من خلال مقارنة بسيطة بين ما فعلته إسرائيل في فلسطين وبين ما يفعله الحوثيون في اليمن خلال عقد كامل يتجلى معرفة هوس الطرفين برؤية الدماء ومناظر القتل. جماعة الحوثي التي ترفع شعار الموت لإسرائيل قد خلفت في حروبها عام 2014م فقط 7000 قتيل امتدت مقابرهم على طول خارطة الجغرافيا اليمنية. وحسب دراسة أعدها مهدي جرادات فإن إسرائيل قد قتلت منذ انتفاضة عام2000م وحتى شهر فبراير عام 2009م 6598 قتيلاً فلسطينياً. جماعة نشأت في مدينة صعدة.. مدينة حولتها الجماعة من أرض خير وبركة إلى ساحة حرب محروقة.. حولت أطفال المدينة من البراءة إلى البؤس وقتلت فيهم لهفة الابتسامة. ويبدو أن خاصية المرأة الريفية "محدودة المعرفة" هي المرأة النموذجية التي تحدث عنها فكر الحوثيين.. ما يحدث أن الجماعة تحاول تفصيل هذه الأوصاف على المرأة التي ستنجب بعد أعوام سيولة شبابية كافية لخوض رحلة الحروب والدمار من صعدة حتى حضرموت. وعلى طريقة تشرشل في الحرب العالمية الثانية وقف حسين الحوثي أمام حشوده منذ الحرب الأولى في عام 2004م يعدهم بمزيد من العرق والدم والدموع. بعد أكثر من عقد كامل على بدء حروب الدولة في صعدة سيحدثني شاب قادم منها: لم أترك خلفي في أسواق صعدة إلا الكهول والأطفال. مدينة تعاني فقراً حاداً في معدلات الشباب جراء الحروب الاستنزافية التي يخوضها سيد الكهف بأبناء (المرأة العربية المسلمة). مدينة تعاني مزيداً من الأرامل والثكالى ومزيداً من الفتيات العانسات في انتظار المحاربين الذين يذهبون دون عودة.. مدينة تعاني مزيداً من التفاتات الفراق الأبدي دون رقصة وداع أخير بتعبير ميلان كونديرا. فالمرأة عليها أن لا تتعلم.. عليها أن تنجب المقاتلين، على المرأة أن تنجب من آلام ولادتها آلام حياتها، وحسراتها وآهاتها ومكابدتها للوحدة والقسوة والانشغال بيوميات ذاكرة لئيمة لا تمحى. على المرأة اليمنية أن تنجب أطفالاً ليموتوا!! عليها أن تلد غذاء طاحونة الحروب التي تخوضها جماعة الحوثي من أجل الأشياء الصغيرة !! عليها أن تلد لأجل التعبئة العامة ؟! لأجل إنتاج المزيد من حطب الحروب التي تخوضها جماعة بدأت بتحديد العدو قبل تحديد المشروع ؟! بدأت بتصفية خصوم الماضي قبل أن تقول ما الذي ستفعله بأبناء اليمن غير إرسالهم إلى الموت المجاني بحجج كثيرة. جماعة دون مشروع تكتشف نفسها من خلال عدوها بطريقة غلام ساذج يتعرف إلى أعضائه التناسلية على جسد امرأة، وعلى طريقة امرأة تتعرف إلى مفاتن جسدها عن طريق النظر في وجوه النساء البشعات. الجماعة التي تخوض حروبها بأعداء واضحين ومشروع غامض هي جماعة لا يمكنها أن تجيب أتباعها عن أسئلة المستقبل التي تلمع في أعينهم.. لا تستطيع أن تحدثهم عن حقهم في الموت الكريم وعن حقهم في كفن أبيض وجنازة لائقة. عليهم أن يموتوا فقط بعقوبات مناسبة ودون مزيد من الأحلام بتعبير أروندهاتي روي.