هما امرأتان إحداهما كاشفة لوجهها، والأخرى محجّبة، خاضتا في موضوع انقلاب مصر على الثورة الموءودة، وقد احتدم الجدل بينهما وثار حتى أثار الغبار. السافرة تبدي أسفها لأن الإخوان أجهضوا الثورة بالتحالف مع العسكر وحرصوا على الرئاسة، والمحجّبة تدافع عنهم وأم المحجّبة تتعاطف مع ابنتها وعمة السافرة تسمع ولا تبدي حماساً للاشتراك في المعمعة.. وأنا ساكت لا أقول شيئاً مما جعل أم المحجّبة تلوموني بأنني لم أنصر ابنتها. امتنعت عن المشاركة وفضّلت السكوت لأنني قد أضطر إلى رفع صوتي مجاراة للسافرة التي كانت ترفع صوتها وتتكلم بحدة وانفعال، وإن صحت لا تحتمل ذلك، ففضلت السكوت، ثم خطر لي بعد ذلك أن أبدي رأيي كتابة بدلاً من اللغط. تعاون الإخوان مع العسكر، تعاونوا على ماذا كأن العسكر كانوا في زاوية مهملة فجاء الإخوان وأحضروهم معهم. أو أنهم كانوا منفيين في سيناء. إن العسكر مضى لهم أكثر من ستين سنة وهم حاكمون ومتحكمون وكل شيء بأيديهم في حين كان الإخوان من لم يعدم منهم حليف السجن الذي فيه من أشكال التعذيب ما يقشعر له الجلد، وكان غير الإخوان من الليبراليين وغيرهم يعيشون على الهامش فأي ظلم هذا الذي يقول إن الإخوان تعاونوا مع العسكر، وكأن مبارك وعهد مبارك الذي ثاروا عليه ليس من العسكر. أما القول بأن الإخوان رضوا بأن يرشحوا للرئاسة، فهذا سببه أن القواعد التي قد ذاقت الأمرين من حكم العسكر قد أصروا على ذلك مما اضطر القيادة إلى أن تنزل عند حكم القواعد، كما كان الشأن في غزوة أحد إذ نزل الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو المؤيد بالوحي، على حكم القواعد، مع أن نزول الرسول صلى الله عليه وسلم، على حكم القاعدة قد كان ثمرته تلك الهزيمة واقتصاص قريش من الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصحبه. وقد اكتشفت من الحديث الذي سمعته أن تأييد الانقلاب قد اتخذ أشكالاً عدة، منها دعوى الحرص على الإخوان وزعم تأييدهم لولا أنهم وأنهم، وقد قوى هذا الفهم عندي هو أن السافرة أبدت في نهاية حديثها كرهها للشيخ عبدالمجيد الزنداني. ولئلا يجرك الشيطان –أيها القارئ- فتظن بي الظنون وتقول: ما الذي جعلك تحضر مجلساً نسوياً بمفردك، ولدفع هذه الوسوسة أقول: إن الجلسة كلها قد ضمت بناتي وأمهن، وزوجة ابن بنتي فليس في الأمر أي محظور، فكن مطمئناً..