الاطراف التي خرجت باقل الخسائر، خلال الاعوام الثلاثة الطاحنة، هي ذاتها التي ستدفع ثمن الفاتورة الباهظة للتحالفات القادمة ،اما الاطراف التي تجرعت العلقم خلال ذات الفترة، لن تعدم الحيلة هي الاخرى، في المتاجرة (بمظلومياتها ) عند الرعاة الدائمين ، من اجل لتكسب السياسي والمادي كما جرت العادة في الحالة اليمنية منذ سنين!! فعلي عبد الله صالح، الذي وفرت له المبادرة الخليجية الممر السهل للخروج، الى المساحة الآمنة، استطاع اسقاط خصومه تباعاً، مستفيداً من التحولات العاصفة في المنطقة ،بعد لحظة يونيو المصرية ،التي قضت تماماً على مشروع الاخوان السياسي في حكم المنطقة، والذي كان يوفر لخصوم صالح اسنادات واضحة ، في التفرد بالقرار السياسي بمعزل عنه، متيحاً لهم خلق تحالفات استراتيجية، بعيداً عن الذراع السعودية الطويلة في البلد ونعني هنا (انقرة والدوحة)، غير ان الذراع الطولى ، ستعود بقوة من خلال اضعاف الحليف القبلي التقليدي، الذي اراد التمرد على (مركز النعمة)، مراهنا على شيخوخة الحكم في الرياض ، ولم يضع في حسبانه ان قوى جديدة فتية بدأت تتشكل على الارض، وباستطاعتها ملء الفراغ، وبرغبة سعودية ايضاً، لهذا السبب كان حليفها القديم القوي (صالح) هو مقاول اللحظة ومهندسها . فلم تسقط (دماج) ومعاقل ال الاحمر في (حاشد) وبعدهما (عمران) على الاقل دون رغبة سعودية ، وبإمكانيات صالح العسكرية والبشرية، وكان الهدف من ذلك اضعاف الجناح (العسكري / القبلي) للإصلاح ،الذي كان يتقوى به الجناح السياسي الذي لم تتوان الجارة من ادراجه في قائمة الارهاب من باب النكاية وهي التي صنعته، وتعهدته بالرعاية على مدى اربعة عقود . وبالرغم من الضربات الماحقة، التي تعرض لها هذا الجناح خلال عام واحد، على يد التحالف (الصالحوثي) وبرغبة (سعودية) كما اسلفنا، بدأ يلملم اوراقه من جديد ،والعمل بشكل علني تحت لافتات ايقاف التمدد الحوثي في المناطق السنية، بعدما اعادت الجارة مد شريان الحياة الى الجسد الضامر، في عملية خلط جديدة لأوراق اللعبة في اليمن، واعادة تسويق (الفزاعة الورقية القديمة ) في وجه الخصوم والاصدقاء السياسيين على حدٍ سواء ،وعلى رأسهم صالح الذي لم يتوان الاعلام السعودي في تقريعه بسبب تماديه اللعب خارج المرسوم متهماً اياه بنكران الجميل وخداع المملكة، التي رممت وجهه كما قالت وسائلها (*) وخوفها ايضاً ،من تحول الحوثيين الى لاعب وحيد في الساحة، بعد ازاحتهم لكل الاطراف بالعنف والسياسة معاً ،وتسليمهم البلاد برمتها لإيران ،الحليف الايديولوجي المأمون ،عوضاً عن الحليف المؤقت المريب!! اما القوى السياسية الاخرى (المشترك وشركائه واحزاب التحالف منقوصة من صالح)، فلم تتعر اكثر مما صنعته بنفسها على مدى السنوات الثلاث الماضية، اذ تحولت الى دكاكين ارتزاق ومتاجرة بالوهم على حساب القضية الوطنية ،فأضعفت بأفعالها العملية السياسية، ومكنت قوى تقليدية لا تملك مشروعاً حقيقياً للتحول الايجابي من السيطرة على المجال العام، بإسناد شعبي غير مسبوق، لان ثقة الشارع بهذه الاحزاب انتهت، حين وجدها أي الشارع غارقة في مستنقع المحاصصة، وتأليه اصنامها وقياداتها (الشائخة / الشائهة) . ومثل كل الاطراف السياسية، المستفيدة من وضع الفوضى، الذي يلف البلاد شمالها والجنوب، يلعب الرئيس عبد ربه منصور هادي على الوقت، وضرب الخصوم بالخصوم، من اجل استمراره كحاكم برغبة غربية وسعودية معاً، فهو حسب ما يراد لصورته ان تكون الجنوبي الذي يراهن عليه ليكون صمام امان الوحدة ،وهو الحاكم الذي سقطت في عهده اهم مراكز النفوذ في البلاد التي لم يستطع الشعب اليمنى على مدى عقود من المساس بها او التأثير بمصالحها وهو الذي قلب معادلة المركز المقدس بحاكمه (الزيدي) المستدام !! و اذا اتجهنا جنوباً سنقول حين وجدت ان الحراك الجنوبي يحقق مكاسب قوية على الارض، بعد لحظة (21 سبتمبر 2014) ،لم تتوان السعودية في الزج بعناصرها (المشبوهة) في عمق الحراك ،واعادة تلميع وجوهها بوسائل شتى، لم تنطل على احد وكل ذلك من اجل قطع الطريق امام ما اسمته بتيار طهران، وهدفها في هذا المسعى واضح، وهو القول ان البديل للتمدد الحوثي غير المسيطر عليه من المركز، سيكون دولة جنوبية غير موالية لطهران، ستتحمل الجماعة وزرها التاريخي، فاهم عمقين في الجنوب (عدن وحضرموت ) صارا بمتناول يدها كما تحاول اقناع الاخرين به . ادامة الفوضى وخلط الاوراق، وجعل البلاد مقيمة في لحظة ما قبل الانهيار بقليل، بقدر ماهي رغبة سعودية مؤصلة، هي ايضاً رغبة النخب السياسية وميليشياتها (القديمة والجديدة)، لان العبور الى (الدولة) سيقضي على كل المشاريع الصغيرة ،التي تحتمي بها هذه النخب . (*) وعلى نحو خاص قناة (العربية) التي بدأت مؤخراً نعته بالمخلوع وقالت انه وصل الى السعودية انسان ميت، ثم قام بتضليل السعودية بتحالفه مع الحوثيين وايران. واضافت ان صالح هو من مهد دخول جماعة الحوثي الى صنعاء، والكثير من المناطق، عبر قوات لازالت موالية له. فهو اراد الانتقام من خصومه علي محسن واولاد الاحمر.