وصف رسول الإنسانية الأعظم أهل اليمن بأنهم أهل الإيمان والحكمة, لكن ما نلمسه ونشاهده اليوم على أرض الواقع من أحداث وتداعيات خطيرة قد تنذر بتفجير الوضع عسكرياً بين أطراف الصراع على الساحة اليمنية وإراقة المزيد من دماء اليمنيين, تجعلنا نستدل من قريب أو بعيد على أن منطق الحكمة وصوت العقل بدأ يتلاشى لدى مختلف الأطراف السياسية والحزبية اليمنية, خصوصاً بعد أن بدأ منطق العنف والرصاص يبرز بقوة على واجهة الأحداث على الساحة اليمنية في بعض المدن اليمنية, ليقلق السكينة العامة ويزيد من خوف ومعاناة الناس البسطاء من أبناء هذا الشعب الطيب والمسالم والذين تحملوا الكثير من الصعوبات والمعاناة في حياتهم ومعيشتهم منذ بداية هذه الأحداث مطلع العام الحالي, أملاً في أن يصل أهل الإيمان والحكمة من قيادات العمل السياسي في البلاد إلى مخرج وحل مناسب وحكيم لهذه الأزمة التي طال أمدها واستفحل خطرها وباتت تهدد كيان وأمن ووحدة واستقرار ومستقبل هذا الوطن. الذي لم يعد اليوم قادراً على تحمل المزيد من الخلافات والعناد السياسي والحزبي أو الشخصي بين مختلف الأطراف السياسية في البلاد. فكم من الأسى والحزن والحسرة والألم الشديد يصاب به كل مواطن يمني محب وغيور على وطنه اليوم عندما يشاهد دماءً يمنية تتدفق هنا وهناك من أجساد يمنية أزهقت أو جرحت أو أصيبت بأيد يمنية للأسف الشديد فلمصلحة من تراق هذه الدماء؟ ولمصلحة من يروع الآمنون في بيوتهم من رجال وأطفال ونساء يومياً ترعبهم أصوات الرصاص التي تنطلق من هنا وهناك وتخترق بعضها منازلهم دون أن يكون لهم ذنب فيما يحدث سوى أن مساكنهم وقعت قدراً في مرمى النار ومناطق الأحداث؟ ولمصلحة من يتوقف التعليم وتتوقف المصانع وورش العمل ويسرّح العديد من العمال؟ ولمصلحة من تستمر الأيادي ضاغطة على الزناد هنا وهناك إيذاناً بتجدد الاشتباكات وسقوط المزيد من الشهداء والجرحى من أبناء هذا الوطن, مع علم الجميع جيداً بأنه ليس في مقدور أحد من أطراف الصراع السياسي على الساحة اليمنية في هذا التوقيت بالذات وفي ظل الوضع الراهن والمتغيرات المحلية والخارجية أن يزيل ويقتلع الطرف الآخر من الساحة اليمنية بقوة السلاح ومنطق العنف والرصاص؟! فهل آن الأوان لأن تعود جميع الأطراف والأطياف السياسية والحزبية على الساحة اليمنية إلى دائرة الحكمة, ويُغلب الجميع مصلحة الوطن العليا وأبناء هذا الوطن على أي مصالح شخصية أو سياسية أو حزبية أو قبلية أو مناطقية مهما كانت أهميتها من وجهة نظر أصحابها, فالوطن ومصلحته العليا أغلى وأعلى وأجل وأسمى من كل المصالح والأحزاب والتنظيمات والشخصيات السياسية والاجتماعية. فالوطن هو الثابت الوحيد وما عداه يعد متحولاً.. لا المصالح يمكن أن تكون مشروعة إذا تعارضت مع مصلحته العليا ولا القضايا والمطالب تكون عادلة إذا عرّضت أمنه واستقراره ووحدته للخطر. وهو القاسم المشترك بيننا جميعاً نحن أبناؤه سواءً كنا متحزبين أم غير منتمين سياسياً، مدنيين أم قبليين، مثقفين أم غير متعلمين, وإذا ما اعتبره الجميع خصوصاً الفرقاء السياسيين بأنه الرقم الصعب غير القابل للقسمة وآمنوا بهذه الحقيقة فإن كل المشاكل والمعضلات ستجد الحلول الملائمة والمرضية للجميع.. شريطة أن يكون هناك التقاء لا افتراق. فيا أيها العقلاء في كافة أرجاء وطننا الحبيب, اليمن أمانة في أعناقكم وبحاجة ماسة اليوم إلى توحيد رؤيتكم وجمع شملكم وتوحيد صفوفكم من أجل المحافظة على وحدته وأمنه واستقراره فهو ليس ملكاً لشخص أو فئة أو منطقة أو حزب معين بل هو ملكنا جميعاً والحفاظ عليه مسؤوليتنا جميعاً. فلنحرص جميعاً على أن نخرج به إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار. حفظك الله يا وطني الحبيب من كل القلاقل والمشاكل والفتن, وطهر الله أرضك الطيبة من كل الأشرار والظالمين والمتربصين بخيراتك ووحدتك, لتبقى يا وطني الحبيب نقياً صحيحاً, قوياً موحداً, تحمل بذور الخير والسلام والمحبة لكل الدنيا, ولتظل يا وطني الحبيب البلد الطيب منبع الإيمان والحكمة. ومصدر فخر واعتزاز لكل أبنائك المخلصين والشرفاء الذين يكنون لك الحب والولاء والوفاء أينما كانوا وحيثما حلوا على ترابك الطاهر أو في أي مكان في أرجاء المعمورة.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. (*)أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]