كانت الجمعة الثانية في ساحة الحرية بتعز يوما مشهودا تعلن عن مستقبل جديد وافضل بدون الفرد القائد الذي استبدل بالشعب القائد جمعة الشهداء او جمعة الانطلاق تدافع فيها الناس بحماس ووعي وانضباط, لقد كان للنضال السلمي والكلمة التي استمرت تحفر في الجدار في السنوات الماضية من قبل الاحزاب والمنظمات المدنية والكتاب والمثقفين ثمره و جدوى نراها اليوم في هذا المشهد الشعبي الذي كان حلما بعيد المنال ؟ مئات الالاف يتوافدون الى الساحة تضاعف العدد اضعافا مضاعفة عن جمعة البداية التي بدأت هي الأخرى قوية القنبلة التي ألقيت على الحشد في جمعة البداية وذهب ضحيتها شهيد واكثر من 87 جريحاً أثارت الناس فانسكبوا بهذه الكثافة والضخامة والفخامة الرائعة, من جولة سنان مرورا بمعهد المعلمين حتى جولة صافر حيث منصة الخطيب الذي وقف على غير العادة في وسط الجموع الهادره فالضرورات تبيح المحضورات لتمتد الحشود جنوبا في شارعين متوازين وعلى مساحاتهما الجانبية إلى مسجد الكوثر الموصل الى شارع جمال وشرقا إلى تقاطع البنك الزراعي وغربا في الشارع الممتد نحو المركزي, ولم تلتقط ايا من عدسات القنوات الفضائية صورة حقيقية تستوعب الحشود وما ظهر كان نقطة في بحر يز مجر بالتغيير والحرية وذهاب الفرد والأسرة ؟ لم تعد ثورة شباب بل هي ثورة شعب بكباره وصغاره بمثقفيه وعامته بحزبيه ومستقليه ولقد نجح الشباب في اخراج شعبهم وهذه هي مهمتهم الصعبة والتاريخية.
وحده وتلاحم بعيداً عن التفاصيل كانت الجماهير في حالة عرس علوي رفيع وكان العريس المحظوظ هو الشهيد مازن البذيجي الذي سقط شهيد بقنبلة البلاطجية في جمعة البداية مع عشرات الجرحى والذين اخذوا يرفعون شعارات النصر بجرا حهم ويهتفون بهتافهم السحري... الشعب يريد إسقاط النظام.. ارحل الجنازه كانت مهيبة وبصورة لم تشهدها تعز من قبل, زحفت الجماهير المشيعة من ساحة الحرية إلي مقبرة كلابه مشيا على الإقدام رغم بعد المسافة وحرارة الشمس حتى النساء وصلن إلى المقبرة مشيا ذهابا وإيابا لم يعد لدينا( قوارير) في عصر الثورة... وتحولن إلى ثائرات ورائدات للثوره هن من جميع الأطياف و الاتجاهات كما كل الحضور من الشباب والرجال فالثورة التي يصنعونها وتصنعهم أذابت كل الحواجز النفسية والفكرية المصطنعة, و لفت الجميع بعلم الجمهورية اليمنية وحب الوطن, وهذا ماتراه بمجرد دخولك ساحة الثورة التي تحولت إلى مدينة فاضلة ؟ تعز مدينة حزبية والحزبيون موجودون بكثافة فاعلة في ا لساحة لكن دون أن ترى شعارا حزبيا فالجميع تجمعوا حول هدف واحد وشعار واحد بسيط ومكثف يختزل كل الطموحات.. الشعب يريد إسقاط النظام.. دون الدخول في التفاصيل فقد تعلموا من الثورة المصرية أن التفاصيل تسكنها الشياطين والحكام يجدون فيها متسع للمناورة وإجهاض الثورة, لا عناوين غير عنوان ارحل ولا كلام يعلوا على الشعب يريد إسقاط النظام, وكأن المعاني والطموحات عندهم قد جمعت بعناية في هتاف من أربع حروف (ارحل) وشعار من أربع كلمات ( الشعب يريد اسقاط النظام ) وبهذا لا يجد الوسطاء المرسلون من السلطة اوما يسمى بالحكماء او العقلاء بابا او نافذة يدخلون منه الى الساحة لتهديتها ا وإجهاضها,
فلا يوجد سوى باب واسع اسمه (ارحل). ونافذة ضيقه اسمها الشعب يريد اسقاط النظام عبقرية عظيمة حملت سر التغير هبت من تونس ونضجت في مصر ودخلت الى اليمن بهذه القوه والحكمة والصلابة يقودها شباب لا يخوضون في التفاصيل ولا يضيعون وقتهم في الحسابات, فالحسابات أعاقت الكبار في برك الخوف والتردد. صور بن لادن وفتح المجاري وأشياء أخرى بعد فشل البلطجة والقنابل وتحول الثورة الشبابية الى شعبيه... دخلت وسائل جديدة في المعركة ومنها الشائعات المكثفه من كل نوع ومحاولة زرع الفرقه وتطفيش المعتصمين مثل فتح المجاري على الساحة و تسريب صور بن لادن... الا ان كل هذه المحاولات سرعان ما تفشل كما فشلت القنبلة والبلطجة وتعود هذه المحاولات لتدفع الى مزيد من القوة والتلاحم والخبرة... الحياة في الساحة نشطه, حوار, ونقاش, يدور حول انجاح الشعار, والثورة ومواجهه السيناريوهات المختلفة من قبل السلطة ورسم مدى بعيد يعتمد على الصبر والقوه السلمية يعيشون مع إخوانهم الثوار في صنعاءوعدن يحملون الشهداء في قلوبهم ينجذبون الى عدن وشهدائها وبقلق يشعرون ان الرصاصات الموجهة الى عدن تحمل مؤامرات استثنائية تتعلق باستدعاء الإعلام الشطرية والملكية التي اصبحت مطلبا للحاكم وانقاذ نظامه, ولهذا فقد شكلوا قافلة لدعم عدن فمنعوا من الدخول وهم الان يتحدثون عن تشكيل سلسلة بشرية من تعز الى عدن ويقيسون المسافات بالكيلو والمتر فلا شئ مستحيل عندما تنهض إرادة الشعوب. حياة جديدة بحاجة الى تفسير الشعراء و المبدعون والفنانين يطرحون ابداعاتهم والمواهب تظهر وتتفجر كل يوم, نصب الخيام واتمام البينة التحتية تجري على قدم وساق والناس يتجهون إلى الساحة كل يوم ما ان يقضي احدهم عملة حتى يتجه الى الساحة. لتأتي ساعة الذروة التبدا من بعد العصر حتى منتصف الليل. عشرات الالاف يجددون عزمهم يوميا وتتحول هذه الى مئات الالاف يوم الجمعة بصحبة هتافهم الدائم وأغنيتهم المضلة. اصبح للمحافظة مقيلا وسمراً واحد حتى ابناء الريف لا يحلوا لهم المقيل الا في ساحة الحرية... الدكاتره والمهندسون والمعلمون والعمال والمزارعين والتجار.. والمشائخ كلهم موجودون ولكل منهم خيمته والباعة المتجولون يطلبون الله في سوق الحرية ويمارسون الثورة ويحلمون بغد مشرق, اقاموا لجانهم الخاصة في جمهوريتهم الفاضلة النظام يسير بصورة سلسلة بدون استثناء او تميز كل الحاضرون يساهمون في انجاح النظام على انفسهم وكأنه يعوضون على فقدانه خارج الساحة ويتذوقون شيا من حلمهم الاتي, أسرار جديدة من الصعب تفكيكها وفك رموزها, سر القوه سر الصمود و الأصرار والنظام والحرص على الوحدة واستقصاء الحكمة والنظافة الفضيلة تمشي على رجليها بعفتها وعافيتها, الأخوة تلف الجميع والثورة روحهم الواحدة من رجال ونساء كنا نظن إلى الأمس القريب ان السلبية سكنتهم و الانانية حولتهم الى خرائب وشباب كان الكثير قد فقد الامل فيهم ما الذي حدث... اصدقكم القول اري شباب ساحة الحرية ورجالها ونسائها واري مجتمعا جديد واحسب اني كنت مغتربا عنهم عشرين سنة او يزيد. هل تولد الثورات في الشعوب عندما تأتي ساعة الميلاد هكذا كما يولد الفجر من رحم الليل ؟ ما اعلمه انني أمام مولودا جديدا تجاوز مرحلة الطفولة, ويمشي مسرعا نحو الفتوه والنضوج والاراده الصلبة. لقد أصبحت الثورة هم شخصي لكل مواطن ومشروع خاص لكل يمني وهذا تحول لا تفهمه السلطة ولا يستوعبه الوسطاء وهم كثيرون عندما يكررون أسئلتهم التي يراها الشباب غبية على نحو.. كل طلباتكم مستجابة اطلبوا وظائف, مشاريع, مطيبه حلبه, و مطيبة مرق, وصور تذكارية مع الاخ المحافظ او حتى مع الاخ الرئيس, تخزينة قات, اطلبوا ياشباب طلباتكم مجابه فيأتي الرد دائما.. ليس لنا مطالب نحن اليوم لدينا إراده و اوامر, الشعب يريد إسقاط النظام , ارحل