أدّى مئات الآلاف من اليمنيين صلاة الجمعة أمس في تجمع مليوني اكتظت بهم ساحة ميدان التحرير في قلب العاصمة صنعاء والشوارع والأحياء المحيطة بها. ودعا مدير الوعظ والإرشاد بمكتب الأوقاف والإرشاد في أمانة العاصمة فضيلة الشيخ جبري إبراهيم حسن في خطبتي الجمعة جميع أبناء اليمن إلى الاصطفاف والتلاحم الوطني وحماية ممتلكات الناس العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع. وقال: “يا أهل اليمن إن رسول الإسلام بعثه الله بالمحبة والإكرام, بعثه الله بالدين والإيمان، والحب والإسلام والسلام وجعل جزاء ذلك الجنان, ومن خالف ذلك ففي جحيم النيران، فأقسم عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: “والله لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تاحبوا, ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم.. افشوا السلام بينكم”. وأضاف: “لا يوجد دخول الجنة إلا بالإيمان, ولا يوجد إيمان إلا بالمحبة, وكل بغضاء وشحناء وخصام ليس من الإيمان في شيء, ولا يكون صاحبه من أهل الجنة كما ورد عن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، الذي أقسم على ذلك بقوله: “دب إليكم داء الأمم قبلكم، ما وجد عند اليهود ولا النصارى، دب إليكم داء الأمم قبلكم الشحناء والبغضاء، ألا إنها الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين”. وأكد الشيخ جبري أن الإسلام دين محبة بين أبناء الأمة وثقة فيه على نعم الله وإكرامه، فهو الذي خلق وسوّى ورزق وأعطى، وهو سبحانه وتعالى خيره إلينا نازل وشره إلينا صاعد، نعصيه فيغفر ونخرج عن أمره فيستر. وقال: “إن من يعطي شيئاً ويحسن إليه من باب حب الإحسان، فإنه يكرمه ويحبه ويقدم له الطاعة في كل ما يريد، فكيف بالله سبحانه الذي خلق من العدم وأوجد النعم وأكرم جميع الخلق بالكرم، فهو الرزاق لا رازق سواه, وهو المعطي ولا معطي سواه.. إن كل من في السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا.. لقد أحصاهم وعدهم عدّا.. وكلهم آتيه يوم القيامة فردا”. وتابع: “إننا نحبه سبحانه وتعالى فهو الرزاق، سخّر لنا ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه دون أن نعطي ثمناً.. دون تعب أو كلل، ما بنا من نعم وكل ما فينا من كرم، هو من الله قال تعالى: “ما أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ” وقوله سبحانه: “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ”. موضحاً أن الآيتين الكريمتين تبينان أن ما جاءنا من نعمة فمن الله، وما وجدت فينا من النقم وما نزل بنا من المحن فمن أنفسنا. وأشار الشيخ جبري ابراهيم حسن إلى أنه لو عاد الناس إلى الله تعالى وكتابه وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، لوجدوه، فهو الرازق وهو المانع وهو الذي قال: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور”. مبيناً أن المولى جل شأنه لم يتكفل برزق الإنسان وحده، ولكن عندما خلق الله الأرض، قدر فيها أقواتها وأرزاقها, فخلق هذا الإنسان وحمله طاعته وتكفل الله برزقه وأكد أن رزق الإنسان لا يستطيع أن يقضي عليه أحد لا ملاك ولا ملك ولا قريب ولا بعيد ولا عدو ولا صديق, والنبي الكريم يمثل ذلك فيقول: «اعلم لو أن الأمة اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك، ولو اجتمعت الأمة على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» هكذا هو الإيمان ومحبة الدنيا اخوتنا في الله وأحبابنا في الإيمان والله يقول لنا: “وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها ومستودعها كل في كتاب مبين”. وقال مدير الوعظ والإرشاد في مكتب أوقاف أمانة العاصمة: “الجميع يحب الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو الذي أنقذنا الله به من النار ووحدنا به من الفرقة والضلالة, وجمعنا به بعد شتات, ولا ندخل الجنة وننجي من النار إلا عن طريقه قال الله تعالى: “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”. وحثّ الشيخ جبري ابراهيم حسن على حب الأوطان باعتبار ذلك من الإيمان وقال: “نحب الوطن الذي فيه خُلقنا, نحب الوطن الذي فيه رزقنا وأكرمنا الله به، فالله هو الذي اختار لنا الوطن واختار للأمة الإسلامية وطنها ونهضة الوحي فيها، فنحن نحب وطئ مهبط الوحي، ونحب المكان الذي سقطت فيه رؤوسنا، ونحب وطننا الذي نعيش عليه، حب إيمان”. وأضاف: “قريش كلها