تمثل المشاركة المجتمعية أهمية بالغة في انجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وهناك من يرى أنها لا تقل في أهميتها عن الحوار الرسمي الذي سيدور في أروقة مؤتمر الحوار، إذ عبر المشاركة المجتمعية يتم تهيئة المجتمع لتقبل مخرجات مؤتمر الحوار. وقد شدد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني من خلال كلماتهم مداخلاتهم على أهمية هذا الجانب، كما جاء ذلك في لائحة المؤتمر، التي أشارت إلى ضرورة المشاركة المجتمعية في الحوار الوطني، وهذا قد يأتي في إطار تكريس ثقافة الحوار لدى المجتمع، والتسليم بأن الحوار هو الطريق الوحيد والآمن لإخراج الوطن إلى بر الأمان، وترسيخ ثقافة التعايش والتسامح والقبول بالآخر، على أساس الشراكة الوطنية. وتعني المشاركة المجتمعية في الحوار الوطني تفعيل فئات المجتمع اليمني لطاقاتها الفكرية خلال مؤتمر الحوار، لتكون هذه الفئات مساندة لأعضاء المؤتمر، وهناك يمكن القول أن المشاركة المجتمعية يجب أن تأتي من المؤسسات الحكومية ومنتسبيها، والأحزاب والتنظيمات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى الفئات المختلفة من علماء ومثقفين وأكاديميين، ووجاهات ورجال أعمال، ووسائل الإعلام، من أجل أن تأتي مخرجات الحوار الوطني بمجهود الجميع. مبدأ الجدية ويعتبر عضو مؤتمر الحوار "فؤاد الحميري" مبدأ المشاركة المجتمعية هو الأكثر جدية، كما اعتبره فكرة رائعة، وضرورة تؤكد أصالة الشعب اليمني. وأوضح إلى أن الآراء المطروحة على الحوار يجب أن تسمع بطريقة مباشرة عبر التمثيل النخبوي للمكونات الوطنية في مؤتمر الحوار الوطني، وأخرى غير مباشرة بالمشاركة المجتمعية، والنزول لسماع ما يطرحه المجتمع، وفتح قنوات تواصل، واستغلال وسائل الاتصالات والتكنولوجيا في الحوار المجتمعي الذي قال إنه لا بد أن يكون واسعاً. أما عضو مؤتمر الحوار "مختار بن عويض" فقد قال أنه لا بد من مشاركة مجتمعية في الحوار الوطني، واعتبرها أيضاً ضرورة بدونها ستكون مخرجات الحوار الوطني معبرة عن نخب، وشدد على أن يشارك الجميع في صنع القرار، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية؛ لأن القضية الجنوبية عي القضية الكبرى على طاولة الحوار، ومن خلالها يمكن وضع المعالجات. ويرى بن عويض أنه لا بد من نزول أعضاء مؤتمر الحوار إلى الميدان للالتقاء بفئات المجتمع المختلفة، ورفع كل هذه القضايا إلى فرق العمل لبلورتها، لتكون مساعدة في اتخاذ الحلول الناجحة. لجنة تواصل غير أن عضو الحوار الوطني "الدكتور منصور الزنداني" يذهب إلى مؤتمر الحوار في حد ذاته هو مشاركة مجتمعية، بعيداً عن المصطلحات والمفاهيم السياسية الجدلية. ويقول "هذه التعبيرات والمصطلحات جدلية أكثر من كونها تظهر على واقع الحياة، وكأننا نقول أن المشاركين ليسوا من المجتمع أو لا يمثلون كل الأطياف" ويستطرد بالقول "باختصار المشاركة في الحوار هي مشاركة شعبية، حيث شارك كل أبناء اليمن من مختلف الفئات السياسية والاجتماعية، وكافة الشرائح، والنساء والرجال". ويضيف الزنداني "نحن ذاهبون في الحوار لتحقيق الأمن والاستقرار، وكل غايات الشعب في الحرية والعدل والمساواة وتحقيق الرفاهية الاقتصادية" ويوضح أنه ما دامت هذه أهداف الحوار فإنها تصب في مصلحة المجتمع، كما أن المشاركين هم من كل فئات المجتمع وشرائحه. لكن الزنداني لا يرى أن هناك مشكلة في عملية التواصل مع المجتمع خارج