كان يلتقي كيري وظريف في كل من فينا وجنيف ومعهم باقي وزراء خارجية مجموعة الخمسة زائد واحدG5+1،ومع كل جولة نقاش ضمن مفاوضات مشروع إيران النووي تزداد حدة الصراع في المنطقة العربية،ابتداء من العراق وسوريا وصولا إلى اليمن،فبعد دخول الحوثيون صنعاء وتقدمهم باتجاه الجنوب وتحديدا مدينة عدن ومع اطلالتهم على مضيق باب المندب ثاني اهم ممر للملاحة الدولية بعد قناة السويس وثاني اهم ممر تطمح طهران بالسيطرة عليه بالتوازي مع مضيق هرمز لتعزيز موقعها الدولي على طاولات التفاوض،يظهر الحوثيين غير مكترثين بما حل باليمنيين منذ الوهلة الأولى لخلافهم مع الرئيس هادي ودون أدنى شعور بالسئولية بعد كل هذا الخراب. اليوم الثلاثاء توصلت الدول الغربية وإيران إلى اتفاق حول برنامج إيران النووي وهذا يعني إتاحة الفرصة لأيقاف كل هذه الحروب المتصاعدة في الشرق الأوسط والعودة إلى ترتيب البيت الداخلي العربي وفقا لأطر جديدة. فلا يخفى على أحد بأن الإيرانيون قد لعبوا أوراقهم بذكاء منذ ثلاثة عقود وعملوا على مد جبهتهم القتالية في المنطقة إلى مشارف البحر الأبيض المتوسط ببناء علاقات استراتيجية مع كل من النظام السوري وحزب الله وصولا إلى دعمهم للحركة الحوثية في اليمن . ومع اهتمامهم على أن تكون المفاعلات النووية موزعة على اكثر من عشرين محافظة إيرانية وامتلاكهم لأجيال متطورة من الصواريخ والغواصات وفيالق الجند والتي جميعها عملت على الحد من إمكانية ضرب هذا المشروع النووي في العمق الإيراني ذاته،وهو الامر الذي عمل على أن ينحو الصراع بمنحى مختلف لتتحول المنطقة العربية وهي الأكثر هشاشة إلى ساحة صراع لقوى إقليمية ودولية كانت في غنى عنها لو لم تتمتع بتلك الخصوبة التي أنتجت مسوغات طائفية غاية في البشاعة لتبرير هذه الحرب، فقد ظهر على سبيل المثال لا الحصر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" والتي التهمت مناطق واسعة رغم الضربات الجوية التي يوجهها لها التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالامريكية. فمثلما كان نشوء تنظيم داعش يهدف لإرباك إيران في كل من العراق وسوريا،كانت طهران تعد العدة بدعمها للحركة الحوثية في اليمن باعتباره حظيرة خلفية للمملكة العربية السعودية ويجب ابتلاعه في اقرب فرصة،وهو الأمر الذي لم تسمح به مملكة آل سعود فشنت ما يسمى بعاصفة الحزم كضربة عسكرية جوية فاجأت الحوثيين وحلفائهم في الداخل اليمني،وكاتأكيد من قبلها بأن اليمن ملك للرياض ومن غير الممكن التفريط به. في المقابل كان جليا أن كل ما تسعى اليه الجمهورية الاسلامية ليس اكثر من استخدام الحركة الحوثية كورقة ضغط تعزز من خلالهم موقعها الإقليمي والدولي وإن على حساب الشعب اليمني ودماء أبناءه،وهو الدور الذي أرتضت الحركة الحوثية تأديته بكل جدارة غير مكترثة بأولويات بلد يكتظ بقرابة الثلاثين مليون نسمة وإلا لكانت اختارت طريق مغاير تماماً لما تقوم به الان. كل هذا ليس اكثر من شذرات لتداعيات ملف ايران النووي وتداخل مصالح إقليمية ودولية في المنطقة نحن من يدفع تكاليفها لأجيال قادمة. لكن ومع كل ذلك وبرغم أن جوهر الأتفاق هو تجريد إيران من قرابة 98٪ من اليورانيوم المخصب وتخفيض اجهزة الطرد المركزي لقرابة الثلثين لقطع الطريق على إيران لأمتلاك سلاح نووي، يبقى السؤال الأهم هل بعد أن اتفقت إيران والقوى الدولية الكبرى على صيغة حل سيمثل عامل استقرار للمنطقة يجنبها المزيد من الدماء والدمار ام أن ذلك لن يحدث وإن وقع هكذا اتفاق؟ [email protected]