على العكس مما يقوله الكثيرون، كانت عاصفة الحزم نجاحا باهرا على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. فعلى المستوى التكتيكي نجح المخططون لعاصفة الحزم في حشد قوة جوية فعالة، من عدد من الدول العربية، وكان الذين اعلنوا مشاركتهم في التحالف عشر دول، وهذا نجاح كبير بالنظر الى الخلاقات التي تعصف بالعالم العربي. تمكن التحالف من تحييد احتمالات التدخل الايراني بدعوة باكستان للانضمام الى التحالف، وبدا رفض البرلمان الباكستاني متفقا عليه، لأنه جعل الانذار الباكستانيلإيران من مغبة قيامها باي تدخل، اقوى واكثر مصداقية عسكريا وسياسيا، وبذلك قامت باكستان بدورها كاملا دون ان تطلق طلقة واحدة. وعملانيا ظهر التحالف مالكا لبنك اهداف شامل، مكن القوات الجوية للتحالف، من تحطيم البنية العسكرية للجيش/الميليشيا التابع للرئيس المخلوع صالح، وكذا البنية التابعة لميليشيا الحوثي. وذلك أداء من طراز رفيع. أما على المستوى الاستراتيجي، فقد تمكن التحالف من القضاء على احتمالات شر مستطير، يطاول الخليج كله، كنت قد تطرقت اليه في مقالين في يناير الماضي، قبل ان تبدأ عمليات عاصفة الحزم بشهرين: كتبت في مقالة بعنوان " هجوم ايراني وشيك على السعودية" ما نصه "يتفق محللون سياسيون كثر على ان هجمة الحوثي في صنعاء والتي ادت الى حدوث فراغ في السلطة لا يمكن ان يقدم عليها عاقل؛ فهي تهدد وحدة البلاد، وستثير حربا أهلية، وتوقف مداخيل البلاد النفطية والغازية، وتؤدي الى انقطاع المساعدات الخليجية. ومن هنا فان التفسير الوحيد لهذا التصرف هو وجود مخطط ايراني لمهاجمة السعودية بواسطة الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على حدود اليمن مع السعودية من الجوف الى صعدة". انتهى الاقتباس. وفي مقال آخر بعنوان " الحوثي والسعودية قراءة للاحتمالات" بتاريخ 25 يناير 2015 كتبت اقول: "صنعت تصرفات الحوثي الهمجية له مأزقا مستحيلا لا يمكن له الخروج منه سليما، الامر الذي جعل الكثير من المحللين السياسيين يستغربون هذا التهور اللاعقلاني، على الرغم من تمتع الحوثيين بمشورة سياسية وعسكرية ايرانية رفيعة ومحترفة. وباستعراض مسيرة الحوثي الاخيرة بين سبتمبر ويناير كان اللافت اصرار الحوثي على السيطرة على اقليم سبأ (محافظتي الجوفومارب). اهمية الجوف للحوثي تكمن في امتدادها الحدودي الكبير مع السعودية الامر الذي يجعلها مناسبة للهجمات التي ستنطلق منها، اما اهمية مارب فيتمثل في انها عمق سني في المنطقة القريبة من السعودية، وان فيها آبار نفط وغاز، ومصفاة صغيرة، ومحطات كهربائية غازية. وقد ظهر ان تركيز الحوثي في هجمته على بنية الدولة الشرعية انصب على استخدام القوات المسلحة لإخضاع المحافظتين، كمقدمة ضرورية لحماية ظهره، عندما يشرع في تنفيذ الهجمة الايرانية على السعودية بالأسلوب الداعشي". انتهى الاقتباس. وذلك هو الخطر الاستراتيجي الذي قضت عليه عاصفة الحزم. بعد الاعلان عن الانتقال الى المرحلة الثانية "عاصفة الامل" ، حيث تستمر قوات التحالف ل«عاصفة الحزم» بقيادة السعودية في مراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، الخاص بمنع تزويد الحوثيين المتحالفين مع إيران بالأسلحة، والبدء في مرحلة العمل الإنساني في اليمن، مع بقاء امكانية العودة الى العمل العسكري لفرض الأمن في أرجاء اليمن والحدود السعودية - اليمنية غير مستبعد، يواصل الحوثيون وحلفاؤهم اعتداءاتهم على اليمنيين، والتحرك المحظور، وتواصل عاصفة الحزم ضربهم. وتوجد الآن على الارض نواة لجيش نظامي مقاوم في عدن والضالع وابين وشبوة وحضرموت وتعز ومارب وغيرها تحتاج الى تنظيم وهيئة اركان وامكانيات مادية، تمكنها من استرداد البلاد من ايدي الحوثيين وميليشيا صالح، وتقتلعهم اقتلاعا. وتلك اولوية حاسمة.