في الحروب لا يقتصر جنيّ الأموال المهولة على الدول المُصنعة والمُصدرة للسلاح، وإنما يتعداها ليشمل المنظمات الدولية، وتجار الحروب المحليين، ومبعوثي الأممالمتحدة إلى مناطق الاحتراب في العالم مثال على هؤلاء المبعوثين: جمال بن عمر، الذي أسهم إلى حدٍ كبير في إشعال النار في هذا البلد، وإسماعيل ولد الشيخ، المُكَلف بالحفاظ على منسوب هذا الاشتعال أطول فترة ممكنة!. ما يجب أن ندركه كيمنيين، أن الحرب الدائرة في هذا البلد منذُ أكثر من عامين ونصف العام، سواء في إطارها الداخلي، أو في إطارها الخارجي، لم تكن وليدة اللحظة التي سقطت فيها العاصمة في يد التحالف الداخلي. بل كان مخطط لها من قبل الكابوي الأمريكي منذ سنوات تتعدى العقد ونصف العقد من الزمن. مُرتكز هذا المخطط الأمريكي الذي يُنفذ اليوم على نارٍ هادئة، وبنفس هو الأكثر من طويل، هو الهاجس السعودي من تنامي القدرات العسكرية في خاصرته الجنوبية، يقابله رغبة أمريكية جامحة في جرّ المملكة إلى أتون حربٍ طاحنة مع جوارها تكون طرفاً مباشراً فيها لا مجرد داعم أو نصير. هذا المخطط ما كان له أن يبصر النور، أو أن يُفك أسره من أدراج البنتاجون الأمريكي؛ لمباشرة تنفيذه على أرض الواقع، لو لم يكن مسنوداً بذريعة يٍُسلم بها العالم، حتى لو كان ثمن هذه الذريعة هو إسقاط دولة برمتها، ونشر الفوضى في كل شبرٍ من جغرافيتها. عندما صرح هادي بعد 24 ساعة من سقوط العاصمة أن من يقف وراء هذا المشهد مؤامرة كبيرة، متعددة الأطراف، كان يستدل بهذا القول بما لديه من معلومات مسبقة بمسميات هذه الأطراف التي ربما كان على اتفاق معها في خلط الأوراق بحيث لا يتجاوز هذا الخلط حدود عمران؛ بُغية التخلص من القوى المشيخية النافذة، ومن بعض القوى العسكرية المحسوبة على حزب الإصلاح. عندما فوجئ هادي بتجاوز هذا الخط ووصول هشيم النار إلى قلب العاصمة ادرك لحظتها حقيقة الفخّ الذي نصبه الأمريكان، سيما من خلال صمت المبعوث الأممي بن عمر، إزاء هذا الاجتياح وطلبه من كل القوى السياسية التوقيع على وثيقة السلم والشراكة التي وقعت عليها كل القوى في منزل الرئيس هادي وهي مغمضة العينين، في تسليم واضح بالواقع الجديد التي فرضته مجريات الأحداث على أرض لواقع. بهذا المشهد الجديد كان جمال بن عمر قد أنجز مهمته على أكمل وجه، في انتظار مكافئته من قبل من خطط لهذا المشهد، لتُسلم مهمة استكمال المخطط طويل المدى لمبعوث آخر، أساس مهمته الجديدة هي الحفاظ على منسوب اشتعال النار في هذه الجغرافية التي تمثل للأمريكان مصلحة قصوى، طالما استطاعوا بعد جهد جهيد جرّ السعودية ودول خليجية إلى المواجهة العسكرية المباشرة، وما سيترتب على هذا الفعل المباشر من ضخٍ للأموال تصبُ في خزينة الكابوي الأمريكي، كما هي مصبات شلالات نياجرا. في ضوء هذا المخطط الأمريكي الواضح البصمات والمداءات التي ينشدها من وراء التنفيذ... أستغرب ممن يعلقون آمالاً على تحركات ولد الشيخ المكوكية، وكأنه صانع السياسات في أروقة الأممالمتحدة، وفي مجلس الأمن على وجه التحديد، لا مجرد "ببغاء" يردد في حضور الأطراف المتنازعة ما يُلقن به من قبل من خطط لهذه الحرب القذرة مقابل مرتبات مُغرية ووسائل نقل فارهة، ومقار سكن تحاكي قصور ألف ليلة وليلة، وأضواء إعلام تُشعره بالزهو كلما اتجه في أي مكان، وأبواب مقرات رئاسية وملكية وأميرية مشرعة أمامه على مصراعيها؛ لمقابلة الرؤساء والملوك والأمراء بحجة التباحث معهم حول آخر المستجدات في مشوار مهمته الأممية المفرغة أصلاً من أية أفكار قد تقود إلى حل. ولد الشيخ لمن لا يقرأ السياسة جيداً هو مجرد وسيط، لا يملك من أمره شيئاً؛ كونه لا يقدم ولا يؤخر في شيء، مهمته فقط نقل كلام هذا الطرف للطرف الآخر والعكس، وإذا ما أراد صبّ الزيت على النار لا يحتاج عند نقل الكلام غير لإضافة بعض البهارات المحرقة، بعدها يختفي لأشهر ليتيح لأدوات القتل والدمار أداء مهمتها ليظهر بعدها فجأة معلناً عن مبادرة جديدة هو يعرف مسبقاً أنها أبعد ما تكون عن التطبيق. ولد الشيخ لمن يُعلق عليه آمالاً في وقف الحرب وإحلال السلام أقول له: هذا الوسيط الأممي ليس بيده شيء إنه مجرد فصل من فصول التآمر على هذا البلد، شأنه في هذا شأن سلفه بن عمر... إنه مجرد طالب الله يبحث عن رزقه وعن تحويشة عمره، وعندما ينتهي كورقة من أوراق فولتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية ومسوق السياسات الأمريكية في هذا الصرح الأممي، سيُستبدل ببغاء آخر، أكثر منه حفظاً وأكثر منه طلاقة. ..... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet