أتخذت الأنظمه العربية المستبدة منذ تشكلها في القرن الماضي سياسىة التجهيل ضد شعوبها, وسارت في طريق قمع الحريات محاولة تحويل المجتمعات إلى قطيع منمط مستلب الإرادة, مستخدمه في ذلك وسائل عدة مثل : المناهج الدراسية التي لا تخلو من تمجيد هذه الأصنام المعجزة. وكذلك شيدت مؤسسات إعلامية بمبالغ ضخمة هدفها ترويض الشعوب وتكريس ثقافة القائد الضرورة , كما استفادت تلك السلطات من مثقفي الدفع المسبق ممن أمتهنوا الحديث باسم الجماهير لبيع بضاعتهم للحاكم مقابل منصب أو جاه أو مال, وحتى القوى التي كانت تدعي النضال تحولت في بعض الأحيان إلى قوى مروضة استكانت للواقع .لقد أصبحت مؤسساتنا وشوارعنا تضج بألاف المادحين والمخبرين الذين يتتبعون حركاتنا وهمساتنا وأنفاسنا, ناهيك عن أقوال وكتابات آلاف العبيد الذين يمجدون صبح مساء الحاكم الأسطورة الذي وفر الأمن والأمان لشعبه. لقد أثبتنا أننا شعوب تعادي التقدم والحرية ونحب العيش في ضلال العبودية وفي ذلك يرى الدكتور محمد شحرور : إن ثقافة العبودية متجذره في العقل العربي الجمعي ثقافة السيد والعبد والطاعة العمياء, وهي متجذره تحت عناوين مختلفة, طاعة أولي الأمر, بر الوالدين, قوامة الرجل, أطروحة الشرف والعرض, وكلها نماذج لعلاقة العبودية,. فالشرير والخير والملحد والمؤمن والفاجر والتقي كلهم عباد الله وليسوا عبيده, لأن العبيد لا خيار لهم والعباد لهم حرية الاختيار. وإذا لم نتخلص من المشكلة الكبيرة في ثقافتنا وهي,, أطروحة الناس عبيد الله,, ونضع بدلا عنها عباد الله سيبقى من السهل علينا تقبل لقب أمير المؤمنين، خليفة المسلمين، القائد الخالد القائد الرمز القائد التاريخي والقائد الملهم. وكما قال الكواكبي في كتابه طبائع الأستبداد (( يستحق على الشعوب أن يدفعوا في النهايه ثمن سكوتهم الطويل على الظلم وقبولهم القهر والذل والأستعباد. وعدم تأملهم في معنى الأيه الكريمه "واتقوا فتنه لا تصيب الذين ظلمو"..... ))..