المقاومات الشعبية في أي دولة من دول العالم تتشكل تحت ظروف قاهرة, لكنها تتحول الى اشكال اخرى بعد انتهاء تلك الظروف. في الجنوب تشكلت المقاومة الشعبية بطريقة عفوية عندما غزى الحوافيش مدن الجنوب واستولوا على مؤسساتها ونهبوا معسكراتها وافرغوا مؤسساتها الامنية من منتسبيها وعاثوا في الارض فسادا وقتلا وتدمير. في تلك الظروف القاهرة كان لزاما على كل الخييرين من ابناء الشعب الذوذ عن مكتسباتهم وممتلكاتهم ومدنهم وحماية منجزات ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين. بعد صراع عنيف ومرير مع الغزاة الجدد, انتصرت مقاومة الجنوب واستعادت الدولة وبدات الحياة تدب في مؤسساتها, حينها قامت الدولة بتاهيل شباب المقاومة ودمجهم في المؤسستين الامنية والعسكرية وتوجه معظمهم الى المرابطة في الثغور والجبهات المشتعلة, وانتشرت قوة امنية جديدة في كل شوارع عدن ومحيطها تحت مسمى الحزام الامني التابع لادارة امن عدن ومكونة بشكل كامل من شباب المقاومة الشعبية بكل اطيافها الوطنية. على اثر ذلك اعلنت القيادة الحقيقية للمقاومة الشعبية الجنوبية عن انتهاء وظيفتها وحل نفسها تاركة الامر لمؤسسات الدولة لتتسلم المواقع والمعسكرات والسلاح حتى تتمكن من القيام بوظائفها. إلى هنا والامور طبيعية ومنطقية, فاين هي المشكلة في الجنوب بعد تحرره؟ المشكلة في الجنوب تنقسم الى ثلاثة إشكاليات وهي: الاشكالية الاولى هي عزوف قيادات الدولة والحكومة عن الاقامة في عدن ليكونوا قريبين من الواقع وهموم الوطن والمواطن وحل مشكلاته بسرعة وسلاسة, لكنها فضلت الاقامة في فنادق الرياض والتهاون فيما يتعلق بهموم المواطن واحتياجاته الضرورية في الخدمات والامن وغيره. الاشكالية الثانية هي في استغلال الحوافيش للوضع غير الطبيعي لحكومة الشرعية وقيادات الدولة, فحركت خلاياها الارهابية في المناطق المحررة لتعيث في الارض فسادا عبر مسلسل التفجيرات المتنقلة والاغتيالات وتخريب المرافق الخدمية المرتبطة بالمواطن ونشر البلبلة والفتن والتحريض ضد قيادات الدولة والمقاومة والاجهزة الامنية الفتية. المشكلة الثالثة والاهم تتلخص في اختراق المقاومة من قبل بعض العناصر المندسة والتي تعمل على تشويه المقاومة والمؤسسات الامنية والعسكرية التي انظموا اليها. الاخطر من ذلك هو ظهور ما يسمى بقيادات المقاومة الجنوبية التي لم تنظم الى أي من المؤسستين الامنية او العسكرية وبقيت في شوارع عدن تجمع حولها المهمشين والعاطلين وتشكل منهم مليشيات ومربعات امنية تتبعها وتستخدمها في تهديد المواطنين ورجال الاعمال والمؤسسات العامة والخاصة وفي جباية الاموال والاتاوات تحت ذريعة توفير الحماية لهم, إضافة الى استيلائها على ممتلكات الغير والمتاجرة فيها ليتم مؤخرا الكشف عن ان معظم منفذي العمليات الارهابية في عدن ومموليها كانوا ظمن اتباع بعض تلك القيادات او مرافقيهم, حيث استغل اولئك الارهابيين تلك العلاقة للتغطية على تحركاتهم واعمالهم التخريبية والارهابية الدنيئة. في الاخير فاني ارى بان حل هذه الاشكاليات تتلخص في الاتي: 1- عودة قيادات الدولة والحكومة الى ممارسة مهامهم من داخل عدن والاستقرار فيها وحل مشاكل المواطنين مباشرة. 2- تكثيف الحملات الامنية ضد الخلايا الارهابية والعصابات التخريبية والبلطجية, والاستفادة من امكانات المواطنين في دعم الاجهزة الامنية الجديدة. 3- إعادة دراسة وضع مايسمى بقيادات المقاومة الجنوبية وترتيب اوضاعهم بعد التخلص من مربعاتهم الامنية والمليشيات التابعة لهم ونزع اسلحتها, ونشر الوحدات الامنية الرسمية في المناطق التي كانت تحت هيمنتهم. 4- دمج كوادر المقاومة الجنوبية في سلطات الدولة المختلفة ومؤسساتها وليس في الجيش فقط للاستفادة من خبراتها كلا في مجال تخصصه. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet