عدن تنتهك كل يوم، المئات من العدنيين يستشهدوا دفاعا عن مدينتهم الجميلة، والآلاف من المدنيين البسطاء تحولوا إلى مقاوميين للغزاة الجدد. قد يتسائل سائل: لماذا تقاول عدن!!؟ لماذا لا تستسلم لتتار العصر الحديث كما أستسلمت صنعاء؟ هذا المتسائل لا يدرك حقيقة عدن وحقيقة سكانها المتشبعيين بقيم المدنية والحضارة، فالغزاة الجدد يريدون إعادة التأريخ لمئات بل لألوف السنيين إلى ما قبل الحضارات الإنسانية، وهذا ما لا تسمح به عدن، العدنيون اليوم يدافعون عن حقهم في الحياة والأمان والعيش الكريم، يبذلون أرواحهم رخيصة فداء لحضارتهم الشاهدة في معبد الهندوس وساعة بيج بن العدنية الحاضرة في قلعة صيرة والصهاريج وكنيسة القديسة ماريا. العدنيون أناس بسطاء ويحبون الحياة ويقدسونها ويتفننون في تجاوز المأسي والصراعات، متسامحون وطيبون، لكنهم من المستحيل أن يرضخوا للباطل أيا كان شكله أو مصدره، ولذلك أنتفضت عدن في وجه غزاتها ولم تخضع كصنعاء. اليوم تتكالب كل قوى الشر لقهر عدن واستباحتها، كل الشراذم الإجرامية تجمعت لهتك عرض عدن، نتذكر جميعا قصيدة الشاعر العراقي العظيم مظفر النواب حينما شبه الحكام العرب بالقواديين الذين صمتوا وهم يستمعون لفض بكارة القدس، ولكن ما يقوم به قوادوا اليوم يفوق ما قام به قوادوا الأمس تجاه القدس، قوادوا اليوم هم من يحاولون فض بكارة عدن، ولكنها أبت إلا أن تظل الشريفة العفيفة. يوغل الرئيس المخلوع صالح في حقده على عدن ويشاركه في ذلك مدعي الإصطفاء الإلهي عبدالملك الحوثي ويدفعا كليهما بمرتزقتهم الشماليين تجاه العروس عدن في عدوان لم يشهد التأريخ له مثيل في همجيته. اليوم قناصتهم في عدن لا تفرق بين من يحمل السلاح ومن لا يحمله، بين الرجل والمرأة والطفل، كل العدنيين هدف للقناص الذي يستمتع بوظيفته بقنص أي كائن حيء متحرك في عدن، حتى القطط والكلاب المتشردة لم تسلم من رصاصاتهم، قذائف مدفعيتهم ودباباتهم تُطلق ولا هدف لها سوى إحداث أكبر قدر من الموت، مسلحيهم يحاصرون عدن ويقطعون عنها الماء والغذاء والكهرباء والاتصالات.. هؤلاء ليس هدفهم السيطرة على عدن بل يريدون قتلها، هم أعداء الحياة ذاتها. قرأنا كثيراً عن جرائم الحرب التي مورست في فيتنام وألبانيا والبوسنة والهرسك وأفريقيا، ولكن ما يحدث اليوم بعدن أشد من كل تلك الجرائم، إنها جريمة الإبادة الأكثر قبحا في العالم كله. تكالب صالح والحوثي على عدن ولم نسمع من هادي وحكومته الخانعة غير الحديث عن شرعيتهم، ليس ذلك فحسب بل والإدعاء زوراً وبهتاناً أن عدن تقاوم من أجل شرعيتهم المزعومة، ليس هادي وحكومته غير شركاء لهما بالإجرام بل ومشرعنين لاحتلال عدن، ما زلنا نتذكر كيف كان هادي نفسه سمساراً لصالح في جريمته الأولى في إحتلال الجنوب عام 94. جميعهم ينتهكون عدن ويغتالونها، ولكلٍ ثأره معك يا حبيبتي عدن، فلا تُصلِّ على أحدٍ منهم، وحسبكِ أن تقولي: كفى أيها القتلة.