رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك يقدّم استقالته لرئيس مجلس القيادة الرئاسي    وقفة تضامنية بمأرب تندد باستهداف الصحافة وتدعو لإطلاق سراح الصحفيين المختطفين    عاجل: قوات العمالقة تقضي على مجموعة حوثية في أطرف مأرب اليمنية    المستشار سالم.. قائد عتيد قادم من زمن الجسارات    عدن تستغيث: لا ماء، لا كهرباء، لا أمل    استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    عقد أسود للحريات.. نقابة الصحفيين توثق أكثر من 2000 انتهاك خلال عشر سنوات    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد اليمني قبل العاصفة التالية
نشر في عدن الغد يوم 10 - 11 - 2014

غداة إعلان الأمم المتحدة عقوبات ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح باعتباره معرقلا للعملية السياسة وكذا ما أشيع من ان أميركا قد طلبت منه المغادرة وقد نفت الادارة الأميركية وكذا سفارتها في صنعاء ذلك، فقد استغلها صالح فرصة لخلط الأوراق مثلما استغل أنصار الله الجرعة ونقمة الشارع لإسقاط النظام المتهالك.
وبعد يوم من حشد الاف من المتظاهرين بتوجيهات صالح أعلن المؤتمر الشعبي بأنه قد اقال هادي من منصبه الحزبي وكأن هذا الحزب قد صنع المعجزات. وهكذا فقط في اليمن تكون الأحزاب أهم من الدولة والحرص على تثبيت النظام السياسي اهم من تثبيت دولة مدنية والتي يتغنى بها جميع الفرقاء وهم بأطيافهم ضد الدولة المدنية.
تفاعلات المشهد السياسي بعد سقوط صنعاء بيد أنصار الله تسير من سيئ إلى أسوأ. تلاحقت الأحداث بصورة درامية جعلت المراقبين والراصدين للشأن اليمني يشيرون الى البديهي من ان ما يجري انما يهدف إلى تقويض رصيد هادي، في محاولة لإقصائه من المشهد السياسي برمته، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والتي انتهت نظريا قبل شهور. ليست الرئاسة وحدها غير شرعية اليوم بل وحتى البرلمان هو الآخر منتهي الصلاحية ولكنه لازال مواليا لصالح. ومن هنا فالمتصارعون يسابقون الزمن ويستفيدون من الفراغ الدستوري. ويبدو أن الساعات الماضية التي تزامنت مع لقاء بروكسل لتوزيع الكعكة بين المتصارعين في المشهد اليمني، ستكون على حساب الرئيس منصوهادي. صحيح أن شخصية هادي ليست قيادية ولم تكن ملائمة لخطورة المرحلة لكنه كان من اختيار الرئيس صالح نفسه الذي حرص على ما أسماه حينها بالأيدي الآمنة. وبالفعل كان يدا آمنة بالنسبة لصالح وكأنه رئيس محلل ومؤقت، واعتبرها المتوافقون في العلمية السياسية آنذاك شخصية توافقية، ولكنه بالفعل قد خيب آمال الشعب اليمني. فلا كسب الشمال ولا الجنوب ولا المؤتمر ولا الإصلاح ولا من يسمون بأنصار الله، بل وخسر قلوب اليمنيين، وهو في نهاية الأمر خسارة لليمن في الاستقرار وبناء دولة مدنية وجعلت الرئيس السابق يصارع من اجل البقاء ويتعاون مع خصومه السابقين أنصار الله وسبحان مغير الأحول من حال إلى حال.
المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار الله يجتمعون من اجل مواجهة مزاعم تهديدات اميركية للرئيس صالح، وقد حشد حزب صالح لتلك التسريبات ملايين من المتظاهرين للتنديد "بتدخل أميركا" مع ان التدخل الأميركي وغيرها من الدول جعلت اليمن مرتعا لها وصالح هو من أتى ببدع طيارة بدون طيار، اتى ذلك بعد اسابيع من مظاهرات من اجل الجرعة القاتلة والتي استغلت لتدخل اليمن في صراع وفتن لا نهاية لها. الصحيح ان أميركا تريد لصالح أن يبقى في اليمن ينكد عيشة اليمنيين، والصحيح ان أنصار الله لا يستهدفون أميركا ولاهم يحزنون. يخربون المساجد والبيوت ويصرخون الله اكبر الموت لأميركا، وهم بسلوكهم يخسرون الشعب اخلاقيا، فهم لا يريدون ديمقراطية. فانقلابهم على السلطة مهما كان سيئا لا يعطيهم مبرر الانقضاض عليها وعلى مخرجات الحوار والسعي لبناء الدولة المدنية.
القادم أسوأ, مخيمات لأنصار الله ومخيمات للزعيم، والشعب يأكل مظاهرات وشعارات، فعلا امة خلقت لتفنى!
تزامن ذلك بحالة استقطاب حاد سياسيا ومذهبيا ومناطقيا، الرئيس السابق يسابق الزمن وفقد صوابه لتشكيل الحكومة ولن يشارك فيها وقبل أسابيع رفض أنصار الله ان يشاركوا فيها. الكل يتذمر والكل يريد السلطة والكل يريد إقصاء الأخر، فالسلطة لديهم مغنم وليس مغرما.
اليمنيون يهتمون بالشكليات والاحتفالات المفروغة من مضمونها. فتسليم السلطة في حفل ابتهاجي نقلته كل وسائل الإعلام العالمية على أن اليمنيين توافقوا على انتقال السلطة بدون اراقة دماء. والحال عكس ذلك فالرئيس السابق لم يسلم السلطة فقط سلم راية وعلم وخرقة ملفوفة ليس إلا!
فالسلطة لازالت بيده وهادي لازال يمارس دور النائب. السلطة في أحسن الأحوال برأسين، ومن هنا فالشهور المقبلة ستكون سلطة صالح وانصار الله وليس بالضرورة ان يكونوا في الواجهة سيأتون بعناصر موالين لهم. وكذلك في جلسات واحتفالات الحوار الوطني الذي استمر تسعة اشهر تكفي لانجاب جنين وكائن حي ولكننا لم نشهد الحوار إلا في الإعلام ومخرجاته ظلت قميص عثمان، يزايد بها اقطاب السلطة.
وفي مقابلة على الهواء مع قناة بي بي سي البريطانية قال القيادي السابق في حزب المؤتمر الشعبي محمد عبدالله الجايفي بأنه استقال من المؤتمر الشعبي لان المؤتمر خرج عن ثوابته وتغيرت رؤيته لقضايا ومواقف وطنية هامة، وتحول أقطاب المؤتمر الى الصراع على اليمن (السلطة) وليس من اجل اليمن، وان صالح لم يلتزم بأتفاقات سابقة منح على أساسها الحصانة.، وبداهة سبب فشل كل من في المشهد السياسي وتعثر العلمية السياسية الرئيس السابق والحالي وأنصار الله والمشترك بما فيهم الإصلاح. هو هو هوس ساسة اليمن للسلطة والتي لم تعد مغرية واعتبار السلطة مغنم وإلا فماذا يعني رفض أنصار الله حقائب وزارية وهم اتوا على أكتاف هموم وأوجاع الشعب والتذرع بالجرعة القاتلة التي كانت بمثابة الشرارة التي أدخلت اليمن في حروب طائفية وارتهان اليمن وتحوله من تبعية سعودية إلى تبعية أعجمية.
أصبحت مخرجات الحوار ومسودة الدستور الذي كان اليمنيون على أعتاب استحقاق ديمقراطي للاستفتاء عليه، أصبح كل تلك المنجزات جزاء من الماضي بعد المستجدات الأخيرة ومهما تشدق المنافقون في القوى النافذة اليوم، ولكنها مجرد حق أريد به باطل، ليس إلا.
الإشكال الأساسي في اليمن ان ساسته جميعهم بدون استثناء يقولون ما لا يفعلون فلا ديمقراطية ولا جمهورية ولا حتى وحدة لان رسالة الديمقراطية هي انتقاد السلطة وتكون المعارضة بديلا مناسبا وتناوب على السلطة، وأحزابنا كلها ليست ديمقراطية فيفترض تغييرا دوريا لقيادتها ولاسيما من خرج من السلطة ففي الغرب والشرق يبادر رؤساء الأحزاب ومن خسر السلطة ان يبادر ذاتيا باعتزال السياسية واليمن حالة خاصة، وأكثر من نصف قرن من العصر الجمهوري لم يكن جمهورية بل نظام شمولي سعى للتوريث واحتكار السلطة وإقصاء الآخر، والوحدة وأدت بيد صانعيها، أحداث سبتمبر الماضي عقدت المشهد السياسي وأطاحت برؤوس فساد وأبقتّ رأس الأفعى وكأنه المنقذ لليمن. ساسة اليمن الفاشلون هم من يرسمون ملامح المستقبل وهذه هي الكارثة، تحالف خصوم الأمس حلفاء اليمن ليس من اجل اليمن ولكن لتقاسم السلطة والمغانم.
الأحقاد الشخصية وحب الظهور وجنون العظمة ميزة ساسة اليمن ومن قصة لاخرى مؤامرة محاولة اغتيال الزعيم وقصة النفق، ومسرحيات عديدة كلها سلسلة من ضياع وقت اليمن بدلا من التفرغ لبناء البيت اليمني، يسعون من اجل تبادل المواقع بإزالة عناصر فاسدة وابقى الافسد. ولن تقوم لليمن قائمة الا بتواري من عبث باليمن لعقود، وتواري تحالف المؤسسة العسكرية الفاشلة وتحالفها مع القبيلة والإسلام السياسي بشقيه الطائفيين، فلا مستقبل للأحزاب الدينية ومن يسعى للسلطة من خلال استغلال الدين.
دأب الرئيس السابق غداة الحرب الظالمة ضد شركاء الوحدة باتهام خصومه بأنهم يزاولون المعارضة وهم في السلطة بقوله رجل في السلطة وأخرى في المعارضة، وعليه فهو ألان يدين نفسه ويمارس نفس ما كان يتهم خصومه به. وهو الأمر نفسه لدى أنصار الله، يمارسون أخطاء السابقين وكل امة تلعن أختها، فلم يدركوا حتى الان بأن المعارضة شيء والسلطة شيء اخر وبينهما امور متشابهات، (أتأمرون بالبر وتنسون أنفسكم)؟
فاليوم هم تحت المجهر الشعبي وتحت الرصد الإقليمي فالعلم غدى قرية صغيرة بفعل العولمة وانقلابهم على السلطة كان منطق القرن التاسع عشر وليس الألفية الثالثة، ويكفي هنا قول الشاعر:
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
قال ابوالاحرار الشهيد الزبيري، وهو بمثابة محمد اقبال في باكستان، والذي لو عاش لكان تكفيريا داعشيا. قال في احدى قصائده البيت التالي:
والشعب لو كان حيا ما استخف به فرد ولا عاث فيه الظالم النهم

*نقلاً عن " ميدل إيست اونلاين"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.