كان الناس إلى وقت قريب يؤمنون بأن هذه الأرض مركَّبة فوق قرن ثور عظيم اسمه (مهير) وهذه الزلازل والأعاصير تأتي عندما يحرك (مهير) أذنه أو يحك برجله وهذه الأخيرة تكون هزتها أكبر. وصدّق الناس هذا وذهب النخبة والعامة يحكون هذه القصة ويدخلون عليها تزيينات تثبت اضطلاعهم بعلم الفلك والأرض حتى صارت حقيقة مسلمة وكانت العجائز تدعو بأن يلطف الله بالناس ويثبت (مهير) هذا أو على الأقل أن يحرك أذنه بدلاً عن رجله!!... وهكذا أصبح (مهير) بيده الموت والحياة و له مقربون وأصحاب كرامة بين الناس وهم من يملكون القوة الروحية للتواصل مع مهير وتقديم (العلف) يعني (النصابين )... ثم يأتي الناس ليقدم القرابين والمال لهؤلاء لكي يرضى عنهم الثور (مهير) ويستقر في مكانه فرضاء مهير من رضى المقربين الأخيار؟ وتصبح حالة ثراء فاحش وفساد على حساب الجوعى فقط من استغلال هذه الخرافة بسبب وقعها النفسي على الناس ... فالإنسان هذا العبقري وسيد الكون يصبح في حالة ما في قمة السخف يقوده أطرف نصاب بخرافه أو أسطورة يركبها على قضية ما، أو على مقولة كذبا على دين أو نبي أو فيلسوف أو ما شابه من التركيبات التي تبدأ صغيرة وتكبر حتى تتحول إلى واقع أو عقيدة يتعايش معها الناس وأصحاب العقول بصورة مذهلة لتحضر كلمة (عقول أضلها باريها) ... هذا هو ماجعل الإنسان العربي القديم يحول أشخاص صالحين اسمهم (اللات) و(العزى)....إلى درجة الأولياء ثم يضيفون ويضيفون حتى تحولوا إلى آلهة يعبدون في مكة , وارتبط هذا التخريف بمصالح اقتصادية ثم مصالح نفوذ وهذا ما يحمي الخرافات ويجعلها دين وعقيدة تنتشر وتزدهر في ظل الجهل والأمية ... والأمية ليست متعلقة بالقراءة والكتابة وإنما برفع خاصية الشعور بالكرامة الإنسانية التي تسعى للحرية واحترام العقل ومن ثم التأمل ... التأمل الذي يدفع إلى السؤال والبحث والاكتشافات وتحديد المعقول واللامعقول ... كل خرافة أو انحراف في الثقافة والدين وراءها جهل وكهنة ومستفيدون ونصابون كبار لهم ألقاب أخرى مبجلة بالتأكيد وهؤلاء يستفزهم ويفزعهم (القرطاس والقلم)....لأن العلم والعقل يحرمهم من خرافتهم التي يأكلون منها بملاعق من ذهب على حساب المعذبين ويحكمون قطيعاً من المخدرين.