فى يوم واحد – الخميس الماضي - وفى عدة ساعات فقط سقطت على تراب هذا الوطن الطاهر دماء عشرات الشهداء من أبناء هذا الوطن الأبرياء، دماء يمنية أزهقت ظلماً وعدواناً وللأسف الشديد بأيادٍ يمنية، دون أي ذنب اقترفته فى حق هذا الوطن وأبنائه، فلمصلحة من أريقت هذه الدماء. ومن المسئول عن إراقتها، ومتى ينتهى هذا العبث والاستهتار بدماء أبناء اليمن. ولعل ما أدمى قلبي وقلب كل مواطن غيور على هذا الوطن وأبنائه هو موقف قوانا السياسية وأجهزتنا الإعلامية من هذه الدماء، فالقوى السياسية اليمنية للأسف الشديد لم تحركها هذه الدماء نحو تحمل مسؤوليتها أمام الله والتأريخ في العمل على حقن دماء أبناء الوطن من خلال إنهاء مكايداتها وخلافاتها السياسية وتغليب مصلحة الوطن وأبنائه على مصالحها الخاصة والضيقة، والتوافق على تطبيق وتحقيق ما اتفقت عليه سواء فى اتفاق السلم والشراكة الذي وقعت عليه قبل أيام أو مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي توافقت عليها بعد أشهر من الحوار والنقاش فيما بينها. إن من المعيب أن تعجز هذه القوى السياسية خلال نصف شهر وأكثر عن التوافق على شخصية وطنية لرئاسة الحكومة اليمنية خلال الفترة القادمة، فهل خلت الساحة اليمنية من وجود شخصية وطنية قادرة على إدارة دفّة الحكومة بكفاءة وحيادية أم أن هذه القوى قد فقدت هويتها الوطنية تماماً وأعمتها خلافاتها ومصالحها السياسية والحزبية عن رؤية أشلاء ودماء أبناء الوطن تسقط هنا وهناك دون أن تحرك ساكناً فى سبيل وقف إراقة المزيد من هذه الدماء و إنهاء حالة الفرقة والخلافات فيما بينها والعمل بروح الفريق الواحد لما فيه مصلحة هذا الوطن وأمنه واستقراره. أما قمة المهزلة الاعلامية فقد تمثّلت في تعاطي قنواتنا الفضائية اليمنية وخصوصاً الحزبية والخاصة مع أحداث الخميس الماضي والدماء اليمنية التي سقطت, حيث استمرت هذه القنوات في بث حفلاتها وسهراتها الغنائية وكأن هذه الدماء لا تعنيها, بينما استمرت القنوات الحزبية في تبادل الاتهامات والمكايدات السياسية كالعادة. دون أدنى مراعات لمشاعر أسر وأبناء وأهالي الشهداء والجرحى, ودون إدراك من القائمين على هذه القنوات بخطورة ما حدث ويحدث في الوطن. ومسئوليتهم الوطنية والاعلامية في عمل ونشر كل ما من شأنه تعزيز الهوية الوطنية وإصلاح ذات البين والتوعية بحرمة دماء اليمنيين والتعبير الصادق عن هموم وحاجات الناس وملامسة قضاياهم. وختاماً أقول لكل قيادات القوى السياسية اليمنية ألا تكفي كل هذه الدماء اليمنية التي سقطت على تراب هذا الوطن في إيقاظ ضمائركم السياسية والوطنية واستعادة الثقة فيما بينكم وإنهاء خلافاتكم ومكايداتكم السياسية وتوحيد صفوفكم ورؤاكم لخدمة هذا الوطن وأبنائه. فاتقوا الله في هذا الوطن وأصلحوا ذات بينكم وغلّبوا مصلحة الوطن العليا على مصالحكم السياسة والحزبية والشخصية الضيقة, واعلموا جيداً أنكم مسئولون أمام الله عن كل قطرة دم تُراق من أبناء هذا الوطن. في ظل هذه الأحداث والتداعيات التي كان لتفاقم خلافاتكم وانعدام الثقة فيما بينكم درو كبير في تصعيدها وزيادة حدة خطورتها ووصولها إلى ما وصلت إليه. وأقول لكل الاعلاميين والقائمين على القنوات الفضائية ألا تكفي كل هذه الدماء اليمنية التي سقطت على تراب هذا الوطن في إيقاظ ضمائركم المهنية والوطنية؟, فاتقوا الله يا هؤلاء فيما تقولون وتحللون وتكتبون وتنقلون من أخبار ومعلومات ووظفوا ثقافتكم ومهاراتكم وخبراتكم الثقافية والسياسة والإعلامية وسخّروا ألسنتكم وأقلامكم وقنواتكم لتحقيق ما فيه الخير والصلاح وإصلاح ذات البين وحقن الدماء اليمنية, والدعوة إلى التسامح والإخاء وتعزيز الهوية الوطنية. حفظك الله يا وطني الحبيب من كل القلاقل والمشاكل والفتن, وطهّر الله أرضك الطيبة من كل الأشرار والظالمين والمتربّصين بخيراتك ووحدتك, لتبقى يا وطني الحبيب نقياً صحيحاً, قوياً موحداً, تحمل بذور الخير والسلام والمحبة لكل الدنيا, ولتظل يا وطني الحبيب مصدر فخر واعتزاز لكل أبنائك المخلصين والشرفاء الذين يكنون لك الحب والولاء والوفاء أينما كانوا وحيثما حلّوا على ترابك الطاهر أو في أي مكان في أرجاء المعمورة. وحسبنا الله ونعم الوكيل. [email protected]