كلما نتكلم عن الماضي السيء الذي عاشه اباؤنا وأجدادنا وعشناه نحن ايضاً يقول البعض ذلك قدر الله وخيرته لنا ويقول البعض ذلك ابتلاء من الله علينا واختبار لإيماننا، وكلما نتكلم عن الحاضر السيء الذي نعيشه يرد علينا البعض بنفس المصطلحات السابقة، واذا تحدثنا عن المستقبل الأسوأ الذي ننتظره يرد علينا البعض ويقول المؤمن ممتحن وهذا امتحان من الله لنا، ويرد البعض ويقول تلك خيرة الله التي اختارها الله لنا، والبعض يقول هذا قدرنا الذي قدره الله لنا. إذا كان ذلك هو قدر مقدر علينا من الله .. وإذا كان قدرنا هو كذلك بهذا السوء وإذا كان ذلك الماضي السيء، وهذا الحاضر السيء، والمستقبل الذي نتوقع أن يكون أسوأ هو ما اختاره وقدره لنا الله، وهو امتحان من الله لنا!!!! .. أذاً أليسَ من حقنا أن نسأل الله ونقول لماذا قدرنا سيء يا الله؟؟ ولِمَ اخترت لنا يا الله هذا الوضع السيء؟؟ ولماذا جعلتنا يا الله نحن المؤمنون بالذات ممتحنون دائما بهذا الامتحان السيء..؟؟ بينما أخترت لكثير من عبادك المشركون بك أو قدرت لهم حياة أفضل من حياتنا..!!! وكالعادة يرد البعض من الكهنة سريعا بالقول: أولئك المشركون حياتهم الأخرى تعيسة فهم الى جهنم وبئس المصير، فلا تغريكم حياتهم الدنيا فهي جنتهم وليس لهم حظ في جنة الاخرة، بينما أنتم ستكون جنتكم في الاخرة تلك الجنة الأبدية، ولكننا نقول لهم وما الذي يمنع ان تكون حياتنا في الدنيا وفي الاخرة حياة سعيدة؟؟!! بل إن المنطق يؤكد بأنه إذا كان الاسلام سيؤدي بنا حتما الى حياة سعيدة في الاخرة فالأولى أن يجعلنا سعداء ايضا في الدنيا؟ إذا كانت هذه التعاسة والحياة النكدة التي نعيشها، وإذا كان هذا الاجرام الذي يرتكبه بعض أبناء هذه الامة تجاه بعضهم الاخر هو قدر قدره الله لنا، فلماذا لا يكون القدر في الآخرة ايضاً قدراً تعيساً كما هو في الدنيا؟؟؟؟. هل قدرنا الذي قدرته يا الله علينا هو أن يتسلط علينا من يكذبون باسمك أو يدعون الوصاية علينا باسمك أو يدعون الوصاية على ديننا باسمك وكأنهم وحدهم الذين خلقت لهم عقولا ليفهموا دينك، هل تلك خيرتك يا الله التي اخترتها لنا أن يقتل بعضنا البعض!!! ويدعون انهم يجاهدون في سبيلك يا الله..؟؟ اذا كان القتل كل القتل هو جهاد في سبيلك يا الله ..!!عندها علينا أو بالأحرى قد يتوجه ضعيفي الإيمان بالسؤال لله فيقولون لماذا خلقتنا يا الله؟؟..!! وإذا كنت قد خلقتنا لكي يقتل بعضنا البعض فلربما كان الأجدر أن لا تخلقنا يا الله!!!!. أما العقلاء وأقوياء الإيمان فإنهم لن يقبلوا ابتداء بمثل تلك الإجابات ولا تنطلي عليهم تلك الأفكار السلبية والقاتلة، فهم يعلمون ويؤمنون بيقين تام أن الله لم يخلقنا إلا لنحيا ولنعمر هذه الارض ونتنافس فيها بشرف وبكرامة وأن نسعى لأن نحيا فيها بأقصى ما نستطيع من السعادة والهناء، لكنا قد بلينا في هذا الزمن بالذات بطغيان جُهلائِنا على عُقلائِنا فكانت تلك هي النتيجة. إذا كان قدرك يا الله، واختيارك يا لله، قد أدي الى أن يكون هناك بشرٌ أسياداً على بقية عبادك ويقتلون ويضطهدون كل من لم يقبل أن يكون عبداً مطيعاً لهم، ويعتبرون طاعتهم هي طاعة لك وكل ما يقومون به هو بأمر منك وطاعةً لك وجهاداً في سبيلك، ويقومون نيابة عنك بقتل من لم يؤمن بك أو من يرتد عن الايمان بك على طريقتهم وطريقة إيمانهم تلك .. فلماذا خلقتنا يا لله وميزتنا عن بقية مخلوقاتك بالعقل.؟ ولماذا جعلتنا احراراً وتحاسبنا يوم العرض عليك على تلك الحرية.؟، وقد قدرت علينا واخترت لنا من يقوم بسلب هذه الحرية منا في الدنيا.؟، ولماذا تحاسبنا في الحياة الاخرة على طاعتك وعدم طاعتك وقد قدرت علينا من يقوم بذلك في الدنيا..؟ إذا كان كل عمل يتوصل إليه العقل بدعة ضالة!!! واذا كان كل عمل يتوصل اليه العقل يتطلب نصاً شرعيا منك حتى لا يكون بدعة فما هي فائدة هذا العقل الذي خلقته؟ ولماذا أمرته بان يتفكر ويفكر ويبحث عن كل ما لم يستوعبه لعله يفهم كلما في هذا الكون ويسخره لحياته؟، ثم تقدر علينا بشراً مثلنا يقولون أن ما توصلت إليه عقولنا هي بدع ضالة مالم نأتي بنصوص شرعية منك تثبت بان ما توصل اليه العقل ليس بدعه فلِمَ خلقت لنا هذه العقول وجعلتها تبحث وتفكر وامرتها بالتفكير والبحث؟؟؟؟. سبحانك يا الله يا أرحم الراحمين، ويا اكرم الاكرمين .. أن يكون ذلك قدرك علينا، بل نستغفرك أن نفكر بذلك التفكير حتى مجرد تفكير وأن يكون ذلك هو ما أخترته لنا، وأن يكون هذا البلاء هو امتحان منك يا الله .. انما هو قدر قدرناه على انفسنا، واختيار اخترناه لأنفسنا، وبلاء جذبناه لأنفسنا، فحاشاك أن يكون ذلك قدرك لنا وأن يكون ذلك اختيارك لنا وأن يكون ذلك امتحان منك لنا.. فانت يا الله الإله الرحيم المؤمن الطيب القدّوس السلام الرحمن... إلى آخر ما عرفناه من صفاتك ومن اسمائك الحسنى التي لا تحمل أي شر لعبادك، فكيف ينسبون اليك مالم تنسبه لنفسك. أعرف يا الله حق المعرفة أن قدرك لم يكن قدر سيء، وان اختيارك لم يكن اختيار سيء وأن اختبارك لم يكن اختباراً سيء أعرف حق المعرفة أن قدرك واختيارك لنا كان قدر واختيار حسن، وقدرك واختيارك الذي قدرته واخترته لنا هو أنك خلقتنا مميزين عن بقية مخلوقاتك بالعقل وان هذا العقل الذي خلقته لنا وزودتنا به إنما جعلته أهم أداة تساعدنا على طاعتك وحسن عبادتك، وأهم وسيلة ترشدنا لنكون قادرين على تحويل حياتنا الى حياة سعيدة ونسعى لتكون حياتنا في الاخرة أيضاً حياة سعيدة، وان نجعل من مستقبلنا أكثر سعادة - إن نحن أردنا ذلك وفق الحرية التي وهبتنا ايها- تلك الارادة الجماعية التي تعمل من أجل السعادة، ولأجل ذلك دعوتنا لان نكون أخوة متحابين متعاونين على الخير لا على الشر.. وانما ينسبونه اليك يا الله انما هو كذب وافتراء عليك وبهتان. أوَ لست أنت القائل لرسولك الكريم ولكل من سيتصدى من عبادك الصالحين لحمل رسالتك وتطبيق شريعتك يا الله: طَهَ* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ* إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ... صدق الله العظيم. نعم يا لله لقد كان قدرنا حسن وكان اختيارنا حسن كأمة مؤمنة بك عندما استوعب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وعندما استوعب الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان ممن جاؤا قبلنا تلك المعاني الرائعة والعظيمة والكريمة واستخدموا عقولهم كما أمرتهم خير استخدام وتفكروا في كل شيء كما أمرتهم، عندما استعملوا عقولهم من أجل الخير للناس فتمكنوا يومها من النهوض بالبشرية كافة في مختلف العلوم وفتحوا أبواب التطور للبشرية كافة في كل المجالات، وأتت عقول أمم أخرى فواصلت المهمة بعدهم فصارت حياتهم سعيدة ومستقبل ابنائهم أكثر سعادة، بينما تحول قدرنا الى سيء بعد أن أتىَ من بين ظهورنا كهنة جمدوا عقولنا وكفروا كل عقل يحاول التفكير بحياة أفضل واتبعهم الجهلة من أبناء هذه الامة واستكان لهم بقية أبناء الأمة تحت ويل التهديد والتكفير فكان هذا القدر السيء هو قدر اختاره من استسلموا لهذا الكهنوت ولم يحاربوه, ونخلص من كل ما تقدم إلى: - أن هذا القدر السيء سيظل قدرنا الذي قدرناه لأنفسنا إن لم نقم بمحاربة هذا الكهنوت بلا هوادة حتى نعيد الحياة الى مسارها الطبيعي الذي حددته سبحانك وتعالى وهو مسار يؤدي الى الخير والسعادة. - وأن هذا الذي نحن فيه هو قدر قدرناه لأنفسنا واختيار اخترناه لأنفسنا، وبلاءً جذبناه لأنفسنا. [email protected]