكن المشترك من إقامة اعتصامه في أمانة العاصمة دون أن يعيقه الأمن ، فإن أنصاره في تعز تعرضوا للقمع من قبل أجهزة الأمن التي استخدمت خراطيم المياه وقنابل مسيلات الدموع لتفريقهم والاعتداء عليهم بالهراوات. وعلى عكس التوتر والإرباك الذي بدا واضحاً على السلطة قبل تنفيذ المشترك للاعتصامات والتحذير من اقامتها وتحميل المشترك مسؤولية العنف الذي كانت موقنة بحدوثه، فقد قللت من شعبية المعارضة عقب انتهاء الاعتصامات ، وقال موقع وزارة الدفاع على شبكة الانترنت "سبتمبر نت" لقد كشفت الاعتصامات التي شهدتها بعض المدن اليمنية لأنصار أحزاب المشترك وكوادره الحجم الحقيقي للمشترك في الساحة اليمنية وشعبيته المحدودة والتي لم تتجاوز الألفي شخص ، مدعياً "أن مابين 1000 إلى 500 شخص فقط تجمعوا في أمانة العاصمة استجابة لدعوة المشترك لإقامة اعتصامات احتجاجية في مختلف المحافظات , فيما تجمع نحو 500 إلى 600 شخص في محافظة تعز , و 100 إلى 150 شخصا بمدينة الحديدة ، في الوقت الذي لم يستجب أحد لدعوة المشترك في بقية المحافظات , حيث رفض المواطنون دعوته التي ظل أياما ينادي بها لحشد أكبر عدد ممكن من المواطنين للظهور بمظهر القوة ومحاولة إيصال رسائل للداخل والخارج بأن له شعبية كبيرة ". الآن وبعد سد منافذ الحوار واللقاءات التشاورية نهائياً بين الحزب الحاكم والمشترك والتي كان يمثل المؤتمر فيها بقياداته العليا ، في حين يشترط المشترك أن يكون حوارهم مع رئيس الجمهورية مباشرة ، أعلن المجلس الأعلى لأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي الذي يضم المؤتمر الشعبي العام وأحزابا أخرى تكليف علي حمزه مدير عام العلاقات العامة في المؤتمر الشعبي العام بإجراء الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك ، وهو ماعد سخرية سمجة أتت في إطار التصعيد السياسي الحاصل. وقال موقع القوات المسلحة والأمن على شبكة الانترنت إن حمزة سيتحاور مع المشترك حول جملة من القضايا الوطنية والسياسية , معبراً عن أمل السلطة في تفاعل المشترك مع الحوار لإنجاحه والاحتكام لصوت العقل والمنطق وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية الضيقة , والابتعاد عن المكايدة السياسية المضرة . بالمقابل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التابعة للمشترك عبرت عن أسفها إزاء ما يتعرض له الحوار السياسي من اساءة وعبث من قبل الحزب الحاكم، محذرة من " مغبة الاستمرار في هذا السلوك العبثي (حوار التحويلات) مؤكدة مواقفها السابقة في الحفاظ على الحوار كقيمة حضارية والسير به مع كل أطراف الطيف السياسي الوطني الذين يأخذونه بجدية عالية ومسئولية في مواجهة المخاطر التي تعيشها بلادنا والتي تتعامل معها السلطة باستخفاف وعدم مسئولية " كما عمد المشترك إلى اتخاذ خطوة تصعيدية موازية وذلك بإعلان لجنته للحوار الوطني الأحد الماضي أنها أقرت تشكيل فريق قانوني لرفع دعوى قضائية ضد خطابات رئيس الجمهورية التي قالت إنه انتهك فيها الدستور والقانون واضر بمنصب رئيس الجمهورية والمواقع الاولى للمؤسسات الدستورية في النظام السياسي الديمقراطي التعددي . كما دعت إلى استمرار الفعاليات الجماهيرية والاعتصامات وتطويرها وتنويعها في كافة المحافظات .