في مثل هذا اليوم الثالث من أكتوبر يحتفل الشعب الألماني بذكرى الوحدة الألمانية من كل عام. حيث قام الألمان بهدم سور برلين وتغلبوا بذلك على كل عوامل التفرقة وعلى العديد من الصعوبات حتى وصلوا الى ما هم عليه الان من تقدم وازدهار. تشير المصادر الى انه نتيجة للحرب العالمية الثانية فقد تهدم حوالي 162 مدينة ألمانية متوسطة وحوالي 50 مدينة كبيرة تهدما كاملا، وفقد ملايين حياتهم كما جرح وتشرد الملايين من الالمان، هذا بخلاف ما تم استقطاعه من ألمانيا وتم ضمه للدول المجاورة. وكانت النتيجة الأسوأ للحرب انه تم تقسيم ألمانيا إلى أربع أقسام ينتمي كل قسم منهم إلى دولة من الحلفاء الأربعة المنتصرين في الحرب، ثم توحدت الأجزاء الثلاثة الغربية لتشكل جمهورية ألمانيا الاتحادية والتي تتبع النظام الغربي ومن ثم أعلن القسم الشرقي قيام ألمانيا الديمقراطية التي تتبع المعسكر الاشتراكي. والواقع ان تقسيم ألمانيا لم يكسر إرادة البناء لدى الالمان، فقد أخذت النخبة على عاتقها تنمية العقل الألماني ونهوضه ليعوض ما خلفته الحرب العالمية الثانية و اثرها على انقسام المانيا فكان النموذج الالماني في التنمية والعمل حتى صار القسم الشرقي الالماني درة التاج في المعسكر الاشتراكي وصار القسم الغربي بدوره التجربة الرأسمالية الأمثل في المعسكر الغربي، ويحسب للقسم الغربي انه بني نفسه على اسس تعليمية قوية ، ولذا لم يكن عجيبا ان يقفز الاقتصاد الالماني ليحتل المرتبة الثالثة عالميا وتقف السياسة الألمانية طويلا حتى تجئ اللحظة المناسبة حيث تغيرات دولية في نهاية حقبة الثمانينات وسقوط الاتحاد السوفيتي ثم انهيار الكتلة الشرقية ليقف الشعب الالماني ويعلن عن نفسه ويعبر اكبر محنة في تاريخه. لقد قيل ان الوحدة ستكون وبالا على المانيا وان الفائض الاقتصادي الضخم سوف يتم ابتلاعه في عملية تهيئة القسم الشرقي وهو ما حدث فعلا لكن ألمانيا التي تبنت سياسة الوحدة الأوربية في مواجهة التحديات الدولية، وجدت ان وحدة أراضيها وشعبها أولى وجاءت على راس اهتمامات الساسة الألمان بذل تضحيات اقتصادية كبيرة خلال سنوات التنمية و ها هي المانيا الموحدة تقف ألان بثقلها الاقتصادي والسياسي في طليعة دول الاتحاد الاوربي. فهل نعي درس الوحدة الألمانية وتكون الإرادة بداخلنا دافعا للتحول و التحرك للأمام ولتجاوز الاخطاء وتحقيق التقدم والنماء لمجتمعاتنا وشعوبنا . [email protected]