ها نحن نشهد الجرعة الثالثة عشرة لرفع اسعار المشتقات النفطية منذ قيام الجمهورية اليمنية . و المرة الوحيدة التي انخفضت فيها الأسعار كانت في إبريل عام 2012م. . و ما سبقها كان عمليات رفع أسعار و الجرعة الحالية هي الثانية كبرا فيها بعد جرعة عام 2011م. التي ارتفعت فيها الأسعار بنسبة : 400 % . . فهل تكون هذه الجرعة الطازجة الأخيرة ؟ . . و هل نصل إلى مستقر لسياساتنا الاقتصادية و وقف نزيف إنهيارنا الاقتصادي الذي ظل يتخبط في الفترات الماضية جراء الأخطاء ؟ . . من السابق لأوانه الإجابة على هذين السؤالين العسيرين ، و الآن علينا أن نبدأ بمصارحة أنفسنا عن الأخطاء الكبيرة غير المتوقعة التي ارتكبت في سياق رفع الدعم عن المشتقات النفطية – أغسطس 2014م. و التي كان يمكن تحاشيها ، و هي أخطاء تنم عن عدم دقة صنع قرارات الحكومة ، و الأهم أن لها آثار اقتصادية سلبية لا يستهان بها تجعلنا – بالضرورة - نتناولها حتى و إن كنا نؤيد رفع الدعم عن المشتقات النفطية كأجراء إصلاحي اقتصادي هام طال أنتظاره . - السعر الجديد مرتفع : إن الأنتقادات الموجهة للحكومة اليمنية بشأن رفع أسعار المشتقات النفطية كثيرة و متعددة الأوجه ، بيد أن ما يهمنا منها – هنا - ما جاء بأن أسعار المشتقات النفطية الجديدة مرتفعة . . و الاتجاه الأول هنا يأتي من كثير من المواطنين ممن يقولون إننا دولة منتجة للنفط و الغاز و لا يمكن أن تكون الأسعار للمشتقات النفطية بنفس الأسعار العالمية . . الأدهى من ذلك أن بعض الاقتصاديين يقولون أن أسعار المشتقات النفطية الجديدة تفوق الأسعار العالمية . و قد ورد ذلك من قبل رئيس الجمعية اليمنية لحماية الثروات الطبيعية – د . محمد الزوبه - الذي أشار إلى أن الاسعار المحددة بقرار الحكومة الأخير الخاصة بالبنزين تفوق أسعار البنزين بما نسبته : 25 % عن السعر العالمي الموجود اليوم ، حيث أن سعر الدبة البنزين ( 20 لترا ) لا يتجاوز عالميا ما بين : 3100 – 3200 ريال ، حسب رأيه ( العين أون لاين – بتاريخ : 30 / 7 / 2014م. ) . و الباحث الآخر هو د . عبيد البري الذي كتب مبينا تكاليف عمليات الاستخراج و التكرير وصولا إلى تكلفة و سعر البرميل الواحد ، و يستنتج د . البري أن الحكومة تبالغ في أرقام الدعم التي تحدثت عنها دائما ، و انها تكسب مبالغ إضافية لا تصرح عنها في كل برميل نفط ( راجع مقالة د . عبيد البري في "عدن الغد " بتاريخ : 4 / 8 / 2014م. ) هناك ثلاث حقائق بشأن تحديد السعر الجديد المرتفع . . الحقيقة الأولى : أن القرار الأخير للحكومة اليمنية بتاريخ : 2 / 8 / 2014م. بشأن إعادة تسعير المشتقات النفطية جاء مخالفا للتوقعات التي وجدت ، إذ أنه صنع ليس بالعودة إلى الاسعار المرتفعة للمشتقات النفطية أثناء أزمة الصراع السياسي العسكري منذ عام 2011م. التي سادت حتى بداية نهاية شهر مارس 2012م. و إنما جاء بما هو أعلى منها مقارنة باسعار ما قبل القرار ، فقد صار سعر الدبة البنزين ( 20 لتر ) : 4000 ريال . بدلا من :2500 ريال ، أي بزيادة بلغت : 60 % . و سعر الدبة الديزل ( 20 لترا ) : 3900 ريال ، بدلا من : 2000 ريال ، أي بزيادة : 95 % . و سعر الدبة الكيروسين : 4000 ريال ، بزيادة : 100 % . و أبقي على سعر الدبة البوتوجاز ( الغاز المنزلي ) على ما هو عليه : 1200 ريال . في حين أنها تباع رسميا بسعر : 1500 ريال . بزيادة بنسبة : 25 % و مازالت أسعارها غير ثابتة في السوق على عكس بقية المشتقات النفطية ، حيث يتراوح سعر الغاز المنزلي في حالة صراع و خلاف ما بين : 1500 – 2000 ريال . الحقيقة الثانية : هي تداخل عوامل كثيرة في أسعار المشتقات النفطية . . فلا شك إننا لا يمكن أن ننظر أقتصاديا إلى أننا دولة منتجة للنفط كاملا لأن إنتاجنا ظل يحوم منذ عام : 1995م. فوق و أدنى من : 400 ألف برميل يوميا و إن كان إنتاج بلادنا من الغاز الطبيعي أفضل . كما أننا نفتقر إلى القدرة التكريرية ، فمثلا - استوردنا : 60 % من مادة الديزل للسوق المحلية من الخارج في العام الماضي الذي شهد أستيراد معظم المشتقات النفطية ( مثله مثل بقية الأعوام ) من : الإمارات – الكويت - هولندا – سويسرا . و لذا عندما نقيم سعر المشتقات النفطية لا يمكننا أن نأخذ سعر البرميل النفط السائد في سوق عالمية أو تكاليفه محليا لأنه غير ثابت ، كما أن تكاليفه تتأثر بالتكرير و نقلها من الخارج إلى السوق المحلية و ما يفرض على ذلك – هناك أو هنا – من ضرائب و رسوم . فمثلا تفرض الدول المتقدمة رسوما أعلى على الديزل مما هي عليه على البنزين حفاظا على البيئة . و مثال آخر هو تأثرنا بحالة الأسواق العالمية ، ذلك أن أزمة شحة مادة الديزل العام الماضي و العام الحالي سادت في معظم الدول العربية التي تنتج كميات قليلة نسبيا من النفط . و لأسباب عدة ، منها عدم القدرة على التحكم أو حتى التوجيه للتوازن بين العرض و الطلب في الأسواق الذي توجه خلال فترة زمنية طويلة ماضية نحو استخدام آلات و معدات و مصانع تشغل بالديزل الرخيص المدعوم . بالإضافة إلى أن كميات الديزل المهربة إلى خارج البلد المعني هي أكثر بكثير من كميات البنزين المهربة . الحقيقة الثالثة : . . إن ما أوردناه في الفقرة السابقة من صعوبة تحديد سعر المشتقات النفطية عالميا و بصورة دائمة يؤدي إلى ما أطلقت شركة النفط اليمنية ( الجهة الحكومية المخولة بأستيراد و توزيع المشتقات النفطية ) عليه مصطلح " السعر المحرر " أي التكلفة الحقيقية للمشتقات النفطية بدون دعم يذكر . . و جاء ذلك لأول مرة في عام : 2008م. عندما قررت البيع للمصانع المحلية و الشركات الاجنبية بالسعر العالمي الذي أرتفع ذلك العام ثم أنخفض . . و عاد التعامل بالسعر المحرر في أول فبراير 2014م. و في إعلان بتاريخ : 27 مايو من العام الحالي ، و فيه أعلنت الشركة أن السعر المحرر هو للدبة البنزين ( 20 لترا ) : 3500 ريال . و للدبة الديزل ( 20 لترا ) : 3000 ريال . إن رأينا أن أسعار المشتقات النفطية المحررة من الصعب تحديدها بشكل ثابت و لكن كمعدل وسطي فإن الأسعار المبينة في الفقرة السابقة – أعلاه - قريبة أليها ، و أن الاسعار الجديدة في القرار الحكومي الأخير عالية و قد تكون أخذت توقعات الحد الأعلى لمتوسط الأسعار المحررة للمشتقات النفطية أو غيره . و نستند في حكمنا هذا _ أيضا - على تجربة عملية قام بها فعلا أحد المتخصصين العاملين في مجال النفط لصالح أحد المهاجرين التجار ، و ذلك في منتصف عام 2013م. إذ كانت المفاجئة أن سعر البنزين و الديزل المستورد من قبل شركة تجارية خاصة ( واصلا إلى مستودعاتها ) مقارب جدا للسعر السائد – آنذاك - : سعر الدبة البنزين ( 20 لتر ) : 3500 ريال . و سعر الدبة الديزل ( 20 لترا ) : 3000 ريال . علما بأن متوسط الربح على دبة الديزل أو البنزين عند البيع : 100 ريال للجملة و مثلها للتجزئة . . لكن لا يمكن القيام بمقارنة أوتماتيكية نتيجة لعاملين مهمين : الأول ، أن الصفقة التجارية الخاصة المذكورة آنفا كانت من روسيا الاتحادية و بكمية محدودة و ليست كبيرة بينما الكميات التي تستوردها شركة النفط الوطنية كميات هائلة ، و هذا لا شك يؤثر على السعر . . العامل الثاني : أن قسم من كميات المشتقات النفطية التي تباع في السوق المحلية اليمنية من الأنتاج الوطني ، و تكلفتها أقل . كما جاء في تقرير لجنة أزمة المشتقات النفطية التي شكلها مجلس النواب و المقدم للمجلس في شهر يونيو الماضي ، ما يلي : ( إن ما يقارب : 80 % من الدعم المستحق لشركة النفط يتم تسديده في شكل نفط خام و الذي يستغرق تكريره وبيعه ما يقارب : 45 يوماً ، و هو ما أضعف من قدرة شركة النفط اليمنية على شراء المشتقات النفطية و دفع قيمتها بمجرد وصولها الموانئ اليمنية ) . . و في جميع الأحوال فإن السؤال المهم يتكرر : كيف حددت حكومة الوفاق الوطني السعر الجديد للمشتقات النفطية المرتفع نسبيا ؟ - تجاهل أنواع البنزين : إن عدم تضمين القرار الحكومي الخاص برفع أسعار المشتقات النفطية : 2 أغسطس 2014م. أسعار محددة لكل نوع من أنواع البنزين ينم عدم الدقة في العمل و صنع القرار ، و يدل – كذلك - على ضعف الدراسات و الابحاث و التقارير المسبقة الخاصة بالسياسة الاقتصادية في هذا القطاع الهام التي تبنت قرارا صائبا لكن أخطائه كبيرة و بعضها قاتلة . . فالجميع يعرفون أنه توجد عدة أنواع من البنزين تصنف بحسب نقائها ( خلوها من مادة الرصاص ) و ذلك بمستوى وجود مادة الكتلين في كل نوع منها ، و الحاجة إلى تمايز نوعية البنزين بموجب تصنيع محركات السيارات و وصول كل منها إلى أفضل أداء ، و تلك الأنواع ، هي : N80 – N90 – N92- N95 و أدناها سعرا هو : N80 الذي يستخدم غالبا في اليمن و قيمته تقل عن قيمة اللتر البنزين من نوع N92 بأكثر من النصف ، أي بما يقارب : 55 - 65 % . و كذا نوع البنزين N92 هو أيضا تقل أسعاره عن سعر نوع البنزين الفاخر الذي لا يستخدم إلا لدى قليل من الميسورين N95 بما يقارب : 220 - 250 % و هذه الفوارق كبيرة جدا في أسعار البيع . و هي كبيرة أيضا سواء في عمليات الاستيراد ، أو حتى في الرسوم التي تفرض على كل نوع منها في مختلف دول العالم ( بما في ذلك الدول التي تقوم بالتكرير ) تبعا لمعدل النقاوة في كل نوع من تلك الأنواع و التي يجرى التفريق فيما بينها عند التكرير و التصنيع بألوان معينة تميز كل منها عن الآخر . إن معظم نشاط شركة النفط الوطنية كجهة محتكرة لاستيراد و بيع و توزيع المشتقات النفطية ، بما فيها مادة البنزين يعتم على أنواع البنزين بالرغم من تفاوت الاسعار الكبير فيما بينها . و المرة الوحيدة التي أعلنت الشركة عن وجود أنواع من البنزين كان في عام : 2010م. حين أعلنت أنها وفرت إلى جانب البنزين العادي ( 60 ريالا للتر ) البنزين الخالي من الرصاص و بسعر : 80 ريالا للتر الواحد ، و الفرق واضح . . هل كانت شركة النفط الوطنية تستورد البنزين العادي N80 فقط ؟ . . هل كانت الشركة تستورد و توزع نوعين من البنزين المختلف جودة و سعرا و تبيعهما بسعر واحد / السعر المدعم ؟ أو العكس ؟ . . هل كانت تبيع لجهات من النوع العادي و جهات أخرى من النوع الجيد ؟ . . هل كانت تخلط بين الأنواع ؟ . . علما بأن معظم دول العالم تعاقب بشدة على خلط نوع بنزين أقل جودة بنوع أفضل جودة . و بما أن الأسئلة الواردة أعلاه بدون إجابة ، و المعلومات عنها غير متوفرة . فأنه يصعب علينا أن نتناول نتائج الألتباس الذي تمارسه الشركة فيما يخص أنواع البنزين . . و مع ذلك فإن عدم تضمين القرار الحكومي الخاص برفع أسعار المشتقات النفطية : 2 أغسطس 2014م. أسعار محددة لكل نوع من أنواع البنزين يظل خطأ جسيما بالمعايير الاقتصادية و المالية و التجارية . - تكلفة الأخطاء الاجرائية : أعلنت الادارة العامة لإحصائيات التجارة ( البنك المركزي ) أن تكاليف استيراد المشتقات النفطية بلغت : 303 مليار ريال و 244 مليون خلال الأربعة الاشهر الأولى من عام : 2014م. و بأرتفاع عن عام 2013م . : 193 مليار ريال . أي بزيادة تقارب : 110 مليار ريال . و قد برر ذلك بأنه نتيجة لخسارة : 3 و 3 مليون برميل محلي كفاقد تخريب خلال الأربعة الأشهر الأولى من العام الحالي . و حسب وزارة المالية فإن مخصصات دعم مشتقات النفطية للعام الحالي 2014م. : 330 مليار دولار . و ما صرف لهذا الغرض حتى نهاية شهر يونيو الماضي : 363 مليار دولار . و عموما كان تبرير الزيادات في الاستيراد للمشتقات النفطية و تكاليفها دائما هو التخريب لأنابيب النفط المحلية ، حيث قالت الجهات الرسمية أن الدولة تكبدت : 75و 4 مليار دولار كخسائر ناتجة عن العمليات التخريبية خلال عام واحد من مارس 2013م. و حتى مارس 2014م. و لكن هذا لا يجعلنا نصدق أن خسارة الأربعة الأشهر الأولى من هذا العام كانت بمعدل متوسط : 750 ألف دولار في الشهر بينما كان معدل متوسط الخسائر الشهرية في العام المذكور آنفا : 365 ألف دولار . فلقد كان عام 2013م . من أسوأ الأعوام تخريبا للأنابيب النفطية . و عدم التصديق له أسبابه التي تعود إلى التلكؤ في إتخاذ القرار مما أعطى فرصة للمهربين في خزن و تهريب كميات كبيرة جدا . إن الخطأ الإجرائي الأول هو التردد في إتخاذ القرار