اللغة العربية الغنية بالمفردات المشبعة بالمعاني قالت أن الوحدة (بفتح الواو) تعني الاتحاد والقوة فيما الوحدة (بكسر الواو) تشير إلى الانعزال والفرقة . لا اعلم كيف كتبت لفظة "الوحدة" في اتفاقية إعادة توحيد شطري اليمن عام 90م، يومها لم أكمل عامي الأول لكن ما أجزم به وعاصرته هو بشاعة الظلم الذي حل بالشعب منذ التوقيع وحتى اللحظة. نطق شعب الجنوب لفظ "الوحدة" مفتوح الواو نظرًا لطبيعة اللهجة او "اللكنة" التي يتحدثون بها تمامًا كما ينطق هادي أبن أبين لفظ "الحوار" ،فيما اخطأ جل من هم في الشمال وهم لا يشعرون في نطق الوحدة بشكلها الصحيح . كان الساسة وقتها يدركون الفارق بين اللفظتين وإن تشابه رسمها فصالح مثلا جعل منها خطًا احمرًا وهو يعلم ما الوحدة وظل يتغنى بها مع كل ذكرى جديدة دون أن يحقق ادني نصيب من اسمها. وحتى لا نظل حبيسي الماضي ونستمر في توجيه تهم العمالة والخيانة للأخر يتفق الجميع على أن المشكلة ليست في الوحدة وأن ما حدث بعدها أساء لها وجعل الناس يترحمون ويحنون إلى ما قبلها . لذلك ومن أجل هذا انتفض الشعب في فبراير 2011 ليستكملوا مسيرة التغيير التي بدأها إخوانهم في الحراك الجنوبي السلمي . أوصلت الثورة الشبابية اليمن إلى الحوار ووضعت على طاولته كل المشاكل التي ظلت تدار من تحت الطاولة لعقود ،وكان من أهمها القضية الجنوبية الذي صنفت بالأكثر تعقيدًا كونها مفتاح لحل باقي المشكلات. ولأول مره سمح للجميع بالتعبير عن رأيه عبر إعلام الدولة الرسمي بغية الخروج بتسوية تُقوم الاعوجاج الحاصل وتعيد للوحدة المغتصبة قيمتها بجبر الضرر ورفع ما خلفه نظام صالح من مظالم. بعد ومد وجزر اتفق المتحاورون على أن يكون لليمن شكلًا جديدًا يعزز من وحدته ويحمي مكتسباته ويدفع به الى مصافي الدول المتقدمة بدلًا من تذيله قوائم الترتيب في مؤشرات التنمية نتيجة حالة التناحر والصراع التي رافقته خلال الفترات الماضية ومازالت ،ولعل هذا هو ما يميز احتفال اليمن بالذكرى الرابعة والعشرين للوحدة عن غيره من الاحتفالات كيف لا وقد أتى على واقع جديد يحتاج فقط إلى اولى العزم . لن نشتُم الوحدة، لن نلعن الثورة، بل لن نترحم على عهد كانت الوحدة فيه مجرد عروض عسكرية وكرنفالية واحتفالات تنتهي بقضايا فساد مخزية.