تتمالى على قتل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام, ولم يتم لهم ما أردوا, مع ذلك فإن رسول الله لم يبغض قريشاً ولا مكة ولا العرب بدعوة الله سبحانه وتعالى أن يهلكهم ويزيحهم كما هي أوصاف بعض المقصرين فينا, لكنه قال: “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون” ويخرج من مكة يلفت إليها ويقول: “والله إنك أحب البلاد إليّ, ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت”. ودعا إلى الاقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام وسنته في حب الوطن، مشيراً إلى أن النبي صلى عليه وسلم بحبه للوطن يشرع للأمة كلها أن أحداً جبل يحبنا ونحبه بل ليس للجبل حتى الثرى والتراب يقول عليه الصلاة والسلام: «إن تراب أرضنا تراب وطننا شفاء لأسقامنا» يجب ان نكون هكذا نطهر تراب أرضنا من الدماء نطهر تراب أرضنا من الفساد ومن الانحراف لا نهلك الحرث والنسل, فإن الذي يعمل ذلك عدو الله قال الله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ”. ولفت خطيب الجمعة إلى ما حثّنا عليه نبي الإنساية عليه أفضل الصلاة والسلام من محبة الناس والأرض والحجر والشجر وكل شيء فيها, ولذلك حتى في الحرب يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تقتلعوا شجرة ولا تهدموا بيتاً عامراً ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً وتجدون قوماً خلوا أنفسهم للعبادة فتركوهم» وما تفرقوا له صلوات ربي وسلامه عليه. وأوضح أن حبنا لوطننا الذي رأينا فيه حب المصطفى عليه الصلاة والسلام ويجب أن نحافظ عليه بأحجاره وأشجاره وبيئته، ان كنا نحب الوطن، نحب رجاله ونساءه، نحب أطفاله وبناته، إن كنا فعلاً نحب الله ونحب رسوله علينا أن نحب المؤمنين في أرض اليمن الذين أحبهم الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: “هم مني وأنا منهم” والله تعالى يخبر في القرآن الكريم عن أهل اليمن كما قال أصحاب التفاسير: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ” قالوا هم أهل اليمن يحبهم ويحبونه. وناشد الجميع بالعودة إلى القرآن الكريم، قائلاً: “عودوا إلى رشدكم واحقنوا دماءكم واحفظوا أرواحكم وأعراضكم، عودوا إلى دينكم، فاليمن أمانة في أعناقكم والله سائلكم عليه”. وتساءل الشيخ جبري: لماذا انقلب الحبل, ولماذا انقلبت الصفات التي ذكرها الله تعالى عن أهل اليمن في القرآن الكريم، أصبحنا أرق على أعدائنا، خبثاء على أنفسنا, أشداء على بعضنا. داعياً إلى العودة إلى منهج الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فديننا، دين الحب وليس دين الحسد والبغضاء والكذب والمكايدات، ديننا دين الصدق، ولا تكن شهواتنا ورغباتنا ومصالحنا جميعاً فوق الوطن، لا يجوز أن تكون مصالحنا فوق الدين، لا يجوز تحريف النصوص عن أصولها ، كما لا يجوز أن نخرب مقدراتنا ومكتسباتنا ومنجزات أرضنا فإن التخريب صفة اليهود كما قال الله سبحانه تعالى في كتابه الكريم: “يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبصار”. مؤكداً أهمية الحرص على التحلّي بما وصفنا الله ورسوله الكريم بالاعتصام بحبل الله تعالى انطلاقاً من قوله سبحانه: “وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء، فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا”. وتابع قائلاً: “نريد محبة حتى يعطينا الله جنة وسعادة في الدنيا والآخرة، ماذا يعطينا المال غير الكد والنكد، ماذا تعطينا الحكمة إن بحثنا عن الفلسفة غير المنطق الجاف، ماذا يعطينا العمل غير العرق والكد ليلاً ونهاراً وإذا لم يكن فيه رضا الله فبعده النار والعياذ بالله، لكن الحب هو المعدن الرئيسي والجوهر الذي لا يتغير. وأكد أن الأمن والاستقرار نعمة من نعم الله تعالى قائلاً: “نريد الأمن والاستقرار والخير والازدهار للوطن وأبنائه, وأن تكون المحبة فيما بيننا هي القاسم المشترك فالمحبة تورث الجنة”. وحث الشيخ جبري ابراهيم حسن على الابتعاد عن البغضاء والشحناء والتخريب والنهب لينعم الجميع بالخير والأمن والاستقرار حتى يغفر لنا الغفار. وأشار مدير الوعظ والإرشاد في مكتب الأوقاف والإرشاد إلى ضرورة التماسك والترابط بين كافة أبناء اليمن، ورص الصفوف وجمع الكلمة والاجتماع والتشاور والتحاور والأخذ بمبادرة رئيس الجمهورية بما يكفل الخروج من الفتن والصراع وحماية ممتلكات البلاد والعباد، ونشر المحبة والمودة بين الناس.