برفع الدعم عن المشتقات النفطية ، حيث أن مسائل التغيرات السعرية مسائل حساسة و لا تقبل طول مدة نقاش حولها . لقد كانت أهم خسائر الأخطاء الاجرائية من جراء الأزمة في تموين المشتقات النفطية التي بدأت من أزمة شحة توفر مادة الديزل في عام : 2013م. على الرغم من تخفيض الاسعار في شهر إبريل إلى الأزمة الحادة لتوفر جميع المشتقات التفطية و خاصة البنزين و الديزل منذ شهر مارس : 2014م. ما يلي : أرتفاع نفقات الدولة لاستيراد المشتقات النفطية ( كما سبق الايضاح ) ، التكاليف الإضافية على المواطن نتيجة الشراء من السوق السوداء بأسعار مضاعفة عن السعر المحدد ، توقف قسم من المزارع و تلف صادرات ، تجميد قسم من قوارب الصيد ، توقف بعض المصانع و شرائها الديزل باسعار مضاعفة ، انقطاع الكهرباء كخسارة على المواطن و الدولة ، تدني إنتاجية العمل . . و غيرها . صحيح أن إتخاذ القرار برفع الدعم عن المشتقات النفطية قرار صعب ، و يحتاج إلى أقناع على المستوى الرسمي و الشعبي ، لكن التردد الذي حصل كان أشبه بتعذيب للمواطن و للدولة معا أدى إلى ألحاق خسائر كبيرة بالأقتصاد الوطني . و بالمقابل حقق ( الردد ) فوائد و مكاسب لتجار السوق السوداء و المهربين إلى الخارج ، كانوا أقوى و أذكى من المواطن و الدولة . فتجار السوق السوداء أغتنموا الفرصة و كسبوا الكثير ، و يقال أن بعضهم كسب كربح ما يزيد على خمسة مليار ريال ، هذا بدون ما ربحوا عن ما لديهم من مخزونات عند اتخاذ قرار الاسعار الجديدة بداية الشهر الحالي . . أما المهربين إلى الخارج فإن مكاسبهم كانت تاريخية بالنسبة لهم لأنه لم تتخذ أحتياطات أمنية استثنائية كافية قبل صدور القرار تحد من نشاطهم . و للتأكيد على هذا نعطي أمثلة . . ففي محافظة المهرة وحدها تم يوم : 15 / 7 / 2014م .ضبط سفينة بها براميل تحتوي على : 400 ألف لتر ديزل . و في يوم 27 / 7 / 2014م . ( أي قبل أقل من أسبوع من عملية رفع الدعم ) تم ضبط سفينة هندية محملة ب : 3 ملايين لتر ديزل ، إنها كمية كبيرة و عملية عالية الكلفة ، كمثال . مع الأخذ بعين الاعتبار أن مراكز التهريب العتيقة تطل على البحر الأحمر و ليس على البحر العربي و خليج عدن . إن ما أوردناه في بداية هذه الفقرة عن زيادة الكميات من المشتقات النفطية التي ضخت للسوق في الأربعة الأشهر الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام المنصرم ( 110 مليار ريال ) تكاد تكون ذهبت لتجار السوق السوداء و المهربين إلى الخارج ، و ربما كانت أرباحهم أكبر من ذلك بكثير . . و ما نقصده بتناولنا للأخطاء الإجرائية لتعديل أسعار المشتقات النفطية أنه كان بالإمكان وضع خطة ممنهجة و علمية لتنفيذ الأجراء بدلا من الخسائر المباشرة و غير المباشرة التي وقعت و ستؤثر على مستوى التضخم في الأشهر القادمة . . لو وضعت خطة كمثل هذه الخطة لكان الأجراء أقل كلفة و خسارة و عناء . . و بما أن الأجراء قد تم فعندما تقول : " لو كان . . " يجيبك معظم المسئولين الحكوميين كالعادة دائما : " ليس بالإمكان أفضل مما كان " . - آليات تنفيذ الأجراء : إن الأخطاء التي نتناولها في سياق هذا البحث ، و خاصة الأخطاء في تحديد سعر المشتقات النفطية الجديد ، و عدم تحديد سعر معين لكل نوع من أنواع البنزين المتفاوتة الكلفة تؤثر على آليات تنفيذ القرار الحكومي الأخير و تؤثر على الأسواق و آليات تنفيذ الأجراء من أطر و مؤسسات تجارية . إن النزاع بين الجهات الرسمية عن صلاحية استيراد و توزيع المشتقات النفطية قائم ، و ربما سيشتد في الفترة القادمة نتيجة الأخطاء السلبية المصاحبة للقرار الايجابي . و كان فخامة رئيس الجمهورية قد وجه بتاريخ : 24 / 7 / 2014م. بالفصل في النزاع بين شركة مصافي عدن و شركة النفط الوطنية بأن تتولى الثانية مهام بيع المشتقات النفطية للقطاع الخاص بعد أن كانت هذه المهمة متنازع عليها بين الشركتين . كما أن الحكومة وعدت مصانع القطاع الخاص في شهر مايو الماضي بأن تستورد متطلباتها من المشتقات النفطية من ذات نفسها و لم يتم تنفيذ الوعد حتى الآن . إن القرار الحكومي الخاص برفع أسعار المشتقات النفطية : 2 أغسطس 2014م. أنحصر على أن يكون قرار تعديل أسعار ، و لم يتطرق إلى تحديد آليات تنفيذه ، و شبكة استيراده و توزيعه و بيعه . و نقول هذا لأن الجهات التي تشكل شبكة تنفيذه متعددة و كل واحدة تبحث عن معالجات لمتطلباتها في ظل الأسعار الجديدة المرتفعة ، و تلك الجهات على النحو التالي : الرقم الجهة / القطاع مخصص الديزل المدعومة / مليون لتر النسبة من الاجمالي % 1 المحطات خاصة 141 2 67و 59 2 محطات الكهرباء الحكومية 771 49و 21 3 الشركات الخاصة 255 1و 7 4 محطات شركة النفط 156 35و 4 5 الشركات الأجنبية 76 1و 2 6 جهات حكومية 66 8و 1 7 مصانع الاسمنت 48 3و 1 8 المصانع المختلفة 38 1و 1 9 القوات المسلحة 37 09و 1 = الاجمالي = 588 3 100 و لقد أوردنا حجم مخصص كل جهة من الجهات أعلاه من مادة الديزل لنبين حجم نشاطاتها و حاجاتها . . هذا إلى جانب وجود مجمع متكامل لإنتاج الغاز الطبيعي و شركة مصافي عدن ، و مصفاتين في كل من الحديدة و حضرموت . . و كان يفترض تحديد أسس عمل هذه الشبكة المتنوعة ، و عملها كوحدة واحدة في تنفيذ القرار الجديد . و هل سيسمح للجهات المبينة أعلاه بأن تستورد متطلباتها من المشتقات النفطية من ذات نفسها ، و كذا هل يسمح لها توزيعها في الأسواق ؟ - الإبقاء على دعم قطاع الكهرباء و الطاقة : إن مسألة الإفصاح عن المبالغ التي وفرتها الدولة من قرار رفع أسعار المشتقات النفطية الأخير مهم جدا . و تصبح هذه المسألة أكثر أهمية في تحديد ما هو متبقي من دعم يقدم من الدولة ، إذ صرح مصدر حكومي مسئول ل " يمن جورنال " بان الحكومة لم تتخلى سوى عن : 62 % من الدعم للمشتقات النفطية . فهل هناك جرعات سعرية قادمة إذا ما ظل العجز في الموازنة العامة قائما ؟ أم أن ما تبقى من نسبة أوردها ذلك المسئول ( 38 % من الدعم السائد قبل الرفع الأخير ) يعني بها ما يخص إبقاء الدعم للمشتقات النفطية الخاصة بقطاع توليد الكهرباء من قبل الدولة . . و ربما كان الاعتقاد الأقرب هو الأخير لأنه شبه منسجم مع تصريح الحكومة في اجتماعها بتاريخ : 5 / 8 / 2014م. الذي ورد فيه أن دعم وقود إنتاج الطاقة الكهربائية في العام الحالي سيستمر ، مبينة أن قيمته تصل إلى : 236 مليار ريال . أي ما يقارب ثلث مجمل الدعم للعام الحالي البالغ : 656 مليار ريال . و يعلو الرقم الوارد أعلاه عن ما كان عليه في عام 2013م. و قد أوضح تقرير لجنة أزمة المشتقات النفطية التي شكلها مجلس التواب و المقدم للمجلس في شهر يونيو الماضي : ( أن دعم مادة الديزل المقدم للكهرباء يصل إلى أكثر من :154 ريالاً للتر الواحد ، و أن الكمية المسلمة للكهرباء خلال عام : 2013م. بلغت : 851.3 مليون لتر . تصل بالسعر العالمي إلى حوالى : 165.7 مليار ريال ، و تتحمل الحكومة فارق السعر كدعم لمادة الديزل بمبلغ : 157.6 مليار ريال . و بنسبة : 95% من النفط اليمنية و المحتسب بسعر : 40 ريالاً عليها ) . و يشير التقرير المذكور إلى لب المشكلة في دعم وقود قطاع الكهرباء ، و هي أن الدعم المقدم من وزارة المالية لقطاع الكهرباء بحسب أرقام عام : 2013م. ( 6و 157 مليار ريال ) تنال شركات أو محطات شراء الطاقة الخاصة النصيب الأكبر منه ، إذ نالت خلال العام المذكور : 1و 126 مليار ريال . بينا نالت محطات الكهرباء الحكومية من الدعم في نفس العام : 5و 31 مليار ريال بالإضافة إلى : 1و 8 مليار ريال قدمت لها من قبل المؤسسة العامة للكهرباء قدمت للمحطات الحكومية . و مع ذلك لا يمكن المقارنة بين الدعم لأسعار الديزل الذي تحصل عليه محطات الكهرباء الحكومية مقارنة بما تحصل عليه شركات بيع الطاقة الخاصة . . و يأتي ذلك تبعا للكميات المدعومة من الديزل ، ففي عام 2013م. حصلت محطات الكهرباء الحكومية على : 3و 203 مليار لتر بينما حصلت محطات شراء الطاقة التابعة لشركات خاصة على : 648 مليار لتر . أي ما نسبته : 1و 76 % من المجموع . هل حاول قرار حكومة الوفاق الوطني الأخير بشأن تعديل أسعار المشتقات النفطية أن يحل المشاكل السابقة المستعصية . و فيما يخص مشكلة دعم الوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية الآنفة الذكر الذي ظل الجميع يشكو فيها من شراء الطاقة ، لم يقدم جديدا ؟ و هناك صراع حاد حتى في ظل الوضع السابق الحالي بين الآراء تجاه أسلوب الحل . البعض يرى أن تباع الوقود لمحطات الكهرباء بالأسعار الجديدة و يدفع الدعم نقدا للوزارة حتى لا يختل السوق و يظهر التهريب من جديد . و البعض يرى أن يدفع الدعم من الدولة لوقود الكهرباء عن طريق فواتير المواطنين مباشرة ؟ و لكن المشكلة أكبر في دعم محطات شراء الطاقة من الشركات الخاصة ، كيف سينظم ؟ . . لا أحد يعلم . من المفترض أن تكون كل الأجوبة للأسئلة الصعبة قد وضعت كاملة قبل اتخاذ قرار حكومة الوفاق الوطني برفع الأسعار الأخير . - الخطأ السياسي الاقتصادي : إذا نظرنا بمصداقية للتجارب السابقة للسياسات الحكومية في تسعير المشتقات النفطية سنجد أن إهتراء منظومة الدعم و التهريب لم يكونا سببين في رفع أسعار المشتقات النفطية ، إذ أنها كانت تدافع عن نفسها ببسالة . . الحقيقة كان السبب الأول لرفع سعر المشتقات النفطية في اغلب الأحيان هو : العجز في الموازنة الحكومية . . و حتى هذا السبب كداء لم يتم علاجه بالعمليات المتعددة لرفع الأسعار التي بدأت و توالت في الأعوام : 1998م. – 2001 – 2004 - 2005م. – 2007م. ( تم التراجع عن قسم منها ) . و كان الرفع أحيانا بسبب ارتفاع الأسعار العالمية كما هو الحال في عام : 2008م . حيث رفعت أسعار الديزل المباعة على مصانع الحديد و الأسمنت و المصانع الخاصة مما أدى إلى توقف عدد منها. ثم توالت عمليات الرفع في عام : 2010م. عمليتان . بان تم رفع أول العام حيث بلغ سعر اللتر الديزل إلى : 45 ريال ، و اللتر البنزين إلى : 65 ريال ، و اللتر الكيروسين إلى : 45 ريال . ثم جرى رفع أسعار آخر في شهر يونيو من نفس العام حيث بلغ سعر اللتر الديزل : 50 ريال ، و اللتر البنزين إلى : 75 ريال ، و اللتر الكيروسين إلى : 50 ريال . كما أرتفع سعر الدبة الغاز الطبيعي من : 500 ريال إلى : 800 ريال . لقد ارتفعت اسعار المشتقات النفطية في عام 2011م. أثناء نشوب الأزمة السياسية الحادة التي شهدها البلد و بدون قرار رسمي إلى : اللتر الديزل : 100 ريال ، و اللتر البنزين إلى : 125 ريال ، و اللتر الكيروسين إلى : 100 ريال . ثم بقرار رسمي في شهر يوليو 2011م. على التوالي إلى : 175 ريال للبنزين ، و 125 ريال للديزل ، و للكيروسين : 200 ريال . – 2011م. و في عامي – 2012م. – 2013م. حصل ارتفاع في اسعار المشتقات النفطية المباعة على المصانع الخاصة و الشركات الاجنبية . كما حصل ارتفاع في اسعار الغاز الطبيعي . إن الخطأ الرئيس الأول : هو أن قرار حكومة الوفاق الوطني الأخير برفع الدعم عن المشتقات النفطية أتى في سياق السياسات الاقتصادية السابقة لأنه لم يتخذ في وضع طبيعي لإنهاء إهتراء منظومة الدعم و خللها و إنهاء التهريب الذي صار متسلطا على تلك المنظومة و أنما أتى مثلما حدث في الماضي بسبب العجز في الموازنة الحكومية الذي نما عبئ رفع حجم دعم كميات المشتقات النفطية المدعومة عاما بعد عام حتى وصل إلى : 13 % من الناتج المحلي الاجمالي ، و إلى : 20 % من الميزانية الحكومية ، و هذا سبب وجيه لاتخاذ القرار ، و لكنه ضعيف لأنه يبرر ضعف الحكومة بما يقلل من تجاوب المواطنين و يصلب موقف المعارضين . الخطأ الرئيس الثاني الاجرائي : هو أنه حصلت في الربع الثاني من عام 2012م. أزمة شديدة في توفر المشتقات النفطية في ظل استمرار الاسعار المرتفعة للمشتقات النفطية أثناء الصراع السياسي العسكري منذ عام 2011م. السابقة الذكر . و مع ذلك قررت حكومة الوفاق الوطني الجديدة في شهر إبريل 2013م. العودة بأسعار المشتقات النفطية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السياسية العامة الحادة بحيث صار سعر الدبة البنزين ( 20 لتر ) : 2500 ريال بدلا عن : 3500 ريال . و سعر الدبة الديزل ( 20 لترا ) : 2000 ريال بدلا عن 3000 ريال . و مع ذلك استمرت الاختناقات التموينية في المشتقات النفطية طوال عام 2013م. لتصل ذروتها في شهر مارس : 2014م. و تواصلت بتصاعد حتى اتخاذ القرارات الأخيرة برفع الدعم عن المشتقات النفطية بداية الشهر الحالي . . و الخطأ السياسي الاقتصادي – هنا – يتمثل في السؤال الكبير : لماذا أعادت حكومة الوفاق الوطني بعد شهرين من تشكيلها الدعم للمشتقات النفطية بعد أن صارت الاسعار المرتفعة في السوق واقعا ؟ . . و يمتد السؤال حتى اليوم : لماذا قامت حكومة الحوار الوطني بعد تسعة عشر شهرا من سريان الأسعار المرفوعة بالتراجع عن قرار التخفيض و رفع أسعار المشتقات النفطية إلى مستوى أعلى مما كانت عليه قبل مجيئهما إلى السلطة عقب الثورة الشبابية السلمية ؟ ، ما السبب ؟ . . الإجابة تطول . - فشل مكافحة التهريب : ليس من المعيب أن نقول أن اقتصادنا الوطني إقتصاد عشوائي غير منظم أو غير منتظم . إنه اقتصاد مليء بفوضى شتى أنواع التلاعب و التهريب و السوق السوداء و التهرب من الضرائب و الرسوم ، هو ما يسميه الاقتصاديون " الاقتصاد التحتي " . . و هذا الوضع كان السبب في التلاعب بسياسات دعم المشتقات النفطية بحيث صارت نتائجها سلبية و مخسرة للدولة و لا يستفيد المواطن إلا من قسم بسيط منها . و هنا نقول أنه ما من شك في أن دعم المشتقات النفطية كسياسة اقتصادية إيجابية وجدت في اليمن و غيرها من الدول لصالح المواطن ، بيد أنها تحولت مع مرور الزمن من عامل إيجاب إلى عامل سلب معيقا بفعل الاستغلال المنفعي الخاص الذي توسع في استغلاله و الاستفادة منه مع تعاقب السنين ، كل من : أصحاب النفوذ الراعيون ، المهربون المتنفذون ، المهربون المحترفون ، الموظفون الفاسدون المدنيون ، الموظفون الفاسدون العسكريون ، عدد من العاملين في الجمارك ، الجهات و المناطق التي تبيع مخصصاتها المتعمدة الزيادة من أجل التهريب و أكثرها قرب مراكز التهريب ، منفذو التهريب المحليين ( الناقلون المحليون ) ، منفذو التهريب الدوليون ( الناقلون إلى الخارج ) المشترين الدوليين . إلى جانب أنهم شبكة واسعة و كبيرة و قوية ، فالمهربون اليمنيون أيضا خطيرون من الناحية النوعية ، فهم محترفو تهريب مهنييين ، و خبراء في خلط أنواع البنزين و المشتقات النفطية ، و للمعلومية ، أيضا ، أنهم يضيفون مواد غش أخرى لزيادة الكمية المهربة . هذا بالإضافة إلى أنهم يستخدمون أسماء مشتقات نفطية أخرى للديزل و البنزين إذا ما أرادوا تهريبها عبر منافذ بحرية أو برية رسمية . و فوق هذا و ذاك فهم أفراد عصابات مقاتلة لديها مليشيا احتياطية . و مما زاد تألق تناسق شبكة التهريب اليمنية ضعف الدولة و تخبطها في مكافحة التهريب ، أذكر أنه كانت هناك إدارة عامة في مصلحة الجمارك لمكافحة التهريب ، و عند إعداد دراسة لمؤسسة المهاجر للدراسات عن التهريب من دول الخليج إلى اليمن عام 2006م. سألنا عنها فقيل لنا أنها ألغيت و حولت إلى إدارة عادية تابعة لأحد الوكلاء . و أثناء البحث لم نجد سوى دراسة يتيمة عن التهريب في اليمن . . كان الحديث الرسمي عن التهريب خط أحمر حتى عام : 2012م. حين شكلت لجنة وطنية عليا لمكافحة التهريب من ممثلين لجميع الجهات الرسمية و غيرها ، ربما كان هذا أول عمل جاد في هذا المضمار لكنه جاء متأخرا في وضع تتفوق فيه المجموعات العشر للمهربين التي سبق لنا تعديدها من حيث سعة الخبرة و طول التجربة . ما نقصده من هذا الحديث ، أن من الأخطاء إهمال مكافحة التهريب الذي أفسد الجودة المتوقعة من برنامج دعم اسعار المشتقات النفطية . . إذ ، صار يصرح – رسميا - بأن حصة المهربين و التهريب من الدعم للمشتقات النفطية تصل تقريبا إلى : 80 مليار ريال سنويا كخسائر يتحملها الدعم ، أي ما نسبته ما بين : 10 - 12 % من إجمالي الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية . و لهذا السبب . كان توجه الرأي العام اليمني بصورة رئيسة نحو القضاء على التهريب و الحد من الفساد كحل بديل لرفع اسعار المشتقات النفطية ، و كذلك كشرط لنجاح