يحل عيد الفطر المبارك على الأمة العربية والإسلامية هذه السنة وكثير من الشعوب العربية تعيش النكبات والأزمات المتلاحقة، فالحرب مازالت مستمرة في سوريا العروبة تحصد الآف السوريين الأشقاء، والإعتداء الإسرائيلي مُستمر على أخوتنا الفلسطينيين البواسل في غزة لا تفرق بين رجل وأمرة وصغير وكبير، وصراعات مذهبية تُقسم عراق الرافدين، والنزاعات الداخلية تُمزق ليبيا المُختار، ومثلها في اليمن "السعيد قديماً والحزين حديثاً"، والإستقرار لم يبسط نفوذه بعد على مصر أم الدنيا، وغيرها وغيرها! العيد هذا العام يأتي هذه الشعوب بلون الظلام وأصوات البنادق وإحساس المرارة وطعم الدموع! المواطن في هذه الشعوب لا تُفرحه في ليلة العيد لا الأنوار (التي لم يراها) ولا الثياب الجديدة (التي لم يشتريها) ولا زينة العيد (التي لم يقدر عليها) ولا الطعام والشراب (الخالي منه بيته) بعد شهر الصيام كما أعتاد أن يُسعد أبوه وجده، بل بات يحمل هَمَّ طلوع الشمس على صغاره ويديه فارغة لا يستطيع أن يفرحهم ولا أن يُقدم لهم شيء! حروب ونازحين وفقراء، فما يُفرح هولاء!! قال المتنبي قبل عشرة قرون وهو يشعر بخيبة الأمل (عيد بأي حال عُدت ياعيد***بما مضى أم بأمر فيك تجديد)، ومازالت خيبة الأمل تلك تطارد أحفاده في الوطن العربي إلى يومنا هذا! مالجديد في هذا العيد الذي تتصدر فيه أخبار الدمار والخراب والصراعات والفقر والجوع صفحات الصُّحف العربية! مالجديد وأخواننا مشردون ونساؤنا تُغتصب وأراضينا تُدنس! الجديد هو أن الشعوب العربية أصبحت أكثر فقراً وأقل تماسكاً وأضعف قوةً وأقل حيلة عن الأعموام السابقة، وباتت الزعامات العربية أشد خنوعاً وأكبر كروشاً وأكثر مستشارين! الجديد هو أنَّ الخارطة العربية تتغير وتتبدل لتظهر فيها دولاً ودويلات ومسميات جديدة! والجديد أن الغنى الفاحش في قليل من الدول العربية يتدخل في الفقر المُدقع لأغلب الدول العربية أيضاً ولصالح الخيارات والوصايات الأجنبية! الكأبة العربية هي سمة هذا العيد والأعياد السابقة! عندما تتجول في الشوارع لا ترى إلا وجوه كالحة ونفوس مجروحة وقلوب غير صافية! وماذا ننتظر من المواطن العربي غير هذه الصورة في ظل هذه الظروف والنكبات التي يعيشها! يُقال أن العيد فرحة، ولكن كيف تتأتى تلك الفرحة في ظل هكذا ظروف! هل يفرح الذين يعيشون في العراء بلا مأوى، أم يفرح الفقراء الذين لا يجدون لقمة العيش، أم يفرح الذين فقدوا فلذات أكبادهم وذويهم في هذه الصراعات! وبالمقابل هل يفرح الأشقاء الأغنياء الذين يعيشون كل مظاهر الأمن والرفاهية وهم يشاهدونا في أخبارهم ونشراتهم نُقتل ونُشرد ونموت بدمٍ بارد! أم أنهم "جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم" حتى لا نُكدر عليهم صفو عيشهم وفرحتهم التي تأتي على حساب مُعاناتنا وشقائنا الكبير! وبالرغم من كل هذه النكسات التي نعيشها، إلا أنَّ البعض إستطاع أن يتحين لنفسه لحظةً يُدخل فيها السرور على قلبه ويغتنم ما في يديه ليَفرح ويُفرح من حوله! فبصيص من النور خير من ظلمةٍ حالكة، ولو كان للحظات! إنه الأمل الذي تزرعه بسمة طفل في وجه أبيه وأمه ولو بأبسط الأشياء، وضحكة مولودٍ لم يعلم من أعيادهم واتراحهم السابقة شيء! إنه الغد الذي يتلألأ في عيون الأطفال، والذي يجعلنا رغم كل هذه الجراح نحلم بغدٍ أفضل وشمسٍ مشرقة تحتوي كل أبناء العروبة بأشعتها الذهبية وتضيئ الأرض العربية كما كانت من قبل! الأمل بغدٍ لا نكون فيه مسرحُ لصراعات الكبار وأحقاد الطامعين الذين أصلونا إلى هذا الوضع! وعيدٌ سعيدٌ لكل مواطن عربي لم يفقد الأمل بعد في أمته وعروبته ودينه! * عضو المجلس العالمي للصحافة