السمو إلى القيم النبيلة وآفاق الحرية للمجتمع لابد أن يسعى لتحقيقها المجتمع بنفسه ويثبت حقه الذي كفله الدين الإسلامي الحنيف في الحرية من عبودية البشر إلى العودة لعبادة رب البشر ، فلابد من العمل المتواصل بلا كلل ولا ملل في ترسيخ ثقافة التحرر من عبادة البشر التي يريدون لنا أن نعيشها وإن تقمّصوها بقميص الدين والوحدة فهم بعيدون عنها كل البعد ، فإن لم ننتزع الحرية والكرامة بكل الوسائل العلمية الممكنة في تثقيف الناس بذلك بحيث نكون جميعا مجتمعا يعي الحقيقة المرّة بأننا أصبحنا بيد عصابات وأحزاب وشخصيات نافذة تريد أن تركعنا وتجعلنا نستمر في أن نعيش حياة الأنعام بل البهائم والدواب أفضل حالا منا إذا لم نتحرر ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ﴾ [ الفرقان : 44 ] . لقد علمنا أبناء الجنوب الأبي الصامد ، الشعب الحي الذي يرفض أن يرضخ للتبعية والعدوان والفساد والتخلف والتآمر والتسلط والاستبداد والقهر ، شعب تربى على ثقافة العبودية لله وحده لا سواه منذ عرف الإسلام رغم كل المؤامرات التي حيكت على تركيعه بالقوة والجبروت أيام الرفاق المندسين من خارجه لكن في الجهة المقابلة ترى ثقافة الخنوع والنفاق والفساد والانحطاط ، شعب ناعم يميل للتصفيق والمدح والتهليل باسم نافذ أو عبيط ، يتكلم الغالبية عن الدين كثيرا ولكن لا ترى من التطبيق أثرا ، فلم يبدأ بعد في تحرير نفسه ووضع خطة عملية للعبور من التبعية المفرطة التي يتشدق بها عتاولة الفساد والغدر والنفاق ب { الوحدة أو الموت } ويقصدون وحدة النفاق حسب ثقافتهم المنحطة ، فيصفّق بعدهم وهو يعلم علم اليقين أن وحدة النصب والضم والإلحاق والفيد لا يمكن لأي مسلم شريف ملتزم بدينه ويخاف الله سبحانه أن يقبل بها ، وأن وحدة الدين والأخوة والمساواة التي سعى لها الصادقين المخلصين من الجنوب قد وضعها المتنفذين من الشمال وعلمائهم المزيفون تحت أقدامهم فلم يؤمنوا بها ، فأفعالهم تناقض أقوالهم ، لكن الله سبحانه أنطقهم عند أن اختلفوا فيما بينهم بها وقد ظهرت للعيان بوسائل إعلامهم ، مما لا يدع مجالا للشك بأن الشعب الآخر لازال تحت قهر عبودية البشر وإن ادعى بأنه متحرر فلا توجد عنده النيّة حتى في تحرير نفسه بنفسه لأنه شعب تابع رغم التقهقر والبؤس الجاثم على صدره إلا أنه لازال محشو بثقاة ظلم إخوانه في جهة الجنوب . شعب الجنوب شعب جبّار يخوض أقوى معركة في التاريخ مع أقذر عصابات عرفتها البشرية . وكان ذلك كافيا ومبررا قويا لأصحاب الشمال بأن يتبنّى الوعي العالي والإدراك المستنير حتى يخوضون معركة التغيير والإصلاح بتغيير ثقافة الداخل متواكبة مع معركة التحرير الكبرى لأن ثقافة التبعية يصب في مصلحة الأعداء . ويعوق مسيرة النضال ضد كل القوى المتكالبة على الأرض والعرض . التغيير الحقيقي لابد له من حركة شعبية مستمرة ومتكاتفة من الشرفاء في الجهتين وإلا كلاً يعرف طريقه ، وكيف يأخذ كلا حقه ، وليكن الجنوب قدوة للكرامة في تحرير عقلية ثقافة الشمال ، من حق صاحب الأرض أن يطمح في حياة حقيقية فيتمتّع بثرواته التي تحت أقدام أبنائه إلى الأبد ، ومن واجب الجهة الشمالية أن لا تركن إلى الذين ظلموا حتى لا يكتوون بنار الله التي تحرق الأخضر واليابس وقد اشتعلت فتنتهم في ديارهم وكانوا يظنوها أن لا تصل إليهم أبداً بعد أن أشعلوها في الجنوب وشمال الشمال وغذّوا قاعدتهم المزيّفة وافتضح أمرهم للصغير قبل الكبير. فهذه هي حقيقة الشمال والجنوب وثقافة كلا منهما ، مهما أنكر المزايدون إلا أن هذا هو الواقع الحقيقي الذين نعايشه يومياً . فلا إله إلا الله حقا حقا ، ولا معبود لنا سواه : { وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } صدق الله العظيم ، نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين.