في نهاية الحلقة الثامنة تسقط هند مثل كيس اسمنت الى تحت سطح مكتبها العريض وتختبئ في جوف المكتب مفزوعة من لعلعلة رصاص معركة نشبت في ساحة الوزارة لا تعرف بعد عنها شيئاً . دبوان يذرع مكتبها جيئةً وذهاباً لا يعرف هو الاخر ماذا حصل وماذا عليه أن يفعل الى أن نصحته هند بأن يتوجه الى دولاب ثيابها في غرفة المكتب ويختبئ هناك الى حين ، فجسمه الضئيل يساعده على حشر نفسه في الدولاب. وفيما هو يهم بفعل ذلك رن التلفون فأجاب دبوان على صاحب المكالمة وكانت من بوابة حراسة الوزارة وعرف من التلفون بأن معركة نشبت بين حراسته وحراسة النائب الجديد "وهبان" الحلقة التاسعة "ليلة القبض على هند" تتذكر هند وهي في مخبأها تحت سطح مكتبها العريض تلك الليلة الرهيبة التي غيرت مجرى حياتها ، وقد ذكًرها مخبأها بقفص الخرفان الذي حُبست فيه أكثر من ساعتين ! لقد ضبطها جمعان الحداد بالصدفة وهو يهرع الى خارج بيته ليسعف زوجته الى مستشفى الولادة بعد أن جاءها الطلق وعصفت بها الام الولادة حوالي الساعة الرابعة بعد منتصف الليل والشارع لا يزال مظلماً . جمعان الحداد كان نحيل الجسم ولكنه قوي البنية وخفيف الحركة بعكس جاره عياش الجزار . فأول ما فعله جمعان كان أن قفز مثل القط على المجرم وامسك به من راسه وهو مغطى بلحاف بني داكن له ريحه مقززه جعلت جمعان يكتفي بإمساكه عن بُعد بمسافة ذراعة ، ويصيح بأعلى صوته .. " يا عياش ... يا عياش أخرج فوراًلقد امسكت بالمجرم وهو يغلق بابك ...انه ولد صغير تعال امسك به انا مستعجل "! خرج عياش الجزار وهو يحمل ساطوره وكان رجلاً ضخم الجثة ولما رأى ان المجرم طفل رمى بساطوره جانباً وسحب المجرم الصغير الى داخل الدار. اما جمعان فقد اسرع صوب زوجته التي كانت تتلوى من الألم وقد تمكنت من الخروج وهي متكئة على ابنها الأكبر وابنتها ايضاً فأخذها بسيارته وانطلق مسرعاً صوب المستشفى . نزع عياش الجزار اللحاف الذي كان يتغطى به المجرم الصغير واذا به وجهاً لوجه امام هندابنة الحاج مبارك اغلى زبون عنده في الحي !! ومن وراء الباب أعلى السلم المؤدي إلى غرفة نوم عياش الجزار ،" ماذا هناك يا عياش ؟ هل السارق ولد صغير "؟ " نعم يا أم صلاح ... أقفلي الباب وعودي إلى النوم ... هذا ولد مسكين وصغير وسأطلق سراحه الأن " كان عياش الجزار يكلم زوجته وهو ينظر بدهشة بالغة إلى هند واضعاً أصبع يده اليسرى على فمه بإشارة منه لهند بأن لا تصدر أي صوت . اما هند لم تقاوم ولم تصدر أي صوت يدل على الفزع بل ظلت واقفه ومتحجره ترمق عياش بعينين صفراوتين مثل عيني البومة . جلس عياش في الدرجة الأخيرة من السلم وربت على كتف هند وأصبعه المحذرة لا زالت على فمه .... ودنا من هند وهمس في أذنها .... " الأن يا بنت مبارك فهمت لُغز تلك الليلة المرعبة " وسألها بصوت حاد النبره " هل كنتي وراء حادث با زقزوق"؟ لم تستطع هند الا أن تعترف بأنها دبرت ذلك المشهد فاستقام عياش بصورة مفاجأة وقال : " لقد أخفتي الحي بأكمله يا بنت اليهودية وتسببتي بمرض المسكين بازقزوق الذي لا يزال طريح الفراش ونحن نرعاه مع والدك واتداول الاذان أنا وابوك وجمعان حتى يشفى المؤذن من مرضه والليلة كان دوري في الأذان فتأتين مثل شيطان الرجيم لإغلاق بابي لكي لا أذهب الى المسجد !! من الذي يعلمك تفعلي مثل هذا الفعل الشيطاني ؟ تكلمي!! وقرص أذنها حتى كاد أن ينتزعها من مكانها . بكت هند بحُرقه ولكنها لم تتفوه بشيء " ترفضين الاعتراف يا بنت اليهودية "! قام واخذ لحافها وربط به يديها الى خلفها وحملها من شعرها الاجعد ورفعها كما يُرفع "المشجُب" ثم حملها الى قفص في ركن الزريبة وفيهخروفان ووضعها داخل ذلك القفص واغلق القفص من الخارج متوعداً بان يبقيها في القفص حتى بعد صلاة الفجر سياتي اليها مع ابيها لكي يعرفان من يقف وراءها في ما تقوم به من افعال شيطانية تسببت لفتره طويله في اقلاق مضاجع أهل الحي بأكملهم وكان واثقاً بأن هناك شخصاً ما كبيراً في السن يُحرض هنداًعلى القيام بهذه الاعمال الابليسية التي لا يمكن أن تكون من افعال طفل في الثانية عشر من عمره خصوصاً إذا كان بنتاً !!