هذا الأجراء . بيد أن المشكلة أن الدولة فشلت في مكافحة التهريب ، بالإضافة إلى أن اللجنة العليا لمكافحة التهريب – 2012م. صاحب عملها فشل مكافحة الفساد المستشري و عدم تحقيق تقدم يذكر في استرداد الأموال المنهوبة ، و ما صعب عملها أكثر هو أن حجم التهريب الجمركي و التهرب الضريبي كبير جدا ، إذ تتراوح نسبتهما ما بين : 40 – 50 % . كان على حكومة الوفاق الوطني أن تتخذ إجراءات و قرارات أشد في مجال مكافحة التهريب ، و بالذات تهريب المشتقات النفطية قبل مدة طويلة من اتخاذ قرار رفع المشتقات النفطية بداية الشهر الحالي . و لكن حصل العكس إذ بلغ تهريب المشتقات النفطية ذروته في السبعة الأشهر الأولى من العام الجاري ، و قد بينا ذلك في سياق بعض بنود هذا البحث السابقة ، سواء فيما له صلة بتزايد الكميات الهائلة التي ضخت إلى الأسواق ، أو بالكميات الكبيرة جدا المنطلقة للتهريب التي ضبطت في محافظة المهرة . . بل أن الأمر تعدى هذه الحدود إلى اتهام بعض الوزارات و المؤسسات الرسمية بالتهريب للمشتقات النفطية ، و كمثال على ذلك أن أحد المسئولين الجمركيين السابقين في شركة مصافي عدن نشر وثائق كثيرة جدا في " الاقتصاد نيوز " بتاريخ : 3 / 8 / 2014م. عن أن كميات كبيرة من المشتقات النفطية قال بأنها كانت تهرب مباشرة قبل دخولها البلاد ( جيبوتي و أثيوبيا ) مع دفع الرسوم المقررة و بعضها بتصريحات جمركية و بعضها بدون تصريحات ، و أشير إلى أنه في العام 2011م. تم استيراد كميات إضافية من المشتقات النفطية بنسبة : 10 % لهذا الغرض . . و قد أعلنت شركة مصافي عدن أن ما كانت تقوم به عملا تجاريا مشروعا و قانونيا ، و بأسعار تجارية . و تقدمت الشركة بدعوى قضائية ضد ذلك المسئول ، و الجميع بانتظار فصل القضاء في هذا الموضوع الذي أوردناه هنا كتأكيد على أنه لم تظهر إتهامات مماثلة أو دعاوى قضائية ضد مهربين تأكدت افعال التهريب ، منهم ؟ . . أينهم ؟ لا احد يعلم . . هناك مشتبهين كل واحد منهم يتهم الآخر . . و هذا دليل على فشل الحكومة في مكافحة تهريب المشتقات النفطية . - دراسات الجدوى و آثار الإجراء : لعله من الطبيعي أن لا يوجد إجراء حكومي معين إلا و تلازمه أخطاء ، إلا أن الأخطاء التي تناولناها في هذا البحث يصعب كتمها . و كلما تبودلت الآراء حول إجراء مهم مثل رفع الدعم عن المشتقات النفطية كلما كان ذلك نافعا ، و على وجه الخصوص عندما يكون الأجراء في بدايات تنفيذه ، فلربما أخذ ببعض الملاحظات و تم تصويب بعض الأعوجاج من قبل قيادة الدولة . . و نعتقد إن سبب معظم الأخطاء التي تضمنها هذا البحث ضعف دراسات الجدوى الاقتصادية و عشوائية توقعات الاثار الايجابية و السلبية التي أجريت كأرضية لقرار رفع أسعار المشتقات النفطية في مطلع شهر أغسطس الجاري ، و قد لا تكون تلك الابحاث و الدراسات دقيقة و كافية بسبب تعكر المياه السياسية . و لعل موضوع آثار إجراء رفع الدعم عن المشتقات النفطية الأخير أكثر صعوبة في التحليل ، و خاصة بالنسبة لتأثيراتها الاقتصادية ، و على مستوى معيشة المواطن ، علما بأن مجموعة من حزم الاجراءات الأصلاحات الاقتصادية قد تم الأعلان عنها قبيل و بعد القرار هناك تثاؤب في تنفيذها . . كما أن هناك مسائل ذات صلة هامة بالموضوع ، منها : أسباب استمرار تضارب الآراء المؤيدة و المعارضة للأسعار الجديدة ، و الموقف المؤيد أو الرافض لمسألة الدعم ، و التساؤل عن إلى أين يذهب ما توفره الدولة من أموال كمحصلة لقرار رفع أسعار المشتقات النفطية ، و ما شابهها . و عموما . . فإن التوقعات و التنبؤات عن إنعكاسات و نتائج و آثار القرار الجديد بشأن تسعير المشتقات النفطية على ثلاثة أتجاهات : المواطن ، و الاقتصاد الوطني ، و الدولة ستظل على مدى أشهر طوال مثار نقاشات و حوارات و أبحاث . و ربما يمكننا أن ندلي بدلونا في تلك الحوارات و الأبحاث التي تحتاج – كأقل حد – إلى شهرين أو ثلاثة حتى نرى الملامح الأولية الواضحة للأنعكاسات و الآثار بشقيها السلبي و الايجابي . *مؤسسة المهاجر للدراسات – صنعاء