حينما تدافعت جموع الشعب بمختلف فئاته وشرائحه خلف ابنائه الشباب والطلبة الذين انطلقوا من الجامعات مطلع العام 2011م معلنين ثورة سليمة شعبية كانت جموع الشعب قد اصطفت حول مطالبها المشروعة المتجسدة بمشروع التغيير وحددتها باهداف واضحة (اسقاط النظام وبناء الدولة الوطنية الحديثة) ملتزمة للنهج السلمي خيارا وحيدا حاملة في سيبل اهدافها كل ما فرض عليها من تضحيات. حاول النظام حثيثا ان يجر مسار التغيير نحو العنف سواء من خلال ارتكابه مجازر بشعة بحق الشباب وتنفيذ جرائم حرب ابادة لم يشهدها التاريخ الانساني فكانت محرقة ساحة تعز واحداث جمعة الكرامة ابرز الحرائم التي كشفت نواياه او من خلال استحداث بؤر للصراع والعنف في مناطق عدة ليجد مخرجه الحقير وذلك لان انتهاجه للعنف كان ملاذا له عبر تاريخه وهروبا من اي استحقاقات تتشكل ليقفز بها الى العنف فيضمن حرقها ليعود منتصرا ... وظل يعمل منهمكا لاختلاق مبررات يعلن من خلالها الصراع سيد الموقف وكان يرى في منتهى حساباته النيرونية احراق(روما) ويبقى الدمار كانت التجربة السياسية قد استوعبته وفوتت عليه كل الفرص وتعاطت مع المبادرة الخليجية رغم قسوتها وكانت الحصانة ثمنا للحفاظ على كيان الدولة بدرجة واقعية..ليكون هناك ما يستمر عليه مشروع التغيير بدلا من الانهيار الذي لن يتوقف عند حدود الانسان والبقاء وهو مالم يكون مستوعبا عند الكثير ممن اتجه بالانفعال نحو انجاز مقارنات مسلوقة على ارضية العاطفة واللحظة وبالنظر الى تجربتي ليبيا وسوريا اللتان دون شك كانتا ستكونا وضعا متقدما بالنسبة لنا فيما انحدرنا في رهان العنف واتجهت جيوب النظام واجنحته الاداتية نحو تدمير منشآءات الطاقة وانابيب النفط بشكل ينم عن ترسانة من الانتقام والحقد ليعاقب شعب وجيل ..واضعا نصب عينيه استهداف المرحلة لم تنتهي عند حدود الاغتيالات ومحاولات الانقلاب والتعطيل الممنهج في مؤسسات الدولة مستغلا كل ما منح له وكل فراغ تركته القوى السياسية ليعيد العنف مرات عدة للواجهة عبر ادواته المتعددة وتحالفاته الشيطانية الشعب الذي بلع مرارة الحصانة على حساب تضحيات ابنائه الغالية على امل ان تتجه العملية السياسية نحو التغيير انطلاقا من محصلتها التي عليها لذلك فإن التداعيات التي تصاعدت منذ اسقاط عمران وصولا الى اجتياح صنعاء واستمرار مواصلة النهج المليشياوي تحت سلسلة الشعارات كان الحوثي ومن خلفه في كل منعطف..يضع اهداف معلنة كشعارات لمعاركة مبررا انتهاجه لخيار العنف (القشيبي ..ثم الفرقة وعلي محسن) مطلقا العنان لنزعة الانتقام ولكن بعد هروب علي محسن وسقوط الفرقة عمليا لم تعد هناك اية مبررات للوجود المسلح للحوثي وبدت على حالة من السيوحة والميوعة المفضوحة واصبحت مكشوفة الارتباط بالمشروع الانقلابي الذي يعيد للواجهة احداث 2011م تماما ان الاحداث تحديدا منذ مابعد سقوط الفرقة واعلان التوقيع على اتفاق السلم والشراكة وماتلاه من سيطرة على المؤسسات وتجريد سلاح الدولة والاقتحامات للمنشاءآت العامة والخاصة ومنازل المواطنين واحلال المليشيا المسلحة مكان الدولة واسقاط سلطات المحافظات كله لامبرر له اطلاقا واي تبرير لماذكر انما هو جزء من المشروع الانقلابي واي تعاطي او صمت انما هو تواطؤ مع ذات السيناريو الذي يقوده ما اتضح على الارض وهو التحالف الثنائي انصارالله وتجمع النظام القديم وان السلوك التخريبي الانتهابي التدميري لكيان الدولة هو ذاته الخيار الوحيد الذي يراه النظام القديم طريقا لعودته للحكم والذي ادمنه طوال تاريخه فقد مارس حروبا في المناطق الوسطى لسنوات وحرب الاجتياح الظالمة صيف94م وحروب صعدة العبثية ربما الغرابة في الامر التحام الحوثي وصالح في هذا المشروع الانقلابي التي تجري فصوله على الارض لكنه غدا امرا واقعا .... فالثائر كما يدعي انتهح العنف خارج خيار الثورة الشعبية الام التي ادعى انه كان جزءا منها ومنحته كما منحت غيره كل هذا الوجود فهاهو ينسف الدولة ينتهب السلاح يحل ذاته الفئوية بديلا للدولة ..وهاهي شعارته الثورية لاترى اهدافها الا بانتقاء فهي تنساح بارتخاء ممجوج حينما تقابل صالح وحلقات فساده التي لاتزال على ارتباط به وتنتفخ عنترياتها الثورية في اماكن اخرى واهداف اخرى هي فزاعة ثورة معلنة لم تستقيم لها اية روافع ثورية فلا مبادئ ولامحددات عدا ان تنتهي لسلطة مليشيا هي من ستلد المستقبل المنشود؟ فلا الدولة لها مساحة ولا المواطنة لها اعتبار كل هذا المشهد الدرامي التناقضي الملئ بالزعنفة الاكثر امتلاء بالسيوحة انما هو مخطط ارتدادي والذي استطاع ان يجد ارضية له من الفراغ الذي تشكل بالتربص والدوافع الممانعة للتغيير واخفاقات العملية السياسية خلال المرحلة الماضية كما انه وجد مكانه بفعل حاجة بعض القوى الاقليمية التي طالما لم تنسجم مع خيار الشعب اليمني بالتغيير. لذلك فالحاصل لم يعد من حاجة لجهد التفسير بعد وضوح حقيقة التحالف مع تركيبة النظام السابق وهذا الوضوح انما يدفع للتصدي للمشروع وان يعتبر الشباب كل الشباب اليمني انه هو المستهدف حلمه ومستقبله كما انه يدفعنا للبحث اكثر حول حقيقة الحروب العبثية التي استهلكت البلد والدولة لسنوات في صعدة كما ان هذا يجعلنا نستقرئ بوعي كامل باقي فصول الانقلاب وماهي طبيعة التحركات المطلوبة كونه لن يتوقف عند حدود السلطة بل انه يستهدف نسف التسوية برمتها لتصبح محصلة الخطى التغييرية التي قد انجزت منذ2011م في خانة التاريخ بما في ذلك مخرجات الحوار وعبدربه واتفاق السلم والشراكة وووالخ على ذات النسق الذي حدث مع وثيقة العهدوالاتفاق الامر الذي يستدعي حافزية الشباب اليمني في الجامعات ومختلف قطاعات المجتمع وكل قواه الحية وكافة التطلعات الوطنية التي قدمت مخزون من التضحيات في نضالها الى الاصطفاف من اجل التغيير جنبا الى جنب تنفيذ مخرجات الحوار والتصدي للانهيار الذي يراد له ان يكون وايقاف كل التوجهات المغيبة للدولة ووقف النزيف الحاصل وانتزاع الحصانة عن الفساد واللصوص وعدم السماح للمغالطات والتزييف للوعي والزام الكل بالاحتكام للعمل السياسي ومحاصرة كل المخططات التآمرية التي تبحث لها عن تموضعات فالامن والاستقرار مهمة وطنية تهم كل ابناء الشعب الى جانب سلطات الدولة كلا في موقعه وجغرافيته وليست مهمة فئة او جماعة والرفض المطلق لاية مبررات ولاي وجود يستدعي خلق صراع واحتراب...ذلك كون مشروع التغيير لم يكون فزعة انقلاب بل مسار..من الجهود والتحديات واولى روافعه الشباب الذين قدموا التضحيات ومشروعهم الذي لم يختزل خصومته بشخوص بل مواجهة مع نفوذ تاريخي وهو مايتلطب الجاهزية والحضور بطول المسار