تُظهر القراءة الهادئة للمشهد السياسي اليمني - في اعتقادي الشخصي - أن الإصلاح خرج منتصراً من اقتحام صنعاء من قبل مليشيات الحوثي وأعوان علي صالح، وليس كما يعتقد الكثيرون؛ ذلك أن هذا الحزب كان الهدف الرئيس من هذا السيناريو المدعوم إقليمياً ودولياً. أراد خصوم الإصلاح والضائقون به ذرعاً (صالح، هادي، السعودية، أمريكا، الإمارات، وبعض شركائه في المشترك، والحوثي) أرادوا الزج به في المعركة لحرقه بشكل نهائي، ففهم اللعبة وتراجع خطوة للخلف فكشف عورة الجميع، وهي الخطوة التي لم يحسب لها خصومه حساب ولم يتوقعوها. أولاً: أظهر الإصلاح بهذه الخطوة أمام الشعب والجيش أن هادي خائناً سلم عاصمة الدولة ومؤسساتها السيادية لمليشيات مسلحة، وأظهر علي صالح مشاركاً في التنفيذ، كما أظهر الأحزاب السياسية متواطئة – باستثناء الناصري الذي لم يبتلع الطعم – ....الخ. ثانياً: أستطاع الإصلاح بهذا التكتيك أن يحافظ على قوته وتماسكه واستمراره في الحياة السياسية، وخرج بأقل الخسائر. ثالثاً: كسب من هذه المعركة بتخلصه من جناحين كبيرين مؤثرين داخله يشكلان عبئاً كبيراً عليه وعلى توجهه المدني، هما الجناح القبلي الذي يمثله أولاد الأحمر ومن معهم والجناح العسكري الذي يمثله علي محسن. هذان الجناحان اللذان كانا بمثابة القيد الذي يعيق توجهه المدني. رابعاً: أظهر الإصلاح بهذا التكتيك أنه حزباً مدنياً يلتزم بما تقوله الدولة. خامساً: أسقط الإصلاح بهذا التكتيك المسؤولية عن نفسه بعد اليوم والتي يُحملُها له الناس بأنه المسؤول عن كل التدهور في البلد وسوء أداء السلطة منذُ 2011. لا جدال بأن الحوثيين قد خرجوا منتصرين من هذا الاجتياح، كما أن شعبيتهم قد زادت لاسيما في المناطق القبلية التي تسود فيها ثقافة القوة والعنف، ولكن بالمقابل هذا النجاح مرهون بما سيتحقق مما ينتظره الناس. فالحوثيون بإسقاطهم لصنعاء أصبحوا المسؤولين عن الوضع الأمني والمعيشي للناس ليس في صنعاء وحدها بل في اليمن كلها، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً لهم. ما يهمنا كيمنيين هو المحصلة النهائية لهذا الحدث المزلزل، وهل سيكون الوطن رابحاً بالتقدم خطوات للأمام بعد حالة المراوحة التي شهدها منذ 2011، أم سيتراجع خطوات عديدة إلى الخلف؟؟؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.