رحل السيد والمفكر الاسلامي الكبير إبراهيم بن علي الوزير. قبل أيام قليلة كانت كافية للدلالة على مدى حضور هذه الشخصية المؤثّرة في واقعنا العربي والإسلامي، والتي تتفاعل معها الأوساط العلمائية والسياسية والفكرية والإعلامية داخل اليمن وخارجه. ويتخذ حضور الراحل الكبير السيد إبراهيم الوزير, صوراً شتى من الاستعادة، سواء بقراءة فكره وتراثه المتجدّد ، أو عرض نضاله، أو من خلال اعمالة الفكرية العلميّة والخيرية ، وغيرها من أشكال الحضور، ولا سيما في الأوساط الفكرية في اليمن والعالم، وغير ذلك من صور الحضور المتجدّد بقدر تجدّد رؤى السيدإبراهيم الوزير وأفكاره من مختلف القضايا الدينية والسياسية والاجتماعية والفكرية التي كان له بشأنها موقف ورؤية سباقة. عرفت السيدإبراهيم الوزير منذ بداية نضجي وذلك منذ بداية التسعيانيات،حيث كان ومن ذلك الحدث وما سبقه وما تلاه في اليمن والمنطقة، دور ومواقف شدت إليه أنظار جيل الشباب في اليمن والمنطقة. كان لآراء السيدإبراهيم الوزير الجهادية، ورؤيته النافذة لمآلات الوضع في اليمن والمنطقة، دور حاسم في تصويب النظرة نحو قضايا الشعب اليمني وخياراته في التغيير والإصلاح , وظل طوال تاريخه السياسي مخلصا لمبادئ العدل والشورى والديمقراطية، وتوسيع آفاق الاهتمام الجماهيري إلى قضية فلسطين بكلّ أبعادها، وإلى الكيان الصهيوني كحالة استعمارية توسعية تجب معرفتها موضوعيّاً وعلميّاً، لتكون مجابهتها بعد ذلك لا عن عاطفة، ولكن عن بصيرة وتبصّر بطبيعة هذا العدوّ,وبالنّسبة إلى جيلنا الذي انبهر وتفاعل مع فكر السيد إبراهيم الوزير ومبادئة وتوجهه ، وما تمثّله على صعيد الوعي بطبيعة لليمن والعالم، فإنّ أفكار ومواقفه الدّاعمة لنشر مبادئ العدل والشورى والخير، قد رسمت صورة شديدة الإيجابية لرجال العلم الثائرين المتفاعلين مع قضايا الأمة المختلفة، المتطلعين إلى نهضتها في شتى المجالات لقد تصدى جاهدا طيل سيرته وحياتة لمكافحة الفساد ونشر العدل والخير في الارض والمساواة ,وهي الصّورة التي جذبت الكثير ,ودفعتهم للتعرف إلى أفكاره وآرائه عن قرب، والتزوّد بنصائحه وتوجيهاته القيّمة، وأصبحت كتبه ومؤلّفاته ومحاضراته ولقاءاته الصحفية محلّ اهتمام ومتابعة الأوساط العلمية والفكرية والسياسية في اليمن والعالم,وبأفكاره ومواقفه من معظم أحداث المنطقة وقضاياها، إنّ المواقف النضالية التي قادها في مواجهة الظلم والطغيان ، قد كسرت القوالب الذهنيّة الجامدة المكرّسة لصورة رجال الدين والفكر الاسلامي، الّتي غلب عليها الجمود ومداهنة الحكام الظلمة، والقبول بسياسة الأمر الواقع المفروضة من قبل الحكام المستبدّين والقوى الظالمة , كان السيدإبراهيم الوزير قد إعاد رسم الصّورة الجليلة للإسلام، بكلّ عظمته وحيويته الحضاريّة، وللعلماء ودورهم المهم والحاسم في قيادة الأمّة، وهدايتها وتوجيهها نحو طريق الحريّة والعدالة والبناء والاستقلال وفق منهج الإسلام، وانطلاقاً منه، وليس بتوسّل النظريات والثقافات الغربية التي قادت الأمّة إلى الفشل التنموي والبنائي، كانت أصداء السيدإبراهيم الوزير الذي يجمع إلى جانب: الفكر، والشجاعة، والصفات والمؤهلات الخلقية الرفيعة، والنسب الشريف - و القيام بالثورة على الظالمين ,إنّ استيعاب السيدإبراهيم الوزير الواسع والعميق لمشكلات العصر الفكريّة ، جعلته في قلب التفاعلات والقضايا الّتي عاشتها المنطقة لعدّة عقود، قريباً إلى المثقّفين والمبدعين، ونصيراً للمرأة وحقوقها الشرعية، وداعياً للانفتاح والحوار مع المسيحيّين وغيرهم ,كما كان نموذجاً للعالم المجاهد الّذي تمثّل حياته المباركة الفكر الّذي كان يحمله. ومما يضاعف من أهمية السيدإبراهيم الوزير لا يستطيع المرء أن يفيه إلا بعض الحق، ولا يستطيع سوى الاقتباس من حياة بذخت ونمت وتعدّدت في اتجاهات شتّى، حيث تشهد له بالفضل والسّبق والريادة العلمية والمعرفية، تلك المؤلفات والأبحاث المفيدة والنافعة الغزيرة والجديرة، وتشهد له مشاريعه الخيريّة التربويّة والصحيّة والاجتماعيّة والمعرفيّة، بأنه كان يحمل همّ الفقراء والأيتام والمحتاجين ويتبناهم ,وأنّه كان مهموماً ببناء الإنسان الناهض المقتدر والمؤهّل، كان نهر للعطاء العلمي المستمرّ دوماً، وفي مقام الفقد والوقوف في رحاب السيدإبراهيم الوزير تعجز الكلمات عن أن تعبّر، إلا بالقليل، عمّا تحمله النّفس من الحبّ والعرفان والتقدير له، فلقد كان له فضل على الأمّة، ولا يمكن لمثله أن يغيب إلا بشخصه الكريم، أمّا شمس معارفه وعلومه ومواقفه وآرائه، فسوف تبقى معيناً للأمّة وأجيالها، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فسلام عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيّاً . *محامية ومستشارة قانونية [email protected]