عند قيام ثورة 26 سبتمبر وتثبيت النظام الجمهوري، كان من الصعب أن يتحول الملكي إلى جمهوري والقبيلي إلى حضري بين عشية وضحاها، لكن حكمة وحنكة قادة الثورة -آنذاك- ذللت كل الصعاب ومهدت الطريق للجميع السير في ركب الجمهوريين. على سبيل المثال القبيلي الذي تحول من ملكي إلى جمهوري صعُب عليه الاقتناع بارتداء البزة العسكرية رغم اقتناعه بالثورة- وهؤلاء هم قليلون- مثل هذه الحالة لم تكن عائقاً في نظر قادة الثورة على اعتبار أن الأصل في الشيء الجوهر وليس المنظر، والأصل في الثوري هو حماية الثورة ومكاسبها. فَسُمِحَ للقبيلي المُنخرط بصفوف الجيش الجمهوري الاحتفاظ بزييه شريطة أن يكون موحد الشكل واللون، فكانت أعياد الثورة خليط من الاستعراض العسكري والكرنفال الوطني. اليوم لنفترض أن البزّة العسكرية – رغم ندرتها- ليست علامة فارقة نميز من خلالها بين المبندقين المسلحين- وهم كُثر- بشتى أنواع الأسلحة ومتعددي الأشكال المنتشرين في الجولات والشوارع ومكاتب الدولة ومعسكراتها! واليوم عندي سؤال لكنه ليس عن هؤلاء المبندقين فيما إذا كانوا قبليين أم عسكريين، جمهوريين أم ملكيين؟ أنا علي يقين بذلك، وإنما سؤالي هو عمن يمهد ويذلل الطريق لهؤلاء السير في ركب الملكيين.