قاعة الحوار، وعن آلية التواصل يقترح أن تنشأ لجنة متخصصة للتواصل مع الجمهور وكل الأطياف، وعلى الشرائح أن تقدم طلباتها لرئاسة المؤتمر، وعلى الرئاسة أن تقرأها وتخضع للتصويت، وبذلك يكون الحوار مفتوحاً –بحسب الزنداني- لكل أبناء الشعب اليمني. مهمة جداً ويعتقد عضو المؤتمر "حسن محمد عبدالرزاق" أن المشاركة المجتمعية مهمة جداً، فالمجتمع في الأساس هو الفئة الكبرى المستهدفة بغية تحقيق الأهداف التي تُمكن هذه الفئة من طرح قضاياها ومشاكلها وتحقيق غاياتها وتطلعاتها في مستقبل تسوده العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. ويضيف "وكل ذلك لا يمكن أن يأتي إلا في ظل أمن واستقرار وتجاوز كل السلبيات التي أثرت على حياة المجتمع في الماضي". وعن آلية المشاركة المجتمعية يوضح عبدالرزاق أن الأمانة العامة لمؤتمر الحوار تبنت إقامة مخيمات على مستوى المحافظات والمديريات، بهدف الوصول إلى قواعد لطرح مشاكلهم وقضاياهم التي سيتم استخلاصها ورفعها إلى مؤتمر الحوار، لتبنيها من خلال كل فريق عمل، وفقاً للآليات التي تم وضعها بهذا الخصوص". صوت الشارع أما عضوة مؤتمر الحوار الوطني الدكتورة ألفت الدبعي فتنظر إلى أهمية المشاركة المجتمعية من كونها انعكاسا لصوت الشارع، وتعبير عن صوت المواطن اليمني الذي ما جاء الحوار إلا من أجله، لتحقيق الهدف الذي ينشده في تحقيق كرامة وإنسانية المواطن. وقالت "تأتي أهمية النزول الميداني والاستماع للمواطنين وكافة المكونات، كون هذه الآلية ستجعل عضو الحوار يقترب من الحقيقة وواقعها، بعيداً عن التنظير السياسي الذي قالت إنه شاخ وهرم ولم يعد لديه القدرة على حل مشاكل المواطنين الحقيقية كما هي واقع معاناتهم. وأضاف الدبعي "والمشاركة يجب أن تكون بعدة أشكال مختلفة، منها ما سوف تقوم به وسائل الإعلام التي يجب أيضاً أن تقوم بدورها بشكل أكثر مسئولية، وأيضاً عبر النزول الميداني المباشر، عبر لقاءات، وهناك ما يكون عبر فتح لجنة خاصة لتلقي المقترحات، سواء من مؤسسات أو أفراد أو أحزاب ومكونات". وترى ألفت الدبعي أن أكبر وسيلة لتحقيق المشاركة المجتمعية هي أن تتوسع دائرة الحوار الوطني كما كان في ساحات الثورة، لتشمل كافة المحافظات، في حوارات محلية بين المكونات، تتم على مستوى كل مؤسسة من مؤسسات الدولة في كل محافظة، لتناقش القضايا الرئيسية، والخروج بحلول لكافة قضايا المؤسسات كمرحلة أولى، وتضيف "والمرحلة الثانية يتم فيها تقديم الرؤى حول قضايا الحوار الوطني بشكل عام، ثم تبلور هذه المخرجات وتقدم لمؤتمر الحوار". تجربة أولى وبدوره يلفت عضو مؤتمر الحوار "منير الماوري" إلى أن هذه هي التجربة الأولى في اليمن، لكنه قال إنه شابها كثير من الأخطاء والنواقص والسلبيات، لكنه قال إنه يمكن تصحيحها، ما دام فترة الحوار ستستمر ستة أشهر. ويضيف "وإذا ما توفرت الإرادة لتصحيح الأخطاء فيمكن الاستمرار بشكل افضل، ويرى أن الأهم في ذلك هو تطبيق بند الحوار المجتمعي، بما يضمن إشراك أصحاب الآراء خارج قاعة المؤتمر؛ لأن الآراء خارج قاعة المؤتمر – والحديث للماوري- يبدو أكثر أهمية ولا يجب اهمالها". ويعتقد الماوري أنه يجب اعطاء الوقت لأعضاء المؤتمر من أجل التواصل مع مكونات المجتمع اليمني، ويتابع قائلاً "أما حصر أعضاء المؤتمر يومياً لمدة ثمان ساعات في قاعة واحدة فإنه تحويل أعضاء الحوار إلى موظفين للتوقيع على حوافظ الدوام وهذا ما لا نريده".