أردتُ ان أُحِبَ كان صوت الرصاص هادراً جهوري أمسكت بتلابيبه، اعتليت درجاته علني أبلغ نهايته.. نهايتي، الرصاص يعتلي الشرفات، يضاجع الطرقات، يداهم غرف النوم ويهتف "حيّا بداعي الموت" . لأنني أردت ان أحب، كان أزيز الموت يجاورني، يسكن في المسافة الفاصلة مابين بيني وبيني ليعتريني.. للموتِ وهجٌ وإني راحل. قذفت بروحي بعيداً كي لا يطاولها.. حملت بعضي المتخن بالجراح هارباً الى ملكوت الحياة، فتعثرت قدماي حتى سقطت في بحيرة النار . كان داعي الموت يطاردني بزوامله لأنني أنا اليماني اقترفت الخطيئة العظمي وأنكرت حق السيد المختار. أردت أن أحب.. هل لي أن أمارس إنسانيتي؟! تراودني بعض شهوةٍ فيقتلها الأزلي.. هذا الموت نشيد السائرين الى الجبهات، يرفعون اسمه ويمجدون ملكه في الكهوف التي ماعرفت الحب. سيسقط المزيد، وسيجف الضرع قبل أن نرقص رقصة الفالس الأخيرة على أنغام لوركا وهو ينتفض طيراً مذبوحاً في حقول غرناطة. سنرقص على قرع برع العابرين عبر التاريخ.. دده دوم دده دوم لا نبالي، دم دم دم لا نبالي. أردت أن أحب، كنت اشاهده يسير بين البنادق عند بزوغ الصباح، كنت أطريه كي لا يأتيني بغتةً، أدندن له أغنيات الصغار عله يلين، أي موت هذا الذي يعترينا صبح مساء!، يحمله الباعة الجوالون بين الأمتعة، وتبتاعه الجموع مضغة قات . وانا أردت ان أحب. كانت الجريمة في آزال تلبس معطفاً متسخاً لجنود المختار في أسمالهم (يقتلون ليلبسوا مما تجود به جثت ضحاياهم... الكلاب تنعم بمآدب العراة الموتى) وفي أعلى الهضبة كان يقف السيد المختار يقبل الأطفال الذاهبون الى السماء ويمنحهم مفاتيح الخلاص. "النصر آت، النصر آت ونحن عشاق الممات". شيئاً فشيئاً يضمحل الحلم، ينضب الماء، تضيق السُّبل، ويتبخر التاجر المختار. سيذهب الجميع الى خط النار دون أن يعرفوا بأنني أردت أن أحب وإنني أردتهم أن يعرفوا وحسب. هل يقتلوا شغفي؟. أردت أن أحب هاهنا، في نفس السرير الذي يتقاتلون عليه، وحيداً في ملكوت حبي بدونهم. سيصعدون الى السماء في نفس السلم المقدس، سيغادرون دون أن يحيُّون بعضهم البعض، وستكون آخر نافذة تغلق ولن تفتح أخرى لأنني أريد أن أحب وكفى. سيبقى الذاهبون في خطٍ تصاعدي الى السماء حيث وعد السيد، وسأبقى محباً رغم انكساري، اتطلع الى من تبقى في الطرقات: شيخ معوق بلغمٍ أرضي ذاهب في الغسق تحمله عصاه، نشيجٌ يفور في مرجل العزاء لنساء لم يعدن نساء. كلاب متخمةٌ بالموت، أجنحة الملائكة متكسرة في المكان، وحدهن الحور العين يلحن في الأفق. أردت أن أحب هاهنا قبل أن أنال جنة الحب الآخرة. الكلمات تموت، حتى كلمة حب التي خربشتها في شغاف القلب، تموت... لم يبق لي إلا أن أحب اللاشيئ، حتى ماء السَّدِ صار غوراً. أنا اليماني هل لي أن أحب كما تحبون؟ أم أن حبي فسحةً بين الحروب.
نيويورك فبراير 2017 لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet