من سعى لتأمين حكمه بالظلم أطاح به ظلمه وللأبد. والمتأمل لسنن الله عبر التاريخ يجد ذلك جليا واضحا مع كل من يصادرون الحقوق والحريات ويستأثرون بالسلطة والثروة ويظلمون الناس ويستبدون بهم سواء على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة. هذه السنن لا تحابي ولا تجامل في أي زمان وفي أي مكان فكل حاكم عبر التاريخ ظلم أمته و استخف بشعبه واستبد به واستأسد في ملكه وغش رعيته هلك وزال ملكه. والأمثلة أكثر من أن تحصى. فما حصل في تونس ومصر وليبيا هو امتداد لسنن التغير إن ثورة الشعب التونس البطل التي أسقطت اكبر دكتاتور في الوطن العربي الذي عاث في تونس فساد وصادر كل الحريات والحقوق وذاق الشعب التونس الويلات في عهده لقد صفر العداد ليكون رئيساً مدى الحياة فصفر نفسه واسرته وسقط حكمه أي أنه لما اطمأن وشعر أنه تمكن من حكمه وظن أنه قادر على شعبه فوجئ بمالم يتوقع و من حيث لا يحتسب فنادى وحاول أن يسترضي شعبه فما أفلح , لسان حال الشعب ترديد قوله تعالى ( الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) لقد خرج هارباً يجر أثواب الخز والعار ولم تقبله حتى الدول التي خدمها طيلة فترة اغتصابه للحكم وكذلك حصل لمبارك والقذاقي وما سيحصل من ثورات على الإنظمة المستبدة في اليمن وغيرها هو امتداد لسنن التغير عبر الزمان . لقد ظل فرعون خائفا على ملكه يقمع كل من عارضه ويبطش ويظلم بكل مخالفيه ممن توجس منهم خيفة سواء بالتصفية الجسدية أو مصادرة الحقوق أو الإقصاء أو التعذيب , وقبل ذلك كان كلما ولد طفل من بني إسرائيل وئدهُ , وفي أيامه الأخيرة بالغ في الطغيان حتى على قومه أنفسهم ناهيك عن قوم موسى الذي زاد في إذائهم , ظناً منه أنه بهذا يوطد حكمه ويطيل أمد بقائه عندها هلك بقدرة قادر. أتاه أمر الله من حيث لا يحتسب لم يغنه كل ما فعله وأعده وتكأ عليه . فهكذا كلما استخف الظالم بقومه وأطاعوه لما أراد يخسر كل ما بين يديه هو وملأه الذين ناصروه وآزروه وأطاعوه , في الوقت الذي يربح مخالفوه ومن نكروا عليه وأمروه بالمعروف ونهوه عن المنكر .قال تعالى عن فرعون:(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ) وكأن القدر يقول له ولمن معه من المفسدين المطيعين له إن كل ما صنعته يا فرعون لتأمين حكمك لم ينفعك بشيء بل هو سبب هلاكك فالذي كنت خائفا منه به تهلك رغم أن موسى كان يدعوه بالتي هي أحسن , نجى الله موسى وأهلك فرعون لأن الله يدافع عن الذين أمنوا فهو وليهم وهو ناصرهم (فعلى نفسها جنت براقش) والعكس يحصل لطلاب التغيير الصادقين. كلما احلولك الظلام أشرقت الأنوار فإذا شعروا بالانكسار توكلوا وفوضوا وعملوا وانتصروا نتيجة لصبرهم وثباتهم , قال تعالى :(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )(110) يسف, والسنة ماضية في بلادنا وبقية البلدان عبر النضال السلمي والثورات الشعبية فهل من معتبر؟!