الجزء الأول من المشهد الأول صالون قديم ومتواضع ( كنبة، وأربع كراسي )، طاولة في الوسط، على جانبي الكنبة طاولتين صغيرتين..في نهاية غرفة الصالون طاولة منصوب عليها تلفاز، وعلى سقفه ريسيفر..يجلس في وسط الكنبة محمد ( 85 سنة )، على يمينه زوجته قبول ( 80سنة )، وعلى يساره أبنه زيد ( 59 سنة )..على يمين محمد، على الكرسي، حفيده نصر ( 24 سنة )..وعلى يسار زيد، على الكرسي، أبنته أمل ( 20 ) سنة..الساعة التاسعة والنصف مساء. يتبادلون أطراف الحديث، والتلفاز يذيع إعلانات..ينتظرون مباراة الجزائر وروسيا في كأس العالم 2014 محمد : ( منفعلا ) وأيش أبصر بالإعلانات، قفلوه. أمل : والمباراة..الجزائر يا جدي. محمد : ( يرمقها بنظرة حميمة ) أمل حفيدتي، لو كان غيرك كنت..تعالي أجلسي جنبي. ( تتبادل مع أبيها المجالس ) محمد : ( يمسح على رأسها بحنان لا فت ) ساعة كم ستذاع المباراة. أمل : العاشرة. محمد : ( ينظر إلى ساعته ) باقي نصف ساعة. نصر : ( يرمق أمل بنظرة حادة..يتناول الريموت من على الطاولة الوسطية، ويوقف البث) جدي على حق. محمد : أحسنت يا نصر، وأنت يا أمل..الأمل. ( تطرق أمل، تقول في سرها: جدي أسطوانة مشروخة.) محمد : أين أنتِ؟ أمل : ( ترفع رأسها..مبتسمة ) نعم. محمد : الله ما أجمل ابتسامة الأمل. أمل : شكرا يا جدو. محمد : ( شاخصا على سقف الغرفة ) أذكر يوم ولدتي، كنت عائدا للتو من مهمة تسليم الكعك لإرسالها للعسكر، صعقت حينها من الفرح وأسميتك أمل. ) أمل : وهل تحقق...؟ قبول : قدوه الخرف يا محمد، لا تكل ولا تمل من التكرار..وأنت يا خبيثة تكررين نفس السؤال. ( يضج نصر بالضحك، وأمل تضحك من بعده.) محمد : نصر..يا قليل الأدب..( يمسح على رأس أمل )..أعديتها يا خبيث. نصر : أمل..أمل، أنا حفيدك أو ماشي. محمد : الله المستعان يا من أسميتك نصرا..لا تريد أن تفهم أن أمل آخر العنقود..وأنثى، رياحين الأرض والجنة. نصر : وانا رياحين الجن. محمد : مكانك قليل الأدب..وليش ضحكت. نصر : ............. محمد : يا زيد قل لولدك ليش ضحك. أمل : ( تقبل رأس جدها ) يا جدي لا تغضب. محمد : غضبان حتى يقول ليش ضحك. زيد : قل يا نصر. نصر : ضحكتني جدتي. قبول : أنا..يا..يا تيس. نصر : حلوه من فمك يا جدتي. قبول : وأيش ذي ضحكك. نصر : وصفتي جدي بالخرف، وأنتو أصغر منه بخمس سنوات بس. قبول : ( تنتفض واقفة )..أنا خرفه يا كلب..أيش ذي أديني ( جابني ) عندكم. ( تهم بالانصراف ) ( ينتفض محمد يطيب خاطرها، أمل تتشبث بتلابيبها، وعباس يقبل رأسها ) زيد : أضربه، أذبح، أأمرين يا أمي. قبول : لا يا زيد..سامحته. ( تجلس قبول..يرن الصمت لثوان ) محمد : اسألي يا حفيدتي. أمل : ( ترمق جدتها بنظرة حميمة )..وجدتي. قبول : الصبر..كان أيش ذي أديني. محمد : تشاهدي مباراة الجزائر..بلد المليون شهيد. قبول : مليون..مليون..والأحياء أيش عملوا وأنتوا؟ محمد : ( يرمق قبول بنظرة حزينة ) اسألي يا أمل. أمل : ( تلمح جدتها بطرف عينها..لم تنبس ) قبول : اسألي وأمري لله. أمل : ( تأخذ نفسا عميقا ) وهل تحقق الأمل؟ محمد : ( يطلق تنهيدة عميقة ) لا يا أمل. أمل : وأنا..أمل. محمد : يخيب الأمل..لكنه لا يموت. أمل : ( بخبث ) وليش خاب الأمل. محمد : كنا نعتقد، بعد الانفراد بالسفينة أنها ستسير إلى بر الأمان، العدالة، القانون والنظام. أمل : كيف يا جدي..كيف؟ محمد : مالت السفينة الميلان الأكبر، وهم حولها يلهثون، لم يرحموا حتى الأسماك الصغيرة في أعماق البحر. محمد : يا لطيف..ألطف. محمد : الميلان الأكبر، أنتجوا، وتوافدت فرق الموت، ومن أرادوا أن يعيد التاريخ نفسه. نصر : ولذلك خرجنا مثلهم..ونطقنا..والعبرة في الخاتمة. محمد : الخائبات، إلا أن الأخيرة لم تتضح خاتمتها بعد. أمل : ( ساخرة من نصر ) وأخي رجاء رجّال، خرج وأرتكز، ومعهم هدر. محمد : صدقتِ، يظل هدارا حتى تتحقق المخرجات. أمل : ورجاء أخي..ليش سميته رجاء. محمد : المولود عام 1980م. أمل : وليش سميته. محمد : وخاب الرجاء. أمل : وإذا تحققت المخرجات. محمد : ( قبل جبينها ) عاش الأمل. ( تدخل اللحظة عائشة ( خمسة وخمسين سنة ) زوجة زيد، تحمل صينية الشاي..تضعها على الطاولة..تجلس على الكرسي جوار زوجها ) قبول : وإحنا خايبات يا عايشة. عائشة : ليش يا ماه. قبول : تذكري وإحنا بنصلح لهم الكعك، أتكسرت ظهورنا. عائشة : أذكر، حضرتني ولادة أمل وأنا ذي أصلح معاكم..وليش خايبات. قبول : قل لها يا محمد..يا فرحتك. محمد : ( متجاهلا ) زيد وعايشة، ما كان أحسننا. زيد : أثنين وبس، وعايشين بسلام ومحبة. محمد : قد قلت لك ليش سميتك زيد. زيد : وأشتي أسمع..وأسمع مليون مرة. محمد : سمعتي يا قبول. قبول : الخرف أبن الخرف. ( يضج نصر بالضحك، وأمل من بعده ) عائشة : عيب يا قليلي الأدب. محمد : ( متجاهلا ) أنت يا زيد من مواليد 1955، بعد شهر من فشل حركة الثلايا ضد الإمام أحمد. زيد : نعم يا أبي..انتهى الجزء الأول من المشهد الأول.