ما حصل بالامس الاحد 21/09/2014 ليس الا ثورة للرئيس عبدربه منصور هادي على القوى السياسية التي دأبت على عرقلته منذ توليه رآسة البلاد، سواء كانت هذه القوى هي قوى نظام علي صالح التي اتهمها اكثر من مرة بمحاولة عرقلة سير عملية التغيير المنشودة، او كانت "قوى الثورة" كما يحلوا لها ان تسمي نفسها وهي القوى التي ركبت موجة التغيير في العام 2011 كالجنرال وآل الاحمر والمشترك بمختلف فصائلة.. فعلى الرغم من ان الرئيس استطاع بسط نفوذه على جناخ علي صالح عقب توليه السلطة وعزل القادة العسكريين الموالين لصالح من المناصب الحساسة والسيادية كالحرس الجمهوري والأمن القومي والأمن المركزي والطيران الحربي وغيرها من المناصب السياسية أو حتى الاقتصادية مثل شركة النفط وكمران وغيرها.. الا ان جناح ما يسمى "قوى الثورة" ظلت عصية عليه طوال الفترة الماضية ولم يستطع ان يبسط نفوذه عليها بالقدر الذي فعله مع خصومهم؛ وذلك لما قد يترتب عليه من اتهام له ب"خيانة الثورة" والانقلاب عليه بحجة حماية الثورة ومكتسابتها. ظل الرئيس يهادن الجميع بعصى الأممالمتحدة حتى انصاعوا لخوض تجربة الحوار الوطني الشامل وكلٌ مراهن على فشله ومتربص بخصمه ان يكون هو المعرقل للحوار.. وظلت كل الظروف تعصف بالحوار الى ان تم, ثم ماذا..!! وقفت عجلة التغيير هناك وظل المشهد جامدا لايتحرك. ظل الرئيس منذ اختتام مؤتمر الحوار يحاول في حكومة الوفاق ان تقدم استقالتها وفقا لما نصت عليه وثيقة الحوار الا ان "قوى الثورة" ظلت تعاصره في ذلك وتتلكأ بحجج واهية كقولهم "جئنا سويا ونرحل سويا " في اشارة الى بقاء باسندوة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة التي بها يحدد الشعب مصير عبد ربه، فكان لابد من اسقاطها، ودخلت المسرحية مشهدها الثاني بأزمة البترول والديزل والكهرباء وبدأ التأليب على تلك الحكومة من قوى النظام السابق وخاصة جناح صالح الاعلامية "اليمن اليوم" فترك الرئيس لها الحبل على الغارب لتوافقها معه في مساعيه الى ان تطاولت عليه وظهر شعار "سلام الله على عفاش" فكانت القاضية.. بعد ان تمكن الرئيس من تطويع جناح صالح العسكري بإزاحة أقربائه من المناصب السيادية تبقى له الجناح الاعلامي الذي ظل يغذي عقل المواطن البسيط بإمكانية عودة الماضي فكانت الضربة الموجعة لقناة "اليمن اليوم" وبها قص الرئيس الجناح الاول من "التوافق" . ولم يتبق للرئيس الا جناح "قوى الثورة" والذي لم يكن ليستطيع ان يقترب منه مباشرة، فلم يكن يملك الرئيس حينها خيارا لتسيير عجلة التغيير التي صادفتها صخرة "التوافق" فمنعتها من مواصلة مسيرتها الا العصى الموجعة ل "قوى الثورة" في حكومة الوفاق الا وهم "انصار الله", فكان آخر الدواء الكي. اراد انصار الله السيطرة على الجوف أو مأرب كمصدر نفطي لإقليم ازال كما ارادوا منفذا بحريا في ميدي محافظة حجة؛ فكان زحفهم على الجوفومأرب من الشرق وعلى حجة والمحويت من الغرب، فكان لهم عبدربه بالمرصاد ولم بتمكن انصار الله التقدم شبرا واحدا في هذه الجبهات ؛ واستغل الرئيس تهور انصار الله وما يحملونه من حقد على "قوى الثورة" بجميع فصائلهم القبلية والعسكرية والسياسية حتى قال الكثيرون ان انصار الله هم "انصار صالح"!! . فأحسن الرئيس استغلال ذلك بتوجيههم الى ما يريد هو وردعهم عما يريدون هم؛ فكان وصولهم الى خصومهم سهل جدا دون أي تدخل من الدولة الا في بعض الطلعات الجوية التي تظفي جوا دراميا للمشهد كأحد المؤثرات الصوتية في تلك المسرحية. واستمرت المسرحية من دماج مرورا بحاشد فمدينة عمران الى ان سقط اللواء 310 آخر الموالين لجناح "قوى الثورة" العسكرية. سقط اللواء 310 في عمران فكان الذي اعلن "خطاب النصر" في اليوم التالي هو الرئيس عبدربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة واعلن ان عمران مدينة آمنة وانها "عادت الى حضيرة الدولة"!!, فبسقوط عمران تخلص الرئيس من قوى الثورة القبلية المتمثلة في آل الاحمر والذين هزموا شر هزيمة حتى شردوا من بيوتهم التي فجرها الحوثي , وطيلة اشهر تلك الحروب ظل الرئيس يلتزم الصمت. بعد كل هذا؛ لم يتمكن الرئيس من كسر تلك الحجر التي تمنع عجلة التغيير عن المرور فكان لا بد من دفعة قوية لعجلة التغيير لتمر من فوق صخرة "الوفاق" فكان الفصل المسرحي التالي "الجرعة" التي ايقضت انصار الله وسمح لهم الرئيس بملئ ارادته ان يتمركزوا حول العاصمة بسلاحهم. فكانت العصى التي ارعبت "قوى التوافق" وبدأت تبحث عن حل ومخرج؛ فكان المشهد الدرامي الذي اعتاد عليه اليمنيون "المبعوث الاممي" ... تداعت "قوى الثورة" لتدارس الوضع فكانت المواجهة أحد الخيارات معولين على تسريبات للرئيس بأنه سيحمي العاصمة من أي اعتداء عليها ولو اضطر الى تشكيل لجان شعبية للذود عن "البيضة" وبدأ المشهد الدرامي الآخير بزحف انصار الله على العاصمة من الشمال والشمال الغربي بغية استئصال قوى الثورة من المشهد ودارت رحى الحرب ثلاثة ايام مرت كأنها سنوات على أهل صنعاء. اجتمع الرئيس بقوى الثورة ومستشاريه ليلة التوقيع على الاتفاق وتضاربت الانباء عن استقالة الحكومة, فتم السماح لانصار الله بالاستيلاء على التلفزيون الرسمي، وسطعت شمس اليوم التالي قبل ان تتسلم الرئاسة استقالة رسمية من رئيس الوزراء, اجتمع الرئيس يقادة الوفاق السياسيين في دار الرئاسة منذ الصباح الباكر وكانت تعول على ان انصار الله سترفض التوقيع؛ وحتى ساعة متأخرة من ذلك النهار لم تتلق الرئاسة استقالة رئيس الوزراء يعد؛ وحينها جائت الاوامر الصارمة من القيادة العليا بوقف اطلاق النار "من جانب واحد" وعدم التعرض لأحد من انصار الله فتهاوت مؤسسات الدولة كقطع الدمنو وأدركت قوى الثورة ان التسليم اهون من الاستسلام فتم التوقيع على وثيقة طبخت على نار هادئة, تمهد الطريق أما عجلة التغيير وبناء دولة المؤسسات والقانون وتدفع عن المواطن اعباء القصور الساسي وتتحمل عنه العبئ الاقتصادي.وفي وقت متأخر... جاءت استقالة رأيس الوزراء.. بهذا انتصر الرئيس على خصومه بخصومهم وكان واضحا وجليا للجميع الانسجام التام بين الرئيس ورزير دفاعه القادم اصلا من معسكر صالح لا من معسكر "قوى الثورة" كما كان واضحا ايضا الانسجام التام والمتكامل بين وزير الدفاع وانصار الله الذين صاروا هم "الثوار" فلم نسمع يوما انتقادات اوهجوما على الرئيس او وزير دفاعه من قبل "الثوار" بل بالعكس تماما فقد يكون هو الوزير الوحيد الذي يلقى قبولا عندهم ما عزز عندنا الشعور وأورثنا اليقين انها لم تكن الا "ثورة الرئيس"