لا يمكن ان تنجح القوى السياسية اليمنية الحالية في الخروج بالوطن من ازمته الحالية ,وهى تعاني من ازمة ثقة فيما بينها , وازمة هوية في رؤيتها وتعاطيها مع قضايا الوطن . وحتى لو توصلت هذه القوى في حوارها الراهن الى حل توافقي معين فإنها لن تنجح فى تجسيده على ارض الواقع العملي , ولنا فى الاتفاقيات والمبادرات السابقة خير دليل على عجز مختلف قوانا السياسية فى التوصل الى حلول فعالة لمشاكلنا وازماتنا او حتى اﻻلتزام بما تتوصل اليه او توقع عليه من اتفاقيات و مبادرات. فالمشكلة اليوم ليست فى كيفية جمع مختلف القوي السياسية اليمنية على طاولة الحوار لمناقشة قضايا الوطن او التوصل لحلول توافقية لمعظم هذه القضايا والتوقيع عليها من مختلف القوى السياسية , فقد تحاورت هذه القوى ذاتها قرابة عشرة اشهر وتوصلت الى حلول ومعالجات لمختلف المشاكل والقضايا الوطنية على الساحة الوطنية , لكن المشكلة الحقيقية- من وجهة نظري - والتي نعاني من اثارها ومظاهرها اليوم تكمن فى انعدام حالة الثقة بين هذه القوى , وفقدان معظمها للهوية الوطنية فى حواراتها ومواقفها وتعاطيها مع قضايا الوطن ومشاكله , والبحث عن هويات اخرى حزبية او مناطقية او مذهبية تشكل ركيزتها الاساسية فى حواراتها وتعاملها مع الاخر . و هذه المشكلة - من وجهة نظري - هي السبب الرئيسي في عدم تنفيذ او احترام هذه القوى لأي اتفاقات او مبادرات فيما بينها لمعالجة قضايا الوطن , وهى سبب ما وصلنا اليه اليوم من ازمات سياسية واقتصادية وامنية تكاد تعصف بالوطن وتجره الى مستقبل مجهول . ومن هذا المنطلق فالخروج بحلول فعالة لمشاكلنا وازماتنا الحالية لا يمكن ان يتحقق الا اذا عملت مختلف القوى السياسية اليمنية بصدق على تعزيز هويتها الوطنية وتغليب مصلحة الوطن العليا على مصالحها السياسية والخاصة , وتعزيز الثقة فيما بينها , وانهت مكايداتها السياسية ومهاتراتها الاعلامية . وعملت بروح الفريق الواحد لما فيه مصلحة الوطن العليا وابنائه , وتحقيق امنه واستقراره . ولهذا يجب على كل محبي اليمن والحريصين على وحدته وامنه واستقراره سواء من داخل الوطن او من محيطه الاقليمي والدولي ان يركزوا جهودهم بشكل اكبر على تحقيق مصالحة وطنية واسعة بين مختلف الاطراف والقوى السياسية اليمنية , وتعزيز الثقة فيما بينها . كعامل اساسي وهام في نجاح أي حوار او اتفاق بين مختلف هذه القوى حاليا ومستقبلا . ختاما اوجه كلامي الى كل قيادات الاحزاب والقوى السياسية التي تجتمع حاليا على طاولة الحوار في موفنبيك لمعالجة الازمة السياسية الحادة التي يمر بها الوطن . وأقول لهم : لا تنسوا أنكم جميعا يمنيون ، على هذه الأرض ولدتم وترعرعتم , وأسأل الله العلي القدير أنكم ومن خلال ما شاهدتم وعايشتم من فتن وأزمات ومشاكل مر بها الوطن خلال الفترة السابقة فطنتم واعتبرتم ، وبعد فترة زمنية قد تطول او تقصر, سترحلون وبين يدي مالك الملك والحاكم العدل ستعرضون , وعن هذا الوطن وأبنائه ستسألون ، فاتقوا الله فيه وفي ابنائه . وتذكروا جيدا فى هذه اللحظات الحرجة أن قلوب وعقول الملايين من أبناء هذا الوطن معكم ويتطلعون شوقا إلى ما سوف تخرجون به من نتائج و وقرارات واستراتيجيات تنتقل بهم وبوطنهم نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه أمالهم وأحلامهم في العيش الرغيد والحياة الكريمة والأمن والاستقرار والنهوض في شتى المجالات . فكونوا عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقكم , وعليكم جميعا السموا فوق الخلافات والصغائر , ونبذ الماضي بكل مساوئه وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن وتاريخكم السياسي, عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع . فالكل مسئول أمام الله والتاريخ عن هذا الوطن من منطلق مركزه ودوره وتأثيره في الحياة السياسية على الساحة اليمنية , والكل لابد ان يسهم في تنمية الوطن وتعزيز وحدته وأمنه واستقراره. وتأكدوا إننا جميعا نبحر على ظهر سفينة واحدة هي سفينة الوطن ومسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة أن نوصلها إلى بر الأمان ، لأنه إذا ما عصفت بها أعاصير التحديات والأخطار التي نجابهها اليوم فستغرق في بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار . فاحرصوا على أن تصلوا بسفينة الوطن إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار, والله يوفقكم لما فيه خير اليمن وتقدمها واستقرارها ويسدد على هذا الطريق خطاكم انه ولى ذلك والقادر عليه . ======= *أستاذ التسويق المشارك / جامعة تعز [email protected]