تحيّة إجلال وتقدير نرفعها إلى البرلمان الباكستاني ولقادة الجيش في هذا البلد الإسلامي؛ ليس لأنهم رفضوا أن يشاركوا في العدوان على بلادنا اليمن وإنما أيضاً لأنهم أثبتوا أن الجيش الباكستاني وجد للدفاع عن باكستان وشعبها وليس للإيجار، وأن الجنود الباكستانيين ليسوا رخيصين، وأنهم أغلى وأثمن عند شعبهم وأعزّ من أن يُقدّموا قرابين على مذابح آل سعود أو غيرهم ممن يرون أن كل شيء بإمكانهم شرائه حتى الإنسان له ثمنه أيضاً في قاموس هؤلاء المتخمين بالنفط..!!. وهذا هو الفرق بين الجيش النظامي الوطني وبين عصابات المرتزقة وشذّاذ الآفاق والقتلة المأجورين، وأي حكومة تقدّر جيشها وتحترم شعبها لا يمكن أن تقبل أن تضع جيشها تحت الطلب وتأجيره لمن يدفع ثمن دماء الجنود الذين سيسقطون دفاعاً عن نزواته وانتصاراً لغروره وكبريائه الزائف. وكم كنت أتمنّى ألا يوضع جيش مصر العروبة في الموقف ونراه أقرب إلى المرتزقة من الجيش الوطني العربي القومي الذي يفخر به كل مواطن عربي شريف من المحيط إلى الخليج، فالجيش المصري هو درع الأمّة العربية، وكل معاركه كانت دفاعاً عن كرامة الأمّة العربية وعزّتها واستقلال أوطانها من دنس الغاضب المحتل والمستعمر البغيض؛ ولم يكن يوماً للإيجار، ويجب أن يبقى كذلك رمزاً لكل إنسان عربي. الجيش الباكستاني رفض المشاركة في العدوان السعودي على اليمن رغم المغريات التي قدّمتها المملكة السعودية؛ لأنه رأى الحقيقة بكل أبعادها، وعرف الهدف من وراء هذا العدوان السعودي الغاشم على دولة عربية وشعب مسلم، وأن مشاركته في هذه الحرب الظالمة جريمة دينية وأخلاقية، ولهذا تجاهل كل الوعود الخليجية لدعم الاقتصاد الباكستاني، ولم ينظر إلى الدولارات السعودية والقطرية، وكل مارآه قادة الجيش الباكستاني وبرلمانهم تجربتهم المريرة مع الإرهاب القادم من دول الخليج والمدعوم من علماء الدين السعوديين والكويتيين والقطريين والمموّل من أمراء النفط ورجال الأعمال، وطالبان باكستان هي الواقع. ولهذا لم يصدق الباكستانيون كل تلك المزاعم التي تروّج لها قنوات الزيف الخليجي ولم تنطلِ عليهم فتاوى علماء الفتنة والتكفير من أمثال العريفي الذي ظهر بالزّي العسكري يحرّض على قتال الكفّار في اليمن، ويدعو إلى الجهاد كما سبق له أن دعا هو وغيره من علماء السعودية والإخوان المسلمين إلى الجهاد في سوريا وليبيا والعراق وفي مصر أيضاً، وجند الجيش المصري الذي صنّفوه عدو الإسلام والمسلمين، وما يجري اليوم في سيناء وغيرها من المحافظات المصرية من عمليات إرهابية ما هو إلا تنفيذ عملي لفتاوى علماء السعودية ومن معهم ويموّل بأموال خليجية خالصة. وما تقوم به السعودية من عدوان على اليمن هو أيضاً في إطار برنامجها الثابت في دعم الإرهاب ورعاية التطرُّف، وتبّت يدا العدوان والمساندين له، والعار كل العار لمن حوّلوا جيوشهم إلى مرتزقة لآل سعود وأمراء النفط..!!. "الجمهورية"