تتوالى الأحداث والحوادث تباعاً في كثير من أجزاء الوطن اليمني المثخن بالمشكلات لكنها في محافظة أبين أخذت طابع الديمومة والتوالي فلا يكاد يمر أسبوع إلا وحدثت مشاكل أمنية وحوادث قتل في أكثر من منطقة ومدينة.. ففي زنجبار العاصمة أزهقت الكثير من الأرواح لجنود وضباط من الأجهزة الأمنية وبصورة مستمرة بل وتجاوز ذلك إلى استهداف المقرات الأمنية علنا وفي وضح النهار ولاذ المهاجمون بالفرار.. وبهكذا سيناريو أصبحت أبين مسرحاً للصراع الدموي بين الأجهزة الأمنية والقوى العسكرية من جهة والمسلحين الذين يقال إنهم من تنظيم القاعدة وتطورت الأحداث من حوادث قتل فردية هنا وهناك إلى مواجهات مع القوى العسكرية كما حصل في لودر قبل أسابيع وحصل الأسبوع الفائت في مودية. الشارع الأبيني يرى أن المعركة قد بدأت فعلاً بين السلطة والجماعات المسلحة وأن المواجهة ستزداد ضراوة يوما بعد يوم وأن المؤشرات تشير إلى فشل الحرب على الإرهاب وأن المعركة تحولت من الحرب على الإرهاب إلى عملية تخصيب الإرهاب وتناسله باستمرار مع كل حدث جديد تستخدم طرق ووسائل جديدة تدل على قدرة الجماعات المسلحة على الاثخان في الجند مع كل مواجهة بينهما فتخرج الجماعات المسلحة سالمة (غانمة) والقتل والإصابات والتدمير من نصيب القوات المسلحة والأمن. ويتساءل المراقبون في أبين لما يجري فيها عن سبب القتل المستمر في القوى العسكرية وتدمير آلياتهم ونهب بعض الأسلحة في كل مواجهة بين الطرفين دون أن يصاب أي من أفراد الجماعات المسلحة بأذى؟. ويرى الصحفي "علي النقي" بأن ذلك يرجع إلى ضعف معنويات الجند وتمكن الهزيمة النفسية من قلوبهم بالإضافة إلى عنصر المفاجأة التي تجيده هذه الجماعات مما يجعل الجنود يهربون في بداية المواجهات ويتركون أسلحتهم والأطقم العسكرية نهباً لتلك الجماعات. ويضيف: إن خير مثال على ما ذهبنا إليه هو ما حصل في مودية حيث وقعت قوة عسكرية في كمين مسلح في منطقة (ملاحة) بالقرب من مودية وخلال دقائق من المواجهة أصيب بعض الجند وقتل البعض الآخر فلاذ الآخرون بالفرار وتركوا خمسة أطقم عسكرية بكامل عتادها فما كان من أفراد تلك الجماعات إلا أخذ ما خف من الأسلحة والذخائر وقاموا بتفجير الأطقم بعد أن أخذوا محتوياتها وتلك عين الهزيمة النفسية. وعن سبب هذا الضعف لدى الجند قال: لأن الجنود يشعرون أنهم يقادون إلى المحارق وليس إلى ميادين الشرف فيقتل الجند ولا تهتم قياداتهم لذلك وأحيانا تعقد صفقات يكون الرابح الأكبر فيها قيادات عسكرية وجماعات مسلحة والخاسر الأكبر هم الجند فأصبحوا بلا عقيدة عسكرية يدخلون بها ميادين القتال. حرب الكمائن: تعرض موكب محافظ أبين أحمد الميسري إلى إطلاق نار في منطقة (ملاحة) بمودية في كمين نصبه له يعتقد أنه للقاعدة واشتبكت حراسته المعززة بالأطقم العسكرية المسلحة مع المهاجمين استطاعوا الدفاع عن المحافظ حتى تجاوز منطقة الخطر إلا أن المهاجمين استطاعوا إعطاب ثلاثة أطقم وإصابة أربعة من أفراد الحراسة ومقتل شقيق المحافظ (علي أحمد الميسري) ولاذوا بالفرار بعد أن نهبوا الأسلحة من الأطقم العسكرية وفجروها بعبوات ناسفة كما أفاد الأخ عبدالكريم كريف مواطن من مودية. وكان الميسري في طريقة إلى مودية لحضور عزا المجني عليه عبدالله البهام مدير أمن مودية الذي تم اغتياله يوم الخميس 14/10/2010م وعلى إثر تلك المواجهات تم إرسال تعزيزات إلى مودية من الأسلحة الثقيلة وبعض الدبابات كما عاد وفد من المكتب التنفيذي بأبين بعد وصوله إلى منطقة العين لغرض تقديم العزاء للمحافظ وذلك لدواعي أمنية كما أفاد مصدر أمني وأصبحت المناطق الوسطى بأبين (مودية، لودر، الوضيع) في حكم السيطرة الكاملة عليها من قبل العناصر المسلحة وتدعمهم بعض القبائل. وفي زنجبار العاصمة شهدت تفجير سيارة مفخخه تابعة لأحد عناصر الأمن السياسي حيث زرعت فيها قنبلة موقوعة وهي واقفة أمام مبنى قيادة الأمن السياسي فجاءوا بخبير متفجرات يدعى (الحالمي) ليبدل مفعول القنبلة إلا أنها انفجرت قبل إبطال مفعولها وأصيب الحالمي إصابات بليغة وبترت يده وأصيب مالك السيارة ويدعى عبيد علي مبارك بإصابات متوسطة نقلا على إثرها إلى مستشفيات محافظة عدن لتلقي العلاج. كما تعرضت فرقة عسكرية بقيادة العقيد محمد سعيد مدير أمن شقرة يوم الجمعة الفائت إلى مكين مسلح بالقرب من منطقة العين بمديرية لودر أسفر عن تدمير سيارة مدير أمن شقرة وإصابة إثنين من الجنود ونجوا بأعجوبة من براثن الجماعات المسلحة. هذا وما تزال المواجهات المتقطة مستمرة بين الجماعات المسلحة والقوى العسكرية في مودية وضواحيها وتساندها الطيران الحربي الذي استمرت طلعاتها إلى يوم الأحد الفائت حيث قصفت عدة مواقع يعتقد أنها للجماعات المسلحة كما وقع مجموعة من مالكي النحل ليلة الأحد الفائت ضحية هذه المواجهات أثناء نقلهم لخلايا النحل من أحور إلى المحفد ليلا فتم استهدافهم ونتج عن ذلك قتل أحدهم وإصابة اثنين آخرين وهم من آل عنبور الذين استهدفوا في المعجلة سابقاً. الصحفي محفوظ كرامة (الجمهورية) قال: إن ما يحصل اليوم في أبين من انفلات أمني يدل على أن القوات العسكرية غير قادرة على إدارة المعركة وغير جاهزة بما يكفي لمثل هذه المواجهات يتضح ذلك من نتائج المواجهات الأخيرة في مودية، حيث يشعر المتابع لما يجري بأن الجماعات المسلحة هي الموجودة على الأرض هي القادرة على الإمساك بزمام المبادرة أما القوات العسكرية فيترامى بها إلى التهلكة دون تأمين طرق تحركاتها فصار القتل والتدمير من نصيبها رغم إمكانياتها وعتادها ومرد ذلك إلى عوامل كثيرة منها: أن الجماعات المسلحة تعتمد على عنصر المفاجأة فتبهت القوات المسلحة وهذا سبب عجزها عن دحر تلك الجماعات أو النيل منها، بالإضافة إلى ضعف معنويات الجند لعدم وجود قوى من قياداتهم بمختلف معانيه وأيضاً ما يشاع عن إدارة الصراع من وراء الكواليس ووجود مظلة من مراكز القوى تحمي تلك الجماعات وتزودها بالمعلومات والإمكانات وهذا ما يفسر عجز القوى العسكرية عن مجاراة الجماعات المسلحة وسيطرتها شبه الكاملة على مناطق واسعة من المحافظة كمنطقة مودية و لودر والوضيع وهذا ما يجعل الحليم حيران. د/ فضل مكوع -أستاذ اللغة العربية بجامعة عدن - قال: يؤسفني جدا أن أرى الجماعات الخارجة عن القانون وهم يقتلون ويعبثون بالأمن والسكينة العامة في أبين وتعجز القوى العسكرية على تعدد أسمائها عن كبح جماحهم أو التصدي لهجماتهم. وأضاف: على الجهات المسئولة أن تعيد حساباتها لإصلاح الأوضاع قبل أن نصل إلى ما هو أسوأ مما نحن